49 - (قل جاء الحق) الإسلام (وما يبديء الباطل) الكفر (وما يعيد) أي لم يبق له أثر
" قل جاء الحق " يقول: قل لهم يا محمد: جاء القرآن ووحي الله " وما يبدئ الباطل " يقول: وما ينشىء الباطل خلقاً، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل: إبليس " وما يعيد " يقول: ولا يعيده حياً بعد فنائه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " قل إن ربي يقذف بالحق ": أي بالوحي " علام الغيوب * قل جاء الحق " أي القرآن " وما يبدئ الباطل وما يعيد " والباطل: إبليس: أي ما يخلق إبليس أحداً، ولا يبعثه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب "، فقرأ ( بل نقذف بالحق على الباطل) ( الأنبياء: 18) .. إلى قوله ( ولك الويل مما تصفون) ( الأنبياء: 18) قال: يزهق الله الباطل، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل، يدمغ بالحق على الباطل، فيهلك الباطل ويثبت الحق، فذلك قوله " قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ".
قوله تعالى: "قل جاء الحق" قال سعيد عن قتادة: يريد القرآن. النحاس: والتقديرجاء صاحب الحق أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج. "وما يبدئ الباطل " قال قتادة: الشيطان أي ما يخلق الشيطان أحداً. "وما يعيد" فـ( ـما) تفي. ويجوز أن يكون استفهاماً بمعنى أفي شيء أي جاء الحق فأفي شيء بقي للباطل حتى يعيده ويبدئه أي فلم يبق منه شيء، كقوله: "فهل ترى لهم من باقية" (الحاقة: 8) أي لا ترى.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين "ما سألتكم من أجر فهو لكم" أي لا أريد منكم جعلاً ولا عطاء على أداء رسالة الله عز وجل إليكم ونصحي إياكم وأمركم بعبادة الله "إن أجري إلا على الله" أي إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله "وهو على كل شيء شهيد" أي عالم بجميع الأمور بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم وما أنتم عليه.
وقوله عز وجل: "قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" كقوله تعالى: "يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده" أي يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض, وهو علام الغيوب فلا تخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض. وقوله تبارك وتعالى: " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " أي: جاء الحق من الله والشرع العظيم, وذهب الباطل وزهق واضمحل, كقوله تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق" ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح, ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة جعل يطعن الصنم منها بسية قوسه ويقرأ "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً" " قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الاية, كلهم من حديث الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة , عن ابن مسعود رضي الله عنه به, أي لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة وزعم قتاده والسدي أن المراد بالباطل ههنا إبليس, أي أنه لا يخلق أحداً ولا يعيده ولا يقدر على ذلك, وهذا وإن كان حقاً ولكن ليس هو المراد ههنا, والله أعلم.
وقوله تبارك وتعالى: "قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي" أي الخير كله من عند الله, وفيما أنزل الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد, ومن ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه, كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة أقول فيها برأيي, فإن يكن صواباً فمن الله, وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه. وقوله تعالى: "إنه سميع قريب" أي سميع لأقوال عباده قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه, وقد روى النسائي هنا حديث أبي موسى في الصحيحين "إنكم لاتدعون أصم ولا غائباً, إنما تدعون سميعاً قريباً مجيباً".
49- "قل جاء الحق" أي الإسلام والتوحيد. وقال قتادة: القرآن. وقال النحاس: التقدير صاحب الحق: أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج.
وأقول: لا وجه لتقدير المضاف، فإن القرآن قد جاء كما جاء صاحبه "وما يبدئ الباطل وما يعيد" أي ذهب الباطل ذهاباً لم يبق منه إقبال ولا إدبار ولا إبداء ولا إعادة قال قتادة: الباطل هو الشيطان: أي ما يخلق الشيطان ابتداء ولا يبعث، وبه قال مقاتل والكلبي. وقيل يجوز أن تكون ما استفهامية: أي أي شيء يبديه وأي شيء يعيده؟ والأول أولى.
49- "قل جاء الحق"، يعني: القرآن والإسلام، "وما يبدئ الباطل وما يعيد"، أي: ذهب الباطل وزقق فلم يبق منه بقية يبدئ شيئاً أو يعيد، كما قال تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه" (الأنبياء-48)، وقال قتادة: الباطل هو إبليس، وهو قول مقاتل والكلبي، وقيل: الباطل: الأصنام.
49ـ " قل جاء الحق " أي الإسلام . " وما يبدئ الباطل وما يعيد " وزهق الباطل أي الشرك بحيث لم يبق له أثر مأخوذ من هلاك الحي ، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة قال :
أقفز من أهله عبيد فاليوم لا يبدي ولا يعيد
وقيل الباطل إبليس أو الصنم ، والمعنى لا ينشئ خلقاً و لا يعيده ، أو لا يبدئ خيراً لأهله ولا يعيده . وقيل " ما " استفهامية منتصبة بما بعدها .
49. Say: The Truth hath come, and falsehood showeth not its face and will not return.
49 - Say: The Truth has arrived, and Falsehood neither creates anything new, nor restores anything.