43 - (ويقول الذين كفروا) لك (لست مرسلاً قل) لهم (كفى بالله شهيداً بيني وبينكم) على صدقي (ومن عنده علم الكتاب) من مؤمني اليهود والنصارى
قال ابو جعفر : يقول تعالى ذكره : ويقول الذين كفروا بالله من قومك يا محمد : لست مرسلاً ! تكذيباً منهم لك ، وجحوداً لنبوتك ، فقل لهم إذا قالوا ذلك : "كفى بالله" ، يقول : قل حسبي الله ، "شهيدا" ، يعني :شاهداً ، "بيني وبينكم" ، علي وعليكم ، بصدقي وكذبكم ، "ومن عنده علم الكتاب" .
فـ من إذا قرىء كذلك في موضع خفض ، عطفاً به على اسم الله . وكذلك قرأته قرأة الأمصار ، بمعنى : والذين عندهم علم الكتاب ، أي الكتب ، التي نزلت قبل القرآن كالتوراة والإنجيل . وعلى هذه القراءة فسر ذلك المفسرون .
ذكر الروابة بذلك :
حدثني علي بن سعيد الكندي قال ، حدثنا أبو محياة يحيى بن يعلى ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال ، قال عبد الله بن سلام : نزلت في : "كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" .
حدثنا الحسين بن علي الصدائي قال ، حدثنا أبو داود الطيالسي قال ، حدثنا شعيب بن صفوان قال ، حدثنا عبد الملك بن عمير : أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال ، قال عبد الله بن سلام : أنزل في : "قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني ابي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" ، فالذين عندهم علم الكتاب ، هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : "ومن عنده علم الكتاب" ، قال : هو عبد الله بن سلام .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، أخبرنا هشيم قال ، أخبرنا إسماعيل بن ابي خالد ، عن أبي صالح في قوله : "ومن عنده علم الكتاب" ، قال : رجل من الإنس ، ولم يسمه .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ،عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد قوله : "ومن عنده علم الكتاب" ، هو عبد الله بن سلام .
قال ، حدثنا يحيى بن عباد قال ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد : "ومن عنده علم الكتاب" ...
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "ويقول الذين كفروا لست مرسلا" ، قال : قول مشركي قريش ، "قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" ، أناس من أهل الكتاب كانوا يشهدون بالحق ويقرون به ، ويعلمون أن محمداً رسول الله ، كما يحدث أن منهم عبد الله بن سلام .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن قتادة: "ومن عنده علم الكتاب" ، قال : كان منهم عبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وتميم الداري .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة : "ومن عنده علم الكتاب" ، قال : هو عبد الله بن سلام .
وقد ذكر عن جماعة من المتقدمين أنهم كانوا يقرأونه : ومن عنده علم الكتاب ، بمعنى : من عند الله علم الكتاب .
ذكر من ذكر ذلك عنه :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ،عن هرون ، عن جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ومن عنده علم الكتاب ، يقول من عند الله علم الكتاب .
حدثني محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد : ومن عنده علم الكتاب ، قال : من عند الله .
قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد : ومن عنده علم الكتاب ، قال : من عند الله علم الكتاب ـ وقد حدثنا هذا الحديث الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا شعبة عن الحكم ، عن مجاهد ، ومن عنده علم الكتاب ، قال : هو الله ـ هكذا قرأ الحسن : ومن عنده علم الكتاب .
قال ، حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ، مثله .
قال ، حدثنا علي ـ يعني ابن الجعد ـ قال ، حدثنا شعبة ، عن منصور بن زاذان ،عن الحسن : ومن عنده علم الكتاب . قال : الله . قال شعبة : فذكرت ذلك لـ لحكم ، فقال : قال مجاهد مثله .
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال ، سمعت منصور بن زاذان يحدث ، عن الحسن أنه قال في هذه الآية : ومن عنده علم الكتاب ، قال : من عند الله .
قال ، حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا هوذة قال ، حدثنا عوف ، عن الحسن : ومن عنده علم الكتاب ، قال : من عند الله علم الكتاب .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : ومن عنده علم الكتاب قال : من عند الله علم الكتاب ، هكذا قال ابن عبد الأعلى .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقرأها : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ، يقول : من عند الله علم الكتاب وجملته . قال أبو جعفر : هكذا حدثنا به بشر : علم الكتاب ، وأنا أحسبه وهم فيه ، وأنه : "ومن عنده علم الكتاب" ، لأن قوله : وجملته ، اسم ، لا يعطف باسم على فعل ماض .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن هرون : ومن عنده علم الكتاب ، يقول : من عند الله علم الكتاب .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا ابو عوانة، عن أبي بشر قال : قلت لـ سعيد بن جبير : "ومن عنده علم الكتاب" ، أهو عبد الله بن سلام ؟ قال : هذه السورة مكية ، فكيف يكون عبدالله بن سلام ! قال : وكان يقرأها : ومن عنده علم الكتاب ، يقول : من عند الله .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، قال : سألت سعيد بن جبير عن قول الله : "ومن عنده علم الكتاب" ، أهو عبد الله بن سلام ؟ قال : فيكفي ، وهذه السورة مكية ؟ وكان سعيد يقرؤها : ومن عنده علم الكتاب .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني عباد ، عن عوف ، عن الحسن ، و جويبر ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : ومن عنده علم الكتاب ، قال : من عند الله .
قال ابو جعفر : وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر بتصحيح هذه القراءة وهذا التأويل ، غير أن في إسناده نظراً ، وذلك ما :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني عباد بن العوام ، عن هرون بن الأعور ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ : ومن عنده علم الكتاب ، عند الله علم الكتاب .
قال ابو جعفر : وهذا خبر ليس له أصل عند الثقات من أصحاب الزهري . فإذ كان ذلك كذلك ، وكانت قرأة الأمصار من أهل الحجاز والشأم والعراق على القراءة الأخرى ، وهي : "ومن عنده علم الكتاب" ، كان التأويل الذي على المعنى الذي عليه قرأة الأمصار أولى بالصواب مما خالفه ، إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحق بالصواب .
قوله تعالى: " ويقول الذين كفروا لست مرسلا " قال قتادة: هم مشركو العرب، أي لست بنبي ولا رسول، وإنما أنت متقول، أي لما لم يأتهم بما اقترحوا قالوا ذلك. " قل كفى بالله " أي قل لهم يا محمد: " كفى بالله " أي كفى الله " شهيدا بيني وبينكم " بصدقي وكذبكم. " ومن عنده علم الكتاب " وهذا احتجاج على مشركي العرب لأنهم كانوا يرجعون إلى أهل الكتاب - من آمن منهم - في التفاسير. وقيل: كانت شهادتهم قاطعة لقول الخصوم، وهم مؤمنو أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الداري والنجاشي وأصحابه، قال قتادة وسعيد بن جبير. وروى الترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد قتل عثمان جاء عبد الله بن سلام فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني، فإنك خارج خير لي من داخل، قال فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس! إنه كان اسمي في الجاهلية فلان، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ونزلت في آيات من كتاب الله، فنزلت في: " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " ( الأحقاف: 10) ونزلت في: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " الحديث. وقد كتبناه بكماله في كتاب التذكرة . وقال فيه أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وكان اسمه في الجاهلية حصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله. وقال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير " ومن عنده علم الكتاب "؟ قال: هو عبد الله بن سلام.
قلت: وكيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكية وابن سلام ما أسلم إلا بالمدينة؟! ذكره الثعلبي . وقال القشيري : وقال ابن جبير السورة مكية وابن سلام أسلم بالمدينة بعد هذه السورة، فلا يجوز أن تحمل هذه الآية على ابن سلام، فمن عنده علم الكتاب جبريل، وهو قول ابن عباس. وقال الحسن ومجاهد و الضحاك : هو الله تعالى، وكانوا يقرؤون ( ومن عنده علم الكتاب) وينكرون على من يقول: هو عبد الله بن سلام وسلمان، لأنهم يرون أن السورة مكية، وهؤلاء أسلموا بالمدينة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: " ومن عنده علم الكتاب " وإن كان في الرواية ضعف، وروى ذلك سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى محبوب عن إسماعيل بن محمد اليماني أنه قرأ كذلك - ( ومن عنده) بكسر الميم والعين والدال ( علم الكتاب) بضم العين ورفع الكتاب. وقال عبد الله بن عطاء: قلت لأبي جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام فقال: إنما ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذلك قال محمد بن الحنفية. وقيل: جميع المؤمنين، والله أعلم. قال القاضي أبو بكر بن العربي : أما من قال إنه علي فعول على أحد وجهين: إما لأنه عنده أعلم المؤمنين وليس كذلك، بل أبو بكر وعمر وعثمان أعلم منه. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وهو حديث باطل، النبي صلى الله عليه وسلم مدينة علم وأصحابه أبوابها، فمنهم الباب المنفسح، ومنهم المتوسط، على قدر منازلهم في العلوم. وأما من قال إنهم جميع المؤمنين فصدق، لأن كل مؤمن يعلم الكتاب، ويدرك وجه إعجازه، ويشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بصدقه.
قلت: فالكتاب على هذا هو القرآن. وأما من قال هو عبد الله بن سلام فعول على حديث الترمذي ، وليس يمتنع أن ينزل في عبد الله بن سلام شيئاً ويتناول جميع المؤمنين لفظاً، ويعضده من النظام أن قوله تعالى: " ويقول الذين كفروا " يعني قريشاً، فالذين عندهم علم الكتاب هم المؤمنون من اليهود والنصارى، الذين هم إلى معرفة النبوة والكتاب أقرب من عبدة الأوثان. قال النحاس : وقول من قال هو عبد الله بن سلام وغيره يحتمل أيضاً، لأن البراهين إذا صحت وعرفها من قرأ الكتب التي أنزلت قبل القرآن كان أمراً مؤكداً، والله أعلم بحقيقة ذلك.
يقول تعالى: يكذبك هؤلاء الكفار ويقولون: "لست مرسلا" أي ما أرسلك الله "قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم" أي حسبي الله هو الشاهد علي وعليكم. شاهد علي فيما بلغت عنه من الرسالة, وشاهد عليكم أيها المكذبون فيما تفترونه من البهتان, وقوله: "ومن عنده علم الكتاب" قيل: نزلت في عبد الله بن سلام, قاله مجاهد, وهذا القول غريب, لأن هذه الاية مكية, وعبد الله بن سلام إنما أسلم في أول مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة, والأظهر في هذا ما قاله العوفي عن ابن عباس قال: هم من اليهود والنصارى, وقال قتادة: منهم ابن سلام وسلمان وتميم الداري, وقال مجاهد في رواية عنه: هو الله تعالى, وكان سعيد بن جبير ينكر أن يكون المراد بها عبد الله بن سلام ويقول: هي مكية, وكان يقرؤها "ومن عنده علم الكتاب" ويقول: من عند الله, وكذا قرأها مجاهد والحسن البصري.
وقد روى ابن جرير من حديث هارون الأعور عن الزهري عن سالم, عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها "ومن عنده علم الكتاب", ثم قال: لا أصل له من حديث الزهري عند الثقات, قلت, وقد رواه الحافظ أبو يعلى في مسنده من طريق هارون بن موسى هذا, عن سليمان بن أرقم, وهو ضعيف, عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً كذلك ولا يثبت, والله أعلم, والصحيح في هذا أن "ومن عنده" اسم جنس يشمل علماء أهل الكتاب الذين يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في كتبهم المتقدمة من بشارات الأنبياء به, كما قال تعالى: " ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " الاية: وقال تعالى: "أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل" الاية, وأمثال ذلك مما فيه الإخبار عن علماء بني إسرائيل أنهم يعلمون ذلك من كتبهم المنزلة. وقد ورد في حديث الأحبار عن عبد الله بن سلام بأنه أسلم بمكة قبل الهجرة.
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتاب دلائل النبوة وهو كتاب جليل: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني, حدثنا عبدان بن أحمد, حدثنا محمد بن مصفى, حدثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن حمزة يوسف بن عبد الله بن سلام, عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام أنه قال لأحبار اليهود: إني أردت أن أحدث بمسجد أبينا إبراهيم وإسماعيل عيداً, فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة, فوافاهم وقد انصرفوا من الحج, فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس حوله, فقام مع الناس, فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنت عبد الله بن سلام ؟" قال قلت: نعم, قال "ادن". قال: فدنوت منه. قال: "أنشدك بالله يا عبد الله بن سلام, أما تجدني في التوراة رسول الله ؟" فقلت له: انعت ربنا, قال: فجاء جبريل حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: " قل هو الله أحد * الله الصمد " إلى آخرها, فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال ابن سلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله, ثم انصرف ابن سلام إلى المدينة, فكتم إسلامه, فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأنا فوق نخلة لي أجذها, فألقيت نفسي, فقالت أمي: لله أنت, لو كان موسى بن عمران ما كان لك أن تلقي نفسك من رأس النخلة, فقلت: والله لأنا أسر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من موسى بن عمران إذ بعث, وهذا حديث غريب جداً. آخر تفسير سورة الرعد, ولله الحمد والمنة.
43- "ويقول الذين كفروا لست مرسلاً" أي يقول المشركون أو جميع الكفار: لست يا محمد مرسلاً إلى الناس من الله، فأمره الله سبحانه بأن يجيب عليهم، فقال: "قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم" فهو يعلم صحة رسالتي، وصدق دعواتي، ويعلم كذبكم "ومن عنده علم الكتاب" أي علم جنس الكتاب كالتوراة والإنجيل، فإن أهلهما العالمين بهما يعلمون صحة رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر بذلك من أسلم منهم كعبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الداري ونحوهم، وقد كان المشركون من العرب يسألون أهل الكتاب ويرجعون إليهم، فأرشدهم الله سبحانه في هذه الآية إلى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك، وقيل المراد بالكتاب والقرآن ومن عنده علم منه هم المسلمون، وقيل المراد من عنده علم اللوح المحفوظ، وهو الله سبحانه واختار هذا الزجاج وقال: لأن الأشبه أن الله لا يستشهد على خلقه بغيره.
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "ننقصها من أطرافها" قال: ذهاب العلماء. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: "ننقصها من أطرافها" قال: موت علمائها وفقهائها وذهاب خيار أهلها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في تفسير الآية قال: موت العلماء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: أولم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض. وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: يعني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان ينتقص له ما حوله من الأرضين ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون. وقال الله في سورة الأنبياء "نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون". بل نبي الله وأصحابه هم الغالبون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: نقصان أهلها وبركتها. وأخرج ابن المنذر عنه قال: إنا تنقص الأنفس والثمرات وأما الأرض فلا تنقص. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: أولم يروا إلى القرية تخرب حتى يكون العمران في ناحية منها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد "والله يحكم لا معقب لحكمه" ليس أحد يتعقب حكمه فيرده كما يتعقب أهل الدنيا بعضهم حكم بعض فيرده. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: "قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقف من اليمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجدني في الإنجيل؟ قال لا، فأنزل الله "قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب"". يقول عبد الله بن سلام، وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير عن جندب قال: جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد، ثم قال: أنشدكم بالله أتعلمون أني الذي أنزلت في "ومن عنده علم الكتاب"؟ قالوا: اللهم نعم. وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق أخرى عنه نحوه. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس "ومن عنده علم الكتاب" قال: هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في الآية قال: كان قوم من أهل الكتاب يشهدون بالحق ويعرفونه، منهم عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي. وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه وابن عدي بسند ضعيف عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ "ومن عنده علم الكتاب" قال ومن عند الله علم الكتاب. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يقرأ "ومن عنده علم الكتاب" يقول: ومن عند الله علم الكتاب. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله: "ومن عنده علم الكتاب" أهو عبد الله بن سلام؟ قال: كيف وهذه السورة مكية؟ وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال ما نزل في عبد الله بن سلام شيء من القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: "ومن عنده علم الكتاب" قال: جبريل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: هو الله.
43- "ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم"، إني رسوله إليكم "ومن عنده علم الكتاب"، يريد: مؤمني أهل الكتاب يشهدون أيضا على ذلك.
قال قتادة: هو عبد الله بن سلام.
وأنكر الشعبي هذا وقال: السورة مكية، وعبد الله بن سلام أسلم بالمدينة.
وقال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير "ومن عنده علم الكتاب" أهو عبد الله بن سلام؟ فقال: وكيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكيه؟
وقال الحسن ومجاهد: "ومن عنده علم الكتاب" هو الله عز وجل، يدل عليه: قراءة عبد الله بن عباس، "ومن عنده"، بسكر الميم والدال، أي: من عند الله عز وجل، وقرأ الحسن وسعيد بن جبير "ومن عنده" بكسر الميم والدال "علم الكتاب" على الفعل المجهول، دليل هذه القراءة قوله تعالى: "وعلمناه من لدنا علماً" (الكهف-65) وقوله: " الرحمن * علم القرآن " (الرحمن-1،2).
43."ويقول الذين كفروا لست مرسلاً"قيل المراد بهم رؤساء اليهود." قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم "فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها. "ومن عنده علم الكتاب"علم القرآن وما ألف عليه من النظم المعجز ، أو علم التوراة وهو ابن سلام وأضرابه ، أو علم اللوح المحفوظ وهو الله تعالى ، أي كفى بالذي يستحق العبادة والذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو شهيداً بيننا فيخزي الكاذب منا، ويؤيده قراءة من قرأ"ومن عنده"بالكسر و"علم الكتاب"وعلى الأول مرتفع بالظرف فإنه معتمد على الموصول ، ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره وهو متعين على الثاني .وقرئ "ومن عنده علم الكتاب"على الحرف والبناء للمفعول ."عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الرعد أعطي من الأحر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة وبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله ".
43. They who disbelieve say: Thou art no messenger (of Allah). Say: Allah, and whosoever hath true knowledge of the Scripture, is sufficient witness between me and you.
43 - The unbelievers say: no apostle art thou. say: enough for a witness between me and you is God, and such as have knowledge of the book.