48 - (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) من آمن بالجنة (ومنذرين) من كفر بالنار (فمن آمن) بهم (وأصلح) عمله (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في الآخرة
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره : وما نرسل رسلنا إلا ببشارة أهل الطاعة لنا بالجنة والفوز المبين يوم القيامة، جزاءً منا لهم على طاعتنا، وبإنذار من عصانا وخالف أمرنا، عقوبتنا إياه على معصيتنا يوم القيامة، جزاءً منا على معصيتنا، لنعذر إليه فيهلك إن هلك عن بينة، "فمن آمن وأصلح"، يقول : فمن صدق من أرسلنا إليه من رسلنا إنذارهم إياه ، وقبل منهم ما جاؤوه به من عند الله، وعمل صالحاً في الدنيا، "فلا خوف عليهم"، عند قدومهم على ربهم ، من عقابه وعذابه الذي أعده الله لأعدائه وأهل معاصيه ، "ولا هم يحزنون"، عند ذلك على ما خلفوا وراءهم في الدنيا.
قوله تعالى :" وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين " أي بالترغيب والترهيب قال الحسن: مبشرين بسعة الرزق في الدنيا والثواب والآخرة، يدل على ذلك قوله تعالى : " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " [الأعراف: 96] ومعنى منذرين مخوفين عقاب الله فالمعنى: إنما أرسلنا المرسلين لهذا لا لما يقترح عليهم من الآيات، وإنما يأتون من الآيات بما تظهر معه براهينهم وصدقهم .
يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المكذبين المعاندين "أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم" أي سلبكم إياها كما أعطاكموها. كما قال تعالى: "هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار" الاية, ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما, الانتفاع الشرعي, ولهذا قال "وختم على قلوبكم" كما قال " أمن يملك السمع والأبصار " وقال "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه" وقوله "من إله غير الله يأتيكم به" أي هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم, إذا سلبه الله منكم لا يقدر على ذلك أحد سواه, ولهذا قال " انظر كيف نصرف الآيات " أي نبينها ونوضحها ونفسرها, دالة على أنه لا إله إلا الله, وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال, "ثم هم يصدفون" أي ثم هم مع هذا البيان, يصدفون أي يعرضون عن الحق, ويصدون الناس عن اتباعه, قال العوفي عن ابن عباس: يصدفون أي يعدلون, وقال مجاهد وقتادة: يعرضون, وقال السدي: يصدون. وقوله تعالى: "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة" أي وأنتم لا تشعرون به, حتى بغتكم وفجأكم, "أو جهرة" أي ظاهراً عياناً, "هل يهلك إلا القوم الظالمون" أي إنما كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله, وينجوا الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له, فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون, كقوله "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" الاية, وقوله "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين" أي مبشرين عباد الله المؤمنين بالخيرات, ومنذرين من كفر بالله النقمات والعقوبات, ولهذا قال "فمن آمن وأصلح" أي فمن آمن قلبه بما جاؤوا به, وأصلح عمله باتباعه إياهم, "فلا خوف عليهم" أي بالنسبة لما يستقبلونه "ولا هم يحزنون " أي بالنسبة إلى ما فاتهم وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدنيا وصنيعها, الله وليهم فيما خلفوه, وحافظهم فيما تركوه, ثم قال "والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" أي ينالهم العذاب, بما كفروا بما جاءت به الرسل, وخرجوا عن أوامر الله وطاعته, وارتكبوا من مناهيه ومحارمه وانتهاك حرماته .
قوله: 48- "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين" كلام مبتدأ لبيان الغرض من إرسال الرسل: أي مبشرين لمن أطاعهم بما أعد الله له من الجزاء العظيم، ومنذرين لمن عصاهم بما له عند الله من العذاب الوبيل: وقيل مبشرين في الدنيا بسعة الرزق وفي الآخرة بالثواب، ومنذرين مخوفين بالعقاب، وهما حالان مقدرتان: أي ما نرسلهم إلا مقدرين تبشيرهم وإنذارهم "فمن آمن وأصلح" أي آمن بما جاءت به الرسل "وأصلح" حال نفسه بفعل ما يدعونه إليه "فلا خوف عليهم" بوجه من الوجوه "ولا هم يحزنون" بحال من الأحوال، هذا حال من آمن وأصلح.
48- قوله عز وجل: " وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح "، العمل، " فلا خوف عليهم "، حين يخاف أهل النار، " ولا هم يحزنون "، إذا حزنوا.
48 " وما نرسل المرسلين إلا مبشرين " المؤمنين بالجنة . " ومنذرين " الكافرين بالنار ، ولم نرسلهم ليقترح عليهم ويتلهى بهم . " فمن آمن وأصلح " ما يجب إصلاحه على ما شرع لهم . " فلا خوف عليهم " من العذاب " ولا هم يحزنون " بفوات الثواب .
48. We send not the messengers save as bearers of good news and warners. Whoso believeth and doeth right, there shall no fear come upon them neither shall they grieve.
48 - We send the apostles only to give good news and to warn: so those who believe and mend (their lives), upon them shall be no fear, nor shall they grieve.