49 - (ما ينظرون) ينتظرون (إلا صيحة واحدة) وهي نفخة إسرافيل الأولى (تأخذهم وهم يخصمون) بالتشديد أصله يختصمون نقلت حركة التاء إلى الخاء وادغمت في الصاد أي وهم في غفلة عنها بتخاصم وتبايع وأكل وشرب وغير ذلك وفي قراءة يخصمون كيضربون أي يخصم بعضهم بعضا
يقول تعالى ذكره: ما ينتظر هؤلاء المشركون الذين يستعجلون بوعيد الله إياهم، إلا صيحة واحدة تأخذهم، وذلك نفخة الفزع عند قيام الساعة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت الآثار.
ذكر من قال ذلكن وما فهي من الأثر:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا عوف بن أبي جميلة عن أبي المغيرة القواس، عن عبد الله بن عمرو، قال: ( لينفخن في الصور، والناس في طرقهم وأسواقهم ومجالسهم، حتى إن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان، فما يرسله أحدهما من يده حتى ينفخ في الصور، وحتى إن الرجل ليغدو من بيته فلا يرجع حتى ينفخ في الصور، وهي التي قال الله " ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون * فلا يستطيعون توصية " ... الآية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " تهيج الساعة بالناس والرجل يسقي ماشيته، والرجل يصلح حوضه، والرجل يقيم سلعته في سوقه، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه، وتهيج بهم كذلك، فلا يستطيعون توصيةً ولا إلى أهلهم يرجعون ".
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " ما ينظرون إلا صيحة واحدة " قال: النفخة نفخة واحدة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع، عمن ذكره، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر، قال أبو هريرة: يا رسول الله: وما الصور؟ قال: قرن، قال: وكيف هو؟ قال: قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله، ويأمره الله فيديمها ويطولها، فلا يفتر، وهي التي يقول الله " ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق "، ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق، فيقول: انفخ نفخة الصعف، فيصعف أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم خامدون، ثم يميت من بقي، فإذا لم يبق إلا الله الواحد الصمد، بدل الأرض غير والسماوات، فيبسطها ويسطحها، ويمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ثم يزجر الله الخلق زجرةً، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها كان على ظهرها ".
واختلفت القراء في قراءة قوله: " وهم يخصمون " فقرأ ذلك بعض قراء المدينة ( وهم يخصمون) بسكون الخاء وتشديد الصاد، فجمع بين الساكنين، بمعنى: يختصمون، ثم أدغم التاء في الصاد فجعلها صاداً مشددة، وترك الخاء على سكونها في الأصل. وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين ( وهم يخصمون) بفتح الخاء وتشديد الصاد بمعنى: يختصمون، غير أنهم نقلوا حركة التاء وهي الفتحة التي في يفتلعون إلى الخاء منها، فحركوها بتحريكها، وأدغموا التاء في الصاد وشددوها. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة: " يخصمون " بكسر الخاء وتشديد الصاد، فكسروا الخاء بكسر الصاد وأدغموا التاء في الصاد وشددوها. وقرأ ذلك آخرون منهم ( يخصمون) بسكون الخاء وتخفيف الصاد، بمعنى ( يفعلون) من الخصومة، وكأن معنى قارىء ذلك كذلك: كأنهم يتكلمون، أو يكون معناه عنده: كان وهم عند أنفسهم يخصمون من وعدهم مجيء الساعة، وقيام القيامة، ويغلبونه بالجدل في ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن هذه قراءات مشهورات معروفات في قراء الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهن قرأ القارىء فمصيب.
قال الله تعالى : " ما ينظرون " أي ما ينتظرون " إلا صيحة واحدة " وهي نفخة إسرافيل " تأخذهم وهم يخصمون " أي يختصمون في أمور دنياهم فيموتون في مكانهم ، وهذه نفخة الصعق . وفي < يخصمون > خمس قراءات : قرأ أبو عمرو و ابن كثير : < وهم يخصمون > بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد . وكذا روى ورش عن نافع . فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فرووا عنه < يخصمون > بإسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع بين ساكنين . وقرأ يحيى بن وثاب و الأعمش و حمزة : < وهم يخصمون > بإسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصمه . وقرأ عاصم و الكسائي < وهم يخصمون > بكسر الخاء وتشديد الصاد ، ومعناه يخصم بعضهم بعضاً . وقيل : تأخذهم وهم عند أنفسهم يختصمون في الحجة أنهم لا يبعثون . وقد روى ابن جبير عن أبي بكر عن عاصم ، و حماد عن عاصم كسر الياء والخاء والتشديد . قال النحاس : القراءة الأولى أبينها ، والأصل فيها يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فنقلت حركتها إلى الخاء . وفي حرف أبي < وهم يختصمون > _ وإسكان الخاء لا يجوز ، لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف مد ولين . وقيل :أسكنوا الخاء على أصلها ، والمعنى يخصم بعضهم بعضاً فحذف المضاف ، وجاز أن يكون المعنى يخصمون مجادلهم عند أنفسهم فحذف المفعول . قال الثعلبي : وهي قراءة أبي بن كعب . قال النحاس : فأما < يخصمون > فالأصل فيه أيضاً يختصمون ، فأدغمت التاء في الصاد ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين . وزعم الفراء أن هذه القراءة أجود وأكثر ، فترك ما هو أولى من إلقاء حركة التاء على الخاء واجتلب لها حركة وجمع بين ياء وكسرة ، وزعم أنه أجود وأكثر . وكيف يكون أكثر وبالفتح قراءة الخلق من أهل مكة وأهل البصرة وأهل المدينة ! وما روي عن عاصم من كسر الياء والخاء فللإتباع . وقد مضى هذا في < البقرة > في " يخطف أبصارهم " [ البقرة : 2 ] وفي < يونس > " يهدي " [ يونس : 35 ] وقال عكرمة في قوله جل وعز : " إلا صيحة واحدة " قال : هي النفخة الأولى في الصور . وقال أبو هريرة : ينفخ في الصور والناس في أسواقهم : فمن حالب لقحه ، ومن ذارع ثوباً ، ومن مار في حاجة . " وروى نعيم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فلا يطويانه حتى تقوم الساعة ، والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم الساعة ، والرجل يخفض ميزانه فما يرفعه حتى تقوم الساعة ، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما يبتلعها حتى تقوم الساعة " . " وفي حديث عبد الله بن عمر : وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله - قال - فيصعق ويصعق الناس " الحديث .
يخبر تعالى عن استبعاد الكفرة لقيام الساعة في قولهم: "متى هذا الوعد" "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها" قال الله عز وجل: "ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون" أي ما ينتظرون إلا صيحة واحدة, وهذه والله أعلم ـ نفخة الفزع, ينفخ في الصور نفخة الفزع, والناس في أسواقهم ومعايشهم يختصمون ويتشاجرون على عادتهم, فبينما هم كذلك إذ أمر الله عز وجل إسرافيل فنفخ في الصور نفخة يطولها ويمدها, فلا يبقى أحد على وجه الأرض إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً, وهي صفحة العنق يتسمع الصوت من قبل السماء, ثم يساق الموجودون من الناس إلى محشر القيامة بالنار تحيط بهم من جوانبهم, ولهذا قال تعالى: "فلا يستطيعون توصية" أي على ما يملكونه, الأمر أهم من ذلك "ولا إلى أهلهم يرجعون" وقد وردت ههنا آثار وأحاديث ذكرناها في موضع آخر, ثم يكون بعد هذا نفخة الصعق التي تموت بها الأحياء كلهم ما عدا الحي القيوم, ثم بعد ذلك نفخة البعث.
فأجاب الله سبحانه عنهم بقوله: 49- "ما ينظرون إلا صيحة واحدة" أي ما ينتظرون إلا صيحة واحدة، وهي نفخة إسرافيل في الصور "تأخذهم وهم يخصمون" أي يختصمون في ذات بينهم في البيع والشراء ونحوهما من أمور الدنيا، وهذه هي النفخة الأولى، وهي نفخة الصعق.
وقد اختلف القراءة في يخصمون، فقرأ حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خصم يخصم، والمعنى: يخصم بعضهم بعضاً، فالمفعول محذوف. وقرأ أبو عمرو وقالون بإخفاء فتحة الخاء وتشديد الصاد، وقرأ نافع وابن كثير وهشام كذلك إلا أنهم أخلصوا فتحة الخاء، وقرأ الباقون بكسر الخاء وتشديد الصاد. والأصل في القراءات الثلاث يختصمون فأدغمت التاء في الصاد، فنافع وابن كثير وهشام نقلوا فتحة التاء إلى الساكن قبلها نقلاً كاملاً، وأبو عمرو وقالون اختلسا حركتها تنبيهاً على أن الخاء أصلحها السكون، والباقون حذفوا حركتها، فالتقى ساكنان فكسروا أولهما. وروي عن أبي عمرو وقالون أنهما قرآ بتسكين الخاء وتشديد الصاد وهي قراءة مشكلة لاجتماع ساكنين فيها. وقرأ أبي يختصمون على ما هو الأصل.
49. قال الله تعالى: " ما ينظرون "، أي: ما ينتظرون، " إلا صيحةً واحدةً "، قال ابن عباس: يريد النفخة الأولى، " تأخذهم وهم يخصمون "، يعني: يختصمون في أمر الدنيا من البيع والشراء، ويتكلمون في المجال والأسواق.
قرأ حمزة: (( يخصمون )) بسكون الخاء وتخفيف الصاد، أي: يغلب بعضهم بعضاً بالخصام، وقرأ الآخرون بتشديد الصاد، أي: يختصمون. أدغمت التاء في الصاد، ثم ابن كثير و يعقوب وورش يفتحون الخاء بنقل حركة التاء المدغمة إليها، ويجزمها أبو جعفر وقالون، ويروم فتحة الخاء أبو عمرو، وقرأ الباقون بكسر الخاء.
وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم: " لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها ".
49 -" ما ينظرون " ما ينتظرون . " إلا صيحةً واحدةً " هي النفخة الأولى . " تأخذهم وهم يخصمون " يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم أمرها كقوله : " أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون " وأصله يختصمون فسكنت التاء أدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين ، وقرأ أبو بكر بكسر الياء للاتباع ، وقرأ ابن كثير و ورش و هشام بفتح الخاء على إلقاء حركة التاء إليه ، و أبو عمرو و قالون به مع الاختلاس وعن نافع الفتح فيه والإسكان والتشديد وكأنه جوز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني مدغماً ، وقرأ حمزة " يخصمون " من خصمه إذا جادله .
49. They await but one Shout, which will surprise them while they are disputing.
49 - They will not (have to) wait for aught but a single Blast: It will seize them while they are yet disputing among themselves.