50 - (قل إن ضللت) عن الحق (فإنما أضل على نفسي) أي إثم ضلالي عليها (وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) من القرآن والحكمة (إنه سميع) للدعاء (قريب)
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: إن ضللت عن الهدى، فسلكت غير طريق الحق، فإنما ضلالي عن الصواب على نفسي، يقول: فإن ضلالي عن الهدى على نفسي ضره " وإن اهتديت " يقول: وإن استقمت على الحق " فبما يوحي إلي ربي " يقول: فبوحي الله الذي يوحي إلي، وتوفيقه للاستقامة على محجة الحق وطريق اهلدى.
وقوله " إنه سميع قريب " يقول: إن ربي سمع لما أقول لكم، حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به، أقرب إليه من حبل الوريد.
قوله تعالى: " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي" وذلك أن الكفار قالوا تركت دين آبائك فضللت. فقال له: قل يا محمد إن ضللت كما تزعمون فإنما أضل على نفسي. وقراءة العامة ضللت بفتح اللام. وقرأ يحيى بن وثاب وغيره: قل إن ضللت بكسر اللام وفتح الضاد من أضل، والضلال والضلالة ضد الرشاد. وقد ضللت (بفتح اللام) أضل (بكسر الضاد)، قال الله تعالى: " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي" فهذه لغة نجد وهي الفصيحة. وأهل العالية يقولون ضللت بالكسرأضل، أي إثم ضلالتي على نفسي. "وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي " من الحكمة والبيان "إنه سميع قريب " أي سميع ممن دعاه قريب الإجابة. وقيل وجه النظم: قل إن ربي يقذف بالحق ويبين الحجة، وضلال من ضل لا يبطل الحجة، ولو ضللت لأضررت بنفسي، لا أنه يبطل حجة الله، وإذا اهتديت فذلك فضل الله إذ ثبتني على الحجة إنه سميع قيريب.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين "ما سألتكم من أجر فهو لكم" أي لا أريد منكم جعلاً ولا عطاء على أداء رسالة الله عز وجل إليكم ونصحي إياكم وأمركم بعبادة الله "إن أجري إلا على الله" أي إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله "وهو على كل شيء شهيد" أي عالم بجميع الأمور بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم وما أنتم عليه.
وقوله عز وجل: "قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" كقوله تعالى: "يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده" أي يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض, وهو علام الغيوب فلا تخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض. وقوله تبارك وتعالى: " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " أي: جاء الحق من الله والشرع العظيم, وذهب الباطل وزهق واضمحل, كقوله تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح, ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ويقرأ "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً" " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الاية, كلهم من حديث الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة , عن ابن مسعود رضي الله عنه به, أي لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة وزعم قتاده والسدي أن المراد بالباطل ههنا إبليس, أي أنه لا يخلق أحداً ولا يعيده ولا يقدر على ذلك, وهذا وإن كان حقاً ولكن ليس هو المراد ههنا, والله أعلم.
وقوله تبارك وتعالى: "قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي" أي الخير كله من عند الله, وفيما أنزل الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد, ومن ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه, كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة أقول فيها برأيي, فإن يكن صواباً فمن الله, وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه. وقوله تعالى: "إنه سميع قريب" أي سميع لأقوال عباده قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه, وقد روى النسائي هنا حديث أبي موسى في الصحيحين "إنكم لاتدعون أصم ولا غائباً, إنما تدعون سميعاً قريباً مجيباً".
50- "قل إن ضللت" عن الطريق الحقة الواضحة "فإنما أضل على نفسي" أي إثم ضلالتي يكون على نفسي، وذلك أن الكفار قالوا له تركت دين آبائك فضللت، فأمره الله أن يقول لهم هذا القول "وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي" من الحكمة والموعظة والبيان بالقرآن "إنه سميع قريب" مني ومنكم يعلم الهدى والضلالة، قرأ الجمهور ضللت بفتح اللام، وقرأ الحسن ويحيى بن وثاببكسر اللام، وهي لغة أهل العالية.
وقد أخرج وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "وما بلغوا معشار ما آتيناهم" يقول: من القوة في الدنيا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه. وأخرج وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في الآية قال: يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيفكر ما بصاحبه من جنة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة "ما بصاحبكم من جنة" يقول: إنه ليس بمجنون. وأخرج هؤلاء عنه أيضاً في قوله: "ما سألتكم من أجر" أي من جعل فهو لكم، يقول: لم أسألكم على الإسلام جعلاً، وفي قوله: "قل إن ربي يقذف بالحق" قال: بالوحي، وفي قوله: "وما يبدئ الباطل وما يعيد" قال: الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك. وأخرج هؤلاء أيضاً عنه في قوله: "وما يبدئ الباطل وما يعيد" قال: ما يخلق إبليس شيئاً ولا يبعثه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن سعد في قوله: "إن ضللت فإنما أضل على نفسي" قال: إنما أوخذ بجنايتي.
50- "قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي"، وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، فقال الله تعالى: "قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي"، أي: إثم ضلالتي على نفسي، " وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي "، من القرآن والحكمة، "إنه سميع قريب".
50ـ " قل إن ضللت " عن الحق . " فإنما أضل على نفسي " فإن وبال ضلالي عليها لأنه بسببها إذ هي الجاهلة بالذات والأمارة بالسوء ، وبهذا الاعتبار قابل الشرطية بقوله : " وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي " فإن الاهتداء بهدايته وتوفيقه . " إنه سميع قريب " يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله وإن أخفاه .
50. Say: If I err, I err only to my own loss, and if I am rightly guided it is because of that which my Lord hath revealed unto me. Lo! He is Hearer, Nigh.
50 - Say: If I am astray, I only stray to the loss of my own soul: but if I receive guidance, it is because of the inspiration of my Lord to me: if is He Who hears all things, and is (ever) near.