42 - (فاليوم لا يملك بعضكم لبعض) أي بعض المعبودين لبعض العابدين (نفعا) شفاعة (ولا ضرا) تعذيبا (ونقول للذين ظلموا) كفروا (ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون)
يقول تعالى ذكره: فاليوم لا يملك بعضكم أيها الملائكة للذين كانوا في الدنيا يعبدونكم نفعاً ينفعونكم به ولا ضراً ينالونكم به، أو تنالونهم به " ونقول للذين ظلموا " يقول: ونقول للذين عبدوا غير الله فوضعوا العبادة في غير موضعها، وجعلوها لغير من تنبغي أن تكون له " ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها " في الدنيا " تكذبون " فقد وردتموها.
قوله تعالى: "فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا" أي شفاعة ونجاة. "ولا ضرا" أي عذاباً وهلاكاً. وقيل: أي لا تملك الملائكة دفع ضر عن عابديهم فحذف المضاف. "ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون" يجوز أن يقول الله لهم أو الملائكة: ذوقوا.
يخبر تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على روؤس الخلائق, فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورهم ليقربوهم إلى الله زلفى, فيقول للملائكة "أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون" أي أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم, كما قال تعالى في سورة الفرقان "أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل" وكما يقول لعيسى عليه الصلاة والسلام "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق" وهكذا تقول الملائكة "سبحانك" أي تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله "أنت ولينا من دونهم" أي نحن عبيدك ونبرأ إليك من هؤلاء "بل كانوا يعبدون الجن" يعنون الشياطين, لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم "أكثرهم بهم مؤمنون" كما قال تبارك وتعالى: " إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا * لعنه الله " قال الله عز وجل " فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا " أي لا يقع لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه اليوم من الأنداد والأوثان التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم "اليوم لايملكون لكم نفعاً ولا ضراً" "ونقول للذين ظلموا" وهم المشركون "ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون" أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيجاً.
42- "فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً" يعني العابدين والمعبودين لا يملك بعضهم وهم المعبودون لبعض، وهم العابدون "نفعاً" أي شفاعة ونجاة "ولا ضراً" أي عذاباً وهلاكاً، وإنما قيل لهم هذا القول إظهاراً لعجزهم وقصورهم وتبكيتاً لعابديهم، وقوله: "ولا ضراً" هو على حذف مضاف: أي لا يملكون لهم دفع ضر، وقوله "ونقول للذين ظلموا" عطف على قوله: " يقول للملائكة " أي للذين ظلموا أنفسهم بعبادة غير الله "ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون" في الدنيا.
وقد أخرج وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي رزين قال:" كان رجلان شريكين، خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى صاحبه يسأله ما فعل؟ فكتب إلأيه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم، فترك تجارته ثم أتى صاحبه فقال: دلني عليه، وكان يقرأ الكتب، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إلى ما تدعو؟ قال: إلى كذا وكذا، قال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما علمك بذلك؟ قال: إنه لم يبعث نبي إلا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم، فنزلت هذه الآيات: "وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها" الآيات، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إن الله قد أنزل تصديق ما قلت". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "جزاء الضعف" قال: تضعيف الحسنة. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: إذا كان الرجل غنياً تقياً آتاه الله أجره مرتين، وتلا هذه الآية "وما أموالكم ولا أولادكم" إلى قوله: "فأولئك لهم جزاء الضعف" قال: تضعيف الحسنة. وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب المفرد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" قال: في غير إسراف ولا تقتير، وعن مجاهد مثله، وعن الحسن مثله. وأخرج الدارقطني والبيهقي في الشعب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلما أنفق العبد من نفقة فعلى الله خلفها ضامناً إلا نفقة في بيان أو معصية". وأخرج نحوه ابن عدي في الكامل والبيهقي من وجه آخر عنه مرفوعاً بأطول منه. وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل أنفق يا ابن آدم أنفق عليك" وثبت في الصحيح من حديثه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً". وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل يوم نحساً، فادفعوا نحس ذلك اليوم بصدقة" ثم قال: اقرأوا مواضع الخلف، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" إذا لم تنفقوا كيف يخلف. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة".
ثم يقول الله: 42- "فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً"، بالشفاعة، "ولا ضراً"، بالعذاب، يريد أنهم عاجزون، لا نفع عندهم ولا ضر، "ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون".
42ـ " فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً " إذ الأمر فيه كله له لأن الدار دار جزاء وهو المجازي وحده . " ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون " عطف على " لا يملك " مبين للمقصود من تمهيده .
42. That day ye will possess no Use nor hurt one for another. And We shall say unto those who did wrong: Taste the doom of the Fire which ye used to deny.
42 - So on that Day no power shall they have over each other, for profit or harm: and We shall say to the wrong doers, Taste ye the Penalty of the Fire, the which ye were wont to deny