5 - (والرجز) فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالأوثان (فاهجر) أي دم على هجره
ك واخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما فلما أكلوا قال ما تقولون في هذا الرجل فقال بعضهم ساحر وقال بعضهم ليس بساحر وقال بعضهم كاهن وقال بعضهم ليس بكاهن وقال بعضهم شاعر وقال بعضهم ليس بشاعر وقال بعضهم سحر يؤثر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزن وقنع رأسه وتدثر فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر إلى قوله تعالى ولربك فاصبر
" والرجز فاهجر " اختلف القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قراء المدينة وعامة قراء الكوفة : ( والرجز ) بكسر الراء ، وقرأه بعض المكيين والمدنيين " والرجز " بضم الراء ، فمن ضم الراء وجهه إلى الأوثان ، وقال : معنى الكلام : والأوثان فاهجر عبادتها ، واترك خدمتها ، ومن كسر الراء وجهه إلى العذاب ، وقال : معناه : والعذاب فاهجر ، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، والضم والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد ، ولم نجد أحداً من متقدمي أهل التأويل فرق بين تأويل ذلك ، وإنما فرق بين ذلك فيما بلغنا الكسائي .
واختلف أهل التأويل في معنى " الرجز " في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو الأصنام .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " الرجز فاهجر " يقول : السخط وهو الأصنام .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " والرجز فاهجر " قال : الأوثان .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل قال : أبو جعفر : أحبسه أنا عن جابر عن مجاهد و عكرمة " والرجز فاهجر " قال : الأوثان .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " والرجز فاهجر " : إساف ونائلة وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري " والرجز فاهجر " قال : هي الأوثان .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " والرجز فاهجر " قال : الرجز : آلهتهم التي كانوا يعبدون ، أمره أن يهجرها ، فلا يأتيها ، ولا يقربها .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : والمعصية والإثم فاهجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم " والرجز فاهجر " قال الإثم .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " والرجز فاهجر " يقول : اهجر المعصية ، وقد بينا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع .
قوله تعالى : " والرجز فاهجر" قال مجاهد وعكرمة : يعني الأوثان، دليله قوله تعالى :" فاجتنبوا الرجس من الأوثان" [ الحج: 30] قاله ابن عباس وابن زيد. وعن ابن عباس ايضا: والمأثم فاهجر، أي فاترك. وكذا مغيرة عن ابراهيم النخعي قال : الرجز الإثم. وقال قتادة الرجز: اساف ونائلة، صنمان كانا عند البيت. وقيل : الرجز العذاب، على تقدير حذف المضاف، المعنى : وعمل الرجز فاهجر، او العمل المؤدي الى العذاب. واصل الرجز العذاب قال الله تعالى: " لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك" [ الأعراف: 134] وقال تعالى : " فأرسلنا عليهم رجزا من السماء" [ الأعراف: 162] فسميت الأوثان رجزا، لأنها تؤدي الى العذاب. وقراءة العامة(( الرجز)) بكسر الراء. وقرأ الحسن وعكرمة ومجاهد وابن محيصن وحفص عن عاصم(( والرجز)) بضم الراء وهما لغتان مثل الذكر والذكر. وقال ابو العالية والربيع والكسائي: الرجز بالضم: الصنم، وبالكسر: النجاسة والمعصية. وقال الكسائي ايضاً: بالضم: الوثن وبالكسر: العذاب . وقال السدي: الرجز بنصب الراء: الوعيد:
ثبت ,في صحيح البخاري من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر أنه كان يقول: أول شيء نزل من القرآن "يا أيها المدثر" وخالفه الجمهور فذهبوا إلى أن أول القرآن نزولاً قوله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" كما سيأتي ذلك هنالك إن شاء الله تعالى. قال البخاري : حدثنا يحيى , حدثنا وكيع عن علي بن المبارك , عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال: "يا أيها المدثر" قلت: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك وقلت له مثل ما قلت لي فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت, فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً, ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً, ونظرت أمامي فلم أر شيئاً ونظرت خلفي فلم أر شيئاً, فرفعت رأسي فرأيت شيئاً, فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبوا علي ماء بارداً ـ قال ـ فدثروني وصبوا علي ماء بارداً ـ قال ـ فنزلت " يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر "" هكذا ساقه من هذا الوجه. وقد رواه مسلم من طريق عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: "فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري قبل السماء, فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه حتى هويت إلى الأرض, فجئت إلى أهلي فقلت: زملوني زملوني فزملوني, فأنزل الله تعالى " يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر " قال أبو سلمة : والرجز الأوثان ـ ثم حمي الوحي وتتابع" هذا لفظ البخاري , وهذا السياق هو المحفوظ وهو يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله: "فإذا الملك الذي جاءني بحراء" وهو جبريل حين أتاه بقوله: "اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم" ثم إنه حصل بعد هذا فترة ثم نزل الملك بعد هذا.
ووجه الجمع أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة, كما قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج , حدثنا ليث , حدثنا عقيل عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابر بن عبد الله " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثم فتر الوحي عني فترة فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء, فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثيت منه فرقاً حتى هويت إلى الأرض, فجئت أهلي فقلت لهم زملوني زملوني فزملوني, فأنزل الله تعالى: "يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر" ثم حمي الوحي وتتابع" أخرجاه من حديث الزهري به. وقال الطبراني : حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار , حدثنا الحسن بن بشر البجلي , حدثنا المعافى بن عمران عن إبراهيم بن يزيد : سمعت ابن أبي مليكة يقول سمعت ابن عباس يقول: إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً, فلما أكلوا منه قال: ما تقولون في هذا الرجل ؟ فقال بعضهم: ساحر, وقال بعضهم ليس بساحر, وقال بعضهم كاهن, وقال بعضهم ليس بكاهن, وقال بعضهم: شاعر, وقال بعضهم: ليس بشاعر, وقال بعضهم: بل سحر يؤثر, فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزن وقنع رأسه وتدثر, فأنزل الله تعالى: "يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر" وقوله تعالى: "قم فأنذر" أي شمر عن ساق العزم وأنذر الناس, وبهذا حصل الإرسال كما حصل بالأول النبوة.
"وربك فكبر" أي عظم. وقوله تعالى: "وثيابك فطهر" قال الأجلح الكندي عن عكرمة , عن ابن عباس أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الاية "وثيابك فطهر" قال: لا تلبسها على معصية ولا على غدرة. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في الاية "وثيابك فطهر" قال: في كلام العرب نقي الثياب وفي رواية بهذا الإسناد فطهر من الذنوب, وكذا قال إبراهيم والشعبي وعطاء , وقال الثوري عن رجل عن عطاء عن ابن عباس في هذه الاية "وثيابك فطهر" قال: من الإثم, وكذا قال إبراهيم النخعي وقال مجاهد "وثيابك فطهر" قال: نفسك ليس ثيابك, وفي رواية عنه "وثيابك فطهر" أي عملك فأصلح, وكذا قال أبو رزين , وقال في رواية أخرى "وثيابك فطهر" أي لست بكاهن ولا ساحر فأعرض عما قالوا. وقال قتادة "وثيابك فطهر" أي طهرها من المعاصي, وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لدنس الثياب, وإذا وفى وأصلح إنه لمطهر الثياب, وقال عكرمة والضحاك : لا تلبسها على معصية. وقال الشاعر:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
وقال العوفي عن ابن عباس "وثيابك فطهر" يعني لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب, ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية, وقال محمد بن سيرين "وثيابك فطهر" أي اغسلها بالماء, وقال ابن زيد : وكان المشركون لا يتطهرون فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه, وهذا القول اختاره ابن جرير , وقد تشمل الاية جميع ذلك مع طهارة القلب, فإن العرب تطلق الثياب عليه كما قال امرؤ القيس:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وقال سعيد بن جبير "وثيابك فطهر" وقلبك ونيتك فطهر, وقال محمد بن كعب القرظي والحسن البصري : وخلقك فحسن, وقوله تعالى: "والرجز فاهجر" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : والرجز وهو الأصنام فاهجر, وكذا قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد : إنها الأوثان, وقال إبراهيم والضحاك "والرجز فاهجر" أي اترك المعصية, وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعالى: "يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين" "وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين". وقوله تعالى: "ولا تمنن تستكثر" قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها, وكذا قال عكرمة ومجاهد وعطاء وطاوس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم, وروي عن ابن مسعود أنه قرأ " ولا تمنن تستكثر " وقال الحسن البصري : لا تمنن بعملك على ربك تستكثره وكذا قال الربيع بن أنس واختاره ابن جرير , وقال خصيف عن مجاهد في قوله تعالى: "ولا تمنن تستكثر" قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير, قال: تمنن في كلام العرب تضعف, وقال ابن زيد : لا تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه عوضاً من الدنيا. فهذه أربعة أقوال والأظهر القول الأول, والله أعلم.
وقوله تعالى: "ولربك فاصبر" أي اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عز وجل قاله مجاهد . وقال إبراهيم النخعي : اصبر عطيتك لله عز وجل. وقوله تعالى: " فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير " قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وزيد بن أسلم والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد "الناقور" الصور, قال مجاهد : وهو كهيئة القرن. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أسباط بن محمد عن مطرف عن عطية العوفي عن ابن عباس "فإذا نقر في الناقور" فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ ؟ فقال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا"وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط به, ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن فضيل وأسباط كلاهما عن مطرف به, ورواه من طريق أخرى عن العوفي عن ابن عباس به.
وقوله تعالى: "فذلك يومئذ يوم عسير" أي شديد "على الكافرين غير يسير" أي غير سهل عليهم كما قال تعالى: "يقول الكافرون هذا يوم عسر", وقد روينا عن زرارة بن أوفى قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح, فقرأ هذه السورة فلما وصل إلى قوله تعالى: " فإذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير " شهق شهقة ثم خر ميتاً رحمه الله تعالى.
5- "والرجز فاهجر" الرجز معناه في اللغة العذاب، وفيه لغتان كسر الراء وضمها، وسمي الشرك وعبادة الأوثان رجزاً لأنها سبب الرجز. قرأ الجمهور "الرجز" بكسر الراء. وقرأ الحسن ومجاهد وعكرمة وحفص وابن محيصن بضمها. وقال مجاهد وعكرمة: الرجز الأوثان كما في قوله: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان" وبه قال ابن زيد. وقال إبراهيم النخعي: الرجز المأثم، والهجر الترك. وقال قتادة: الرجز إساف ونائلة، وهما صنمان كانا عند البيت. وقال أبو العالية والربيع والكسائي: الرجز بالضم الوثن وبالكسر العذاب. وقال السدي: الرجز بضم الراء الوعيد، والأول أولى.
5- "والرجز فاهجر"، قرأ أبو جعفر، وحفص عن عاصم ويعقوب: "والرجز" بضم الراء، وقرأ الآخرون بكسرها وهما لغتان ومعناهما واحد. قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والزهري، وابن زيد، وأبو سلمة: المراد بالرجز الأوثان، قال: فاهجرها ولا تقربها.
وقيل: الزاي فيه منقلبة عن السين، والعرب تعاقب بين السين والزاي لقرب مخرجهما، ودليل هذا التأويل قوله: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان" (الحج- 30).
وروي عن ابن عباس أن معناه: اترك المآثم.
وقال أبو العالية والربيع: "الرجز" بضم الراء: الصنم، وبالكسر: النجاسة والمعصية.
وقال الضحاك: يعني الشرك. وقال الكلبي: يعني العذاب.
ومجاز الآية: اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال.
5-" والرجز فاهجر " فاهجر العذاب بالثبات على هجر ما يؤدي إليه من الشرك وغيره من القبائح ، وقرأ يعقوب و حفص والرجز بالضم وهو لغة كالذكر .
5. Pollution shun!
5 - And all abomination shun!