ولم تكن) بالتاء والياء (له فئة) جماعة (ينصرونه من دون الله) عند هلاكها (وما كان منتصرا) عند هلاكها بنفسه
يقول تعالى ذكره : ولم يكن لصاحب هاتين الجنتين فئة، وهم الجماعة، كما قال العجاج : كما يحوز الفئة الكمي
وبنحو ما قلنا في ذلك ، قال أهل التاويل ، وإن خالف بعضهم في العبارة عنه عبارتنا، فإن معناهم لظير معنانا فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله عز وجل " ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله " قال : عشيرته .
حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله " : أي جند ينصرونه . وقوله " ينصرونه من دون الله " يقول : يمنعونه من عقاب الله وعذاب الله إذا عاقبه وعذبه . وقوله " وما كان منتصرا" يقول : ولم يكن ممتنعا من عذاب الله إذا عذبه .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وما كان منتصرا" : أي ممتنعا.
قوله تعالى : " ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله " ( فئة ) اسم ( تكن ) و( له) الخبر ( ينصرونه) في موضع الصفة ، أي فئة ناصرة . ويجوز أن يكون ( ينصرونه ) الخبر . والوجه الأول عند سيبويه أولى لأنه قد تقدم ( له ) و أبو العباس يخالفه ، ويحتج بقوله الله عز وجل " ولم يكن له كفوا أحد " [الإخلاص: 4] وقد أجاز سيبويه الآخر . و( ينصرونه) على معنى فئة ، لأن معناها أقوام ، ولو كان على اللفظ لقال ولم تكن له فئة تنصره ، أي فرقة وجماعة يلتجئ إليهم . " وما كان منتصرا " أي ممتنعاً ، قاله قتادة . وقيل : مستردا بدل ما ذهب منه . وقد تقدم اشتقاق الفئة في ( آل عمران ) والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه ، وأصله فيء مثل فيع ، لأنه من فاء ، ويجمع على فئون وفئاعت ، مثل شيات ولدات ومئات . أي لم تكن له عشيرة يمنعونه من عذاب الله ، وضل عنه من افتخر بهم من الخدم والولد .
يقول تعالى: "وأحيط بثمره" بأمواله أو بثماره على القول الاخر, والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته التي اغتر بها وألهته عن الله عز وجل "فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها" وقال قتادة : يصفق كفيه متأسفاً متلهفاً على الأموال التي أذهبها عليها "ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً * ولم تكن له فئة" أي عشيرة أو ولد, كما افتخر بهم واستعز "ينصرونه من دون الله وما كان منتصراً * هنالك الولاية لله الحق" اختلف القراء ههنا فمنهم من يقف على قوله: " وما كان منتصرا * هنالك " أي في ذلك الموطن الذي حل به عذاب الله, فلا منقذ له منه, ويبتدىء بقوله: "الولاية لله الحق" ومنهم من يقف على "وما كان منتصراً" يبتدىء بقوله: "هنالك الولاية لله الحق" ثم اختلفوا في قراءة الولاية, فمنهم من فتح الواو من الولاية, فيكون المعنى هنالك الموالاة لله, أي هنالك كل أحد مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب, كقوله: "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين" وكقوله إخباراً عن فرعون: " حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " ومنهم من كسر الواو من الولاية, أي هنالك الحكم لله الحق, ثم منهم من رفع الحق على أنه نعت للولاية, كقوله تعالى: "الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً" ومنهم من خفض القاف على أنه نعت لله عز وجل, كقوله "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق" الاية, ولهذا قال تعالى: "هو خير ثواباً" أي جزاء "وخير عقباً" أي الأعمال التي تكون لله عز وجل, ثوابها خير وعاقبتها حميدة رشيدة كلها خير.
43- "ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله" فئة اسم كان وله خبرها، وينصرونه صفة لفئة أي فئة ناصرة، ويجوز أن تكون ينصرونه الخبر، ورجح الأول سيبويه ورجح الثاني المبرد، واحتج بقوله: "ولم يكن له كفواً أحد" والمعنى: أنه لم تكن له فرقة وجماعة يلتجئ إليها وينتصر بها، ولا نفعه النفر الذين افتخر بهم فيما سبق "وما كان" في نفسه "منتصراً" أي ممتنعاً بقوته عن إهلاك الله لجنته، وانتقامه منه.
43 - قال الله تعالى : " ولم تكن له فئة " ، جماعة ، " ينصرونه من دون الله " ، يمنعونه من عذاب الله ، " وما كان منتصراً " ، ممتنعاً منتقماً ، أي : لا يقدر على الانتصار لنفسه . وقيل لا يقدر على رد ما ذهب عنه .
43."ولم تكن له فئة" وقرأ حمزة و الكسائي بالياء لتقدمه."ينصرونه"يقدرون على نصره بدفع الإهلاك أورد المهلك أو الإتيان بمثله . "من دون الله"فإنه القادر على ذلك وحده ."وما كان منتصراً "وما كان ممتنعاً بقوته عن انتقام الله منه.
43. And he had no troop of men to help him as against Allah, nor could he save himself.
43 - Nor had he numbers to help him against God, nor was he able to deliver himself.