50 - (قل أرأيتم) أخبروني (إن أتاكم عذابه) أي الله (بياتاً) ليلاً (أو نهاراً ماذا) أي شيء (يستعجل منه) أي العذاب (المجرمون) المشركون ، فيه وضع الظاهر موضع المضمر وجملة الاستفهام جواب شرط : كقولك إذا أتيتك ماذا تعطيني ، والمراد به التهويل أي ما أعظم ما استعجلوه
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك: أرأيتم إن أتاكم عذاب الله بياتاً، يقول: ليلاً ونهاراً، وجاءت الساعة وقامت القيامة، أتقدرون على دفع ذلك عن أنفسكم؟ يقول الله تعالى ذكره: ماذا يستعجل من نزول العذاب، المجرمون الذي كفروا بالله، وهم الصالون بحره دون غيرهم، ثم لا يقدرون على دفعه عن أنفسهم؟.
قوله تعالى: "قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا" ظرفان، وهو جواب لقولهم: "متى هذا الوعد" وتسفية لآرائهم في استعجالهم العذاب، أي إن أتاكم العذاب فما نفعكم فيه، ولا ينفعكم الإيمان حينئذ. "ماذا يستعجل منه المجرمون" استفهام معناه التهويل والتعظيم، أي ما أعظم ما يستعجلون به، كما يقال لمن يطلب أمراً يستوخم عاقبته: ماذا تجني على نفسك! والضمير في منه قيل: يعود على العذاب، وقيل: يعود على الله سبحانه وتعالى. قال النحاس: إن جعلت الهاء في منه تعود على العذاب كان لك في ماذا تقديران: أحدهما أن يكون ما في موضع رفع بالابتداء، و ذا بمعنى الذي، وهو خبر ما والعائد محذوف. والتقدير الآخر أن يكون ماذا اسماً واحداً في موضع رفع بالابتداء، والخبر في الجملة، قاله الزجاج: وإن جعلت الهاء في منه تعود على اسم الله تعالى جعلت ما، و ذا شيئاً واحداً، وكانت في موضع نصب البخاريـيستعجل، والمعنى: أي شيء يستعجل منه المجرمون من الله عز وجل.
يقول تعالى مخبراً عن كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذاب وسؤالهم عن وقته قبل التعيين مما لا فائدة لهم فيه كقوله: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق" أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عيناً, ولهذا أرشد تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى جوابهم فقال: "قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً" الاية, أي لا أقول إلا ما علمني ولا أقدر على شيء مما استأثر به إلا أن يطلعني الله عليه فأنا عبده ورسوله إليكم وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة ولم يطلعني على وقتها ولكن "لكل أمة أجل" أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم "فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" كقوله: "ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها" الاية, ثم أخبر أن عذاب الله سيأتيهم بغتة فقال: "قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً ؟" أي ليلاً أونهاراً " ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون " يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا "ربنا أبصرنا وسمعنا" الاية, وقال تعالى: "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون" "ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد" أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتاً وتقريعاً كقوله: " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ".
قوله: 50- "قل أرأيتم إن أتاكم عذابه" هذا منه سبحانه تزييف لرأي الكفار في استعجال العذاب بعد التزييف الأول: أي أخبروني إن أتاكم عذاب الله "بياتاً" أي وقت بيات، والمراد به الوقت الذي يبيتون فيه وينامون ويغفلون عن التحرز، والبيات بمعنى التبييت اسم مصدر كالسلام بمعنى التسليم، وهو منتصب على الظرفية، وكذلك نهاراً: أي وقت الاشتغال بطلب المعاش والكسب، والضمير في منه راجع إلى العذاب، وقيل: راجع إلى الله، والاستفهام في "ماذا يستعجل منه المجرمون" للإنكار المتضمن للنهي كما في قوله: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" ووجه الإنكار عليهم في استعجالهم أن العذاب مكروه تنفر منه القلوب وتأباه الطبائع فما المقتضى لاستعجالهم له؟ والجملة المصدرة بالاستفهام جواب الشرط بحذف الفاء، وقيل: إن الجواب محذوف، والمعنى: تندموا على الاستعجال، أو تعرفوا الخطأ منكم فيه، وقيل: إن الجواب قوله: "أثم إذا ما وقع" وتكون جملة "ماذا يستعجل منه المجرمون" اعتراضاً، والمعنى: إن أتاكم عذبه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان. والأول أولى. وإنما قال يستعجل منه المجرمون ولم يقل يستعجلون منه للدلالة على ما يوجب ترك الاستعجال، وهو الإجرام، لأن من حق المجرم أن يخاف من العذاب بسبب إجرامه، فكيف يستعجله؟ كما يقال لمن يستوخم أمراً إذا طلبه: ماذا تجني على نفسك. وحكى النحاس عن الزجاج أن الضمير في "منه" إن عاد إلى العذاب كان لك في "ماذا" تقديران: أحدهما: أن تكون ما في موضع رفع بالابتداء، وذا بمعنى الذي، وهو خبر ما، والعائد محذوف. والتقدير الآخر: أن يكون "ماذا" إسماً واحداً في موضع رفع بالابتداء، والخبر ما بعده، وإن جعل الضمير في "منه" عائداً إلى الله تعالى كان "ماذا" شيئاً واحداً في موضع نصب بيستعجل، والمعنى: أي شيء يستعجل منه المجرمون: أي من الله عز وجل.
50-قوله تعالى: "قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً"ن ليلا، "أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون"، أي: ماذا يستعجل من الله المشركون. وقيل: ماذا يستعجل من العذاب المجرمون، وقد وقعوا فيه. وحقيقة المعنى: أنهم كانوا يستعجلون العذاب، فيقولون: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" (الأنفال-32). فيقول الله تعالى: "ماذا يستعجل" يعني: أيش يعلم المجرمون ماذا يستعجلون ويطلبون، كالرجل يقول لغيره وقد فعل قبيحا ماذا جنيت على نفسك.
50."قل أرأيتم إن أتاكم عذابه"الذي تستعجلون به."بياتاً"وقت بيات واشتغال بالنوم."أو نهاراً"حين كنتم مشتغلين بطلب معاشكم ."ماذا يستعجل منه المجرمون"أي شيء من العذاب يستعجلونه ،وكله مكروه لا يلائم الاستعجال وهو متعلق بـ"أرأيتم"لأنه بمعنى أخبروني ، والمجرمون وضع موضع الضمير للدلالة على أنهم لحرمهم ينبغي أن يفزعوا من مجيء العذاب لا أن يستعجلوه، وجواب الشرط محذوف وهو تندموا على الاستعجال ، أو تعرفوا خطأه ، ويجوز أن يكون الجواب ماذا كقولك إن أتيتك ماذا تعطيني وتكون الجملة متعلقة بـ"أرأيتم" أو بقوله:
50. Say: Have ye thought: When His doom cometh unto you as a raid by night, or in the (busy) day; what is there of it that the guilty ones desire to hasten?
50 - Say: Do ye see, if his punishment should come to you by day, what portion of it would the sinners wish to hasten?