41 - (ولقد استهزئ برسل من قبلك) فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم (فحاق) نزل (بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن يتخذك يا محمد هؤلاء القائلون لك : هل هذا إلا بشر مثلكم ، أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ، إذ رأوك هزوا ويقولون : هذا الذي يذكر آلهتكم كفرا منهم بالله ، واجتراء عليه ، فلقد استهزئ برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلى أممهم ، يقول : فوجب ونزل بالذين استهزءوا بهم ، وسخروا منهم من أممهم ما كانوا به يستهزءون : يقول جل ثناؤه : حل بهم الذي كانوا به يستهزءون من البلاء والعذاب الذي كانت رسلهم تخوفهم نزوله بهم ، يستهزئون : يقول جل ثناؤه : فلن يعدو هؤلاء المستهزئون بك من هؤلاء الكفرة أن يكونوا كأسلافهم من الأمم المكذبة رسلها ، فينزل بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم .
قوله تعالى: " ولقد استهزئ برسل من قبلك " هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له. يقول: إن استهزأ بك هؤلاء، فقد استهزىء برسل من قبلك، فاصبر كما صبروا. ثم وعده النصر فقال: " فحاق " أي أحاط ودار " بالذين " كفروا و " سخروا منهم " وهزئوا بهم " ما كانوا به يستهزئون " أي جزاء استهزائهم.
يقول تعالى مسلياً لرسوله عما آذاه به المشركون من الاستهزاء والتكذيب " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " يعني من العذاب الذي كانوا يستبعدون وقوعه, كما قال تعالى: " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين " ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه بالليل والنهار, وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام, فقال: "قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن" أي بدل الرحمن يعني غيره, كما قال الشاعر:
جارية لم تلبس المرققا ولم تذق من البقول الفستقا
أي لم تذق بدل البقول الفستق. وقوله تعالى: "بل هم عن ذكر ربهم معرضون" أي لا يعترفون بنعمة الله عليهم وإحسانه إليهم, بل يعرضون عن آياته وآلائه, ثم قال "أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا" استفهام إنكار وتقريع وتوبيخ, أي ألهم آلهة تمنعهم وتكلؤهم غيرنا ؟ ليس الأمر كما توهموا, ولا كما زعموا, ولهذا قال: " لا يستطيعون نصر أنفسهم " أن هذه الالهة التي استندوا إليها غير الله لا يستطيعون نصر أنفسهم. وقوله: "ولا هم منا يصحبون" قال العوفي عن ابن عباس : ولا هم منا يصحبون أي يجارون. وقال قتادة : لا يصبحون من الله بخير. وقال غيره: ولا هم منا يصحبون يمنعون.
وجملة 41- "ولقد استهزئ برسل من قبلك" مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزيته، كأنه قال: إن استهزأ بك هؤلاء فقد فعل ذلك بمن قبلك من الرسل على كثرة عددهم وخطر شأنهم "فحاق بالذين سخروا منهم" أي أحاط ودار بسبب ذلك، بالذين سخروا من أولئك الرسل وهزأوا بهم "ما كانوا به يستهزئون" ما موصولة، أو مصدرية: أي فأحاط بهم الأمر الذي كانوا يستهزئون به، أو فأحاط بهم استهزاؤهم: أي جزاؤه على وضع السبب موضع المسبب، أو نفس الاستهزاء، إن أريد به العذاب الأخروي.
41. " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق "، نزل، " بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون "، أي جزاء استهزائهم.
41ـ " ولقد استهزئ برسل من قبلك " تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم . " فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " وعد له بأن ما يفعلونه به يحيق بهم كما حاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا يعني جزاءه .
41. Messengers before thee, indeed, were mocked, but that whereat they mocked surrounded those who scoffed at them.
41 - Mocked were (many) apostles before thee; but their scoffers were hemmed in by the thing that they mocked.