43 - (سبحانه) تنزيها له (وتعالى عما يقولون) من الشركاء (علوا كبيرا)
وهذا تنزيه من الله تعالى ذكره نفسه عما وصفه به المشركون ، الجاعلون معه آلهة غيره ، المضيفون إليه البنات ، فقال : تنزيهاً لله وعلؤأ له عما يقولون أيها القوم ، من الفرية والكذب ، فإن ما تضيفون إليه من هذه الأمور ليس من صفته ، ولا ينبغي أن يكون له صفة.
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً" يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان . وقال تعالى " عما يقولون علواً " ولم يقل : تعالياً، كما قال " وتبتل إليه تبتيلاً " كما قال الشاعر:
أنت الفداء لكعبة هدمتها ونقبرتها بيديك كل منقر
منع الحمام مقيله من سقفها ومن الحطيم فطار كل مطير
" سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا " نزه سبحانه نفسه وقدسه ومجده عما لا يليق به . والتسبيح : التنزيه . وقد تقدم .
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شريكاً من خلقه, العابدين معه غيره, ليقربهم إليه زلفى لو كان الأمر كما يقولون, وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه, لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ويبتغون إليه الوسيلة والقربة, فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه, ولا حاجة لكم إلى معبود يكون وساطة بينكم وبينه, فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه, بل يكرهه ويأباه, وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه, ثم نزه نفسه الكريمة وقدسها فقال: "سبحانه وتعالى عما يقولون" أي هؤلاء المشركون المعتدون الظالمون في زعمهم أن معه آلهة أخرى "علواً كبيراً" أي تعالياً كبيراً, بل هو الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
ثم نزه تعالى نفسه، فقال 43- "سبحانه" والتسبيح والتنزيه، وقد تقدم "وتعالى" متباعد "عما يقولون" من الأقوال الشنيعة والفرية العظيمة "علواً" أي تعالياً، ولكنه وضع العلو موضع التعالي كقوله: "والله أنبتكم من الأرض نباتاً" ثم وصف العلو بالكبر مبالغة في النزاهة، وتنبيهاً على أن بين الواجب لذاته والممكن لذاته، وبين الغني المطلق، والفقير المطلق مباينة لا تعقل الزيادة عليها.
43 - " سبحانه وتعالى عما يقولون " ، قرأ حمزة و الكسائي " تقولون " بالتاء والآخرون بالياء ، " علواً كبيراً " .
43."سبحانه"ينزه تنزيهاً."وتعالى عما يقولون علواً "تعالياً " كبيراً " متباعداً غاية البعد عما يقولون ، فإنه في أعلى مراتب الوجود وهو كونه واجب الوجود والبقاء لذاته، واتخاذ الولد من أدنى مراتبه فإنه من خواص ما يمتنع بقاؤه.
43. Glorified is He, and High Exalted above what they say!
43 - Glory to him he is high above all that they say exalted and great (beyond measure)