45 - (ألم تر) تنظر (إلى) فعل (ربك كيف مد الظل) من وقت الإسفار إلى وقت طلوع الشمس (ولو شاء) ربك (لجعله ساكنا) مقيما لا يزول بطلوع الشمس (ثم جعلنا الشمس عليه) أي الظل (دليلا) فلولا الشمس ما عرف الظل
يقول تعالى ذكره : " ألم تر " يا محمد " كيف مد " ربك " الظل " ، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
و بنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " يقول : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " قال : مده ما بين صلاة الصبح إلى طلوع الشمس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا " قال : الظل ، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيع ، قال : ثنا أبو محصن ، عن حصين ، عن أبي مالك ، قال " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " قال : ما يين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " كيف مد الظل " قال : ظل الغداة قبل أن تطلع الشمس .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : الظل :ظل الغداة .
قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " قال : مده من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " يعني من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس .
وقوله " ولو شاء لجعله ساكنا " يقول : و لو شاء لجعله دائما لا يزول ، ممدودا لا تذهبه الشمس ، ولا تنقصه .
و بنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ولو شاء لجعله ساكنا " يقول : دائما .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، و حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " ولو شاء لجعله ساكنا " قال : لا تصيبه الشمس ولا يزول .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " ولو شاء لجعله ساكنا " قال : لا يزول .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ولو شاء لجعله ساكنا " قال : دائما لا يزول .
وقوله " ثم جعلنا الشمس عليه دليلا " يقول جل ثناؤه : ثم دللناكم أيها الناس بنسخ الشمس إياه عند طلوعها عليه أنه من خلق ربكم ، يوجده إذا شاء ، ويفنيه إذا أراد ، ، و الهاء في قوله " عليه " من ذكر الظل .
ومعناه : ثم جعلنا الشمس على الظل دليلا . قيل : معنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس التي تنسخه لم يعلم أنه شيء إذا كانت الأشياء إنما تعرف بأضدادها بظير الحلو الذي إنما يعرف بالحامض و البارد بالحار ، وما أشبه ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ثم جعلنا الشمس عليه دليلا " يقول : طلوع الشمس
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا روقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " ثم جعلنا الشمس عليه دليلا " قال تحويه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله " ثم جعلنا الشمس عليه دليلا " قال : أخرجت ذلك الظل فذهبت به .
قوله تعالى : " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " يجوز أن تكون هذه الرؤية من رؤية العين ، ويجوز أن تكون من العلم . وقال الحسن و قتادة وغيرهما : مد الظل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . وقيل : هو من غيوبة الشمس إلى طلوعها . والأول أصح ، والدليل على ذلك أنه ليس من ساعة أطيب من تلك الساعة ، فإن فيها يجد المريض راحة و المسافر وكل ذي علة : وفيها ترد نفوس الأموات والأرواح منهم إلى الأجساد ، وتطيب نفوس الأحياء فيها . وهذه الصفة مفقودة بعد المغرب . وقال أبو العلية : نهار الجنة هكذا ، وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر . أبو عبيدة : الظل بالغداة والفيء بالعشي ، لأنه يرجع بعد زوال الشمس ، سمي فيئاً لأنه فاء من المشرق إلى جانب المغرب . قال الشاعر ، وهو حميد بن ثور يصف سرحة وكنى بها عن امرأة :
فلا الظل من برد الضحا تسطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق
قال ابن السكيت : الظل ما نسخته الشمس والفيء ما نسخ الشمس . وحكى أبو عبيدة عن رؤبة قال : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء ظل ، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل . " ولو شاء لجعله ساكنا " أي دائماً مستقراً لا تنسخه الشمس . ابن عباس : يريد إلى يوم القيامة ، وقيل : المعنى لو شاء لمنع الشمس الطلوع . " ثم جعلنا الشمس عليه دليلا " أي جعلنا الشمس بنسخها الظل عند مجيئها دالة على أن الظل شيء ومعنى ، لأن الأشياء تعلف بأضدادها ولولا الشمس ما عرف الظل ، ولو لا النور ما عرفت الظلمة . فالدليل فعيل بمعنى الفاعل . وقيل : بمعنى المفعول كالقتيل والدهين والخضيب . أي دللنا الشمس على الظل حتى ذهبت به ، أي أتبعناها إياه . فالشمس دليل أي حجة وبرها، وهو الذي يكشف المشكل ويوضحه . ولم يؤنث الدليل وهو صفة الشمس لأنه في معنى الاسم ، كما يقال : الشمس برهان والشمس حق .
يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأوه كما قال تعالى: "وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزواً" الاية, يعنونه بالعيب والنقص. وقال ههنا " وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا " أي على سبيل التنقيص والازدراء فقبحهم الله, كما قال " ولقد استهزئ برسل من قبلك " الاية. وقوله تعالى: "إن كاد ليضلنا عن آلهتنا" يعنون أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها. قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً "وسوف يعلمون حين يرون العذاب" الاية.
ثم قال تعالى لنبيه منبهاً أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال, فإنه لا يهديه أحد إلا الله عز وجل "أرأيت من اتخذ إلهه هواه" أي مهما استحسن من شيء ورآه حسناً في هوى نفسه كان دينه ومذهبه, كما قال تعالى: "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء" الاية, ولهذا قال ههنا "أفأنت تكون عليه وكيلاً" قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً, فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول. ثم قال تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون" الاية, أي هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة, فإن تلك تعقل ما خلقت له, وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له, وهم يعبدون غيره ويشركون به مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم.
لما فرغ سبحانه من ذكر جهالة الجاهلين وضلالتهم أتبعه بذكر طرف من دلائل التوحيد مع ما فيها من عظيم الإنعام، فأولها الاستدلال بأحوا الظل فقال: 45- "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل" هذه الرؤية إما بصرية، والمراد بها ألم تبصر إلى صنع ربك، أو ألم تبصر إلى الظل كيف مده ربك، وإما قلبية بمعنى العلم، فإن الظل متغير، وكل متغير حادث، ولكل حادث موجد. قال الزجاج "ألم تر" ألم تعلم، وهذا من رؤية القلب. قال: وهذا الكلام على القلب، والتقدير: ألم تر إلى الظل كيف مده ربك: يعني الظل من وقت الإسفار إلى طلوع الشمس وهو ظل لا شمس معه، وبه قال الحسن وقتادة. وقيل هو من غيبوبة الشمس إلى طلوعها. قال أبو عبيدة: الظل بالغداة الفيء بالعشي، لأنه يرجع بعد زوال الشمس، سمي فيئاً لأنه فاء من المشرق إلى جانب المغرب. قال حميد بن ثور يصف سرحة وكنى بها عن امرأة:
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق
وقال ابن السكيت: الظل ما نسخته الشمس، والفيء ما نسخ الشمس. وحكى أبو عبيدة عن رؤية قال: كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وظل، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل انتهى. وحقيقة الظل أنه أمر متوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة، وهذا المتوسط هو أعدل من الطرفين، لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع وينفر عنها الحس، والضوء الكامل لقوته يبهر الحس البصري ويؤذي بالتسخين، ولذلك وصفت الجنة به بقوله "وظل ممدود" وجملة "ولو شاء لجعله ساكناً" معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه: أي شاء لمنع الشمس الطلوع، والأول أولى. والتعبير بالسكون عن الإقامة والاستقرار سائغ، ومنه قولهم: سكن فلان بلد كذا: إذا أقام به واستقر فيه. وقوله: "ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً" معطوف على قوله: مد الظل داخل في حكمه: أي جعلناها علامة يستدل بها بأحوالها ويمتد ويتقلص.
قوله عز وجل: 45- "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل"، معناه ألم تر إلى مد ربك الظل، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، جعله ممدوداً لأنه ظل لا شمس معه، كما قال:في ظل الجنة، "وظل ممدود" (الواقعة-30) إذ لم يكن معه شمس. "ولو شاء لجعله ساكناً"، دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس. قال أبو عبيدة: الظل: ما نسخته الشمس، وهو بالغداة، والفيء: ما نسخ الشمس، وهو بعد الزوال، سمي فيئاً لأنه فاء من جانب المشرق إلى جانب المغرب، "ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً"، أي: على الظل. ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرفت الظل، ولولا النور لما عرفت الظلمة، والأشياء تعرف بأضدادها.
45ـ " ألم تر إلى ربك " ألم تنظر إلى صنعه . " كيف مد الظل " كيف بسطه أو ألم تنظر إلى الظل كيف مده ربك ، فغير النظم إشعاراً بأنه المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه وهو دلالة حدوثه وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة على أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه ، أو ألم ينته علمك إلى أن ربك كيف مد الظل وهو فيما بين طلوع الفجر والشمس وهو أطيب الأحوال ، فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس : يسخن الجو ويبهر البصر، ولذلك وصف به الجنة فقال " وظل ممدود " . " ولو شاء لجعله ساكناً " ثابتاً من السكنى أم غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد . " ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً " فإنه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الأجرام ، أو لا يوجد ولا يتفاوت إلا بسبب حركتها .
45. Hast thou not seen how thy Lord hath spread the shade. And if He willed He could have made it still, then We have made the sun its pilot;
45 - Hast thou not turned thy vision to thy Lord? How He doth prolong the Shadow! If He willed, He could make it stationary! Then do We make the sun its guide;