49 - (تلك) أي هذه الآيات المتضمنة قصة نوح (من أنباء الغيب) أخبار ما غاب عنك (نوحيها إليك) يا محمد (ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا) القرآن (فاصبر) على التبليغ وأذى قومك كما صبر نوح (إن العاقبة) المحمودة (للمتقين)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هذه القصة التي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه ، "من أنباء الغيب" ، يقول : هي من أخبار الغيب التي لم تشهدها فتعلمها ، "نوحيها إليك" ، يقول : نوحيها إليك نحن ، فنعرفكها ، "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" الوحي الذي نوحيه إليك ، "فاصبر" ، على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته ، وما تلقى من مشركي قومك ، كما صبر نوح ، "إن العاقبة للمتقين" ، يقول : إن الخير من عواقب الأمور لمن اتقى الله ، فأدى فرائضه ، واجتنب معاصيه ، فهم الفائزون بما يؤملون من النعيم في الآخرة ، والظفر في الدنيا بالطلبة ، كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله ، أن نجاه من الهلكة مع من آمن به ، وأعطاه في الآخرة ما أعطاه من الكرامة ، وغرق المكذبين به فأهلكهم جميعهم .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" ، القرآن ،وما كان علم محمد صلى الله عليه وسلم وقومه ما صنع نوح وقومه ، لولا ما بين الله له في كتابه .
قوله تعالى: " تلك من أنباء الغيب " ( هود: 49) أي تلك الأنباء، وفي موضع آخر ( ذلك) أي ذلك النبأ والقصص من أنباء ما غاب عنك. " نوحيها إليك " أي لتقف عليها. " ما كنت تعلمها أنت ولا قومك " أي كانوا غير عارفين بأمر الطوفان، والمجوس الآن ينكرونه. " من قبل هذا " خبر أي مجهولة عندك وعند قومك. " فاصبر " على مشاق الرسالة وإذاية القوم كما صبر نوح. وقيل: أراد جهلهم بقصة ابن نوح وإن سمعوا أمر الطوفان فإنه على الجملة. ( فاصبر) أي اصبر يا محمد على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته، وما تلقى من أذى العرب الكفار، كما صبر نوح على أذى قومه. " إن العاقبة " في الدنيا بالظفر، وفي الآخرة بالفوز. " للمتقين " عن الشرك والمعاصي.
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه القصة وأشباهها: "من أنباء الغيب" يعني من أخبارالغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها نوحيها إليك أي نعلمك بها وحياً منا إليك "ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك وأذاهم لك فإنا سننصرك ونحوطك بعنايتنا ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والاخرة كما فعلنا بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا" الاية وقال تعالى: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " الاية وقال تعالى: "فاصبر إن العاقبة للمتقين".
والإشارة بقوله: 49- "تلك" إلى قصة نوح، وهي مبتدأ والجمل بعده أخبار "من أنباء الغيب" من جنس أنباء الغيب، والأنباء جمع نبأ وهو الخبر: أي من أخبار الغيب التي مرت بك في هذه السورة، والضمير في "نوحيها إليك" راجع إلى القصة، والمجيء بالمضارع لاستحضار الصورة "ما كنت" يا محمد "تعلمها أنت ولا" يعلمها "قومك" بل هي مجهولة عندكم من قبل الوحي، أو من قبل هذا الوقت "فاصبر" على ما تلاقيه من كفار زمانك، والفاء لتفريع ما بعدها على ما قبلها "إن العاقبة" المحمودة في الدنيا والآخرة "للمتقين" لله المؤمنين بما جاءت به رسله، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبشير له بأن الظفر للمتقين في عاقبة الأمر، ولا اعتبار بمباديه.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال: نادى نوح ربه فقال: رب إن ابني من أهلي، وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي، وإن ابني من أهلي. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن عباس قال: ما بغت امرأة نبي قط، وقوله: "إنه ليس من أهلك" يقول: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه قال: إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها "إنه عمل غير صالح" يقول: مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "فلا تسألن ما ليس لك به علم" قال: بين الله لنوح أنه ليس بابنه. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: "يا نوح اهبط بسلام منا" قال: أهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن الضحاك " وعلى أمم ممن معك " يعني ممن لم يولد، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة "وأمم سنمتعهم" يعني متاع الحياة الدنيا "ثم يمسهم منا عذاب أليم" لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال: ثم رجع إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال: "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك" يعني العرب "من قبل هذا" القرآن.
49-"تلك من أنباء الغيب"، أخبار الغيب، "نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا"، من قبل نزول القرآن، "فاصبر"، على القيام بأمر الله وتبليغ الرسالة وما تلقى من أذى الكفار كما صبر نوح، "إن العاقبة" آخر الأمر بالسعادة والنصرة "للمتقين".
49."تلك"إشارة إلى قصة نوح ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها :"من أنباء الغيب"أي بعضها"نوحيها إليك"خبر ثان والضمير لها أي موحاة إليك ،أو حال من الـ"أنباء"أو هو الخبر و"من أنباء" متعلق به أوحال من الهاء في "نوحيها"."ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا"خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك من قبل إيحائنا إليك ، أو حال من الهاء في نوحيها أو الكاف في "إليك" أي :جاهلاً أنت وقومك بها،وفي ذكرهم تنبيه على أنه لم يتعلمها إذ لم يخالط غيرهم وأنهم مع كثرتهم لما لم يسمعوها فكيف بواحد منهم. "فاصبر"على مشاق الرسالة وأذية القوم كما صبر نوح"إن العاقبة"في الدنيا بالظفر وفي الآخرة بالفوز ."للمتقين"عن الشرك والمعاصي.
49. This is of the tidings of the Unseen which We inspire in thee (Muhammad). Thou thyself knewest it not, nor did thy folk (know it) before this. Then have patience. Lo! the sequel is for those who ward on (evil)
49 - Such are some of the stories of the unseen, which we have revealed unto thee: before this, neither thou nor thy people knew them. so persevere patiently: for the end is for those who are righteous.