40 - (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا) تكبروا (عنها) فلم يؤمنوا بها (لا تفتح لهم أبواب السماء) إذا عرج بأرواحهم إليها بعد الموت فيهبط بها إلى سجِّين بخلاف المؤمن فتفتح له ويصعد بروحه إلى السماء السابعة كما ورد في حديث (ولا يدخلون الجنة حتى يلج) يدخل (الجمل في سمّ الخياط) ثقب الإبرة وهو غير ممكن فكذا دخولهم (وكذلك) الجزاء (نجزي المجرمين) بالكفر
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إن الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا فلم يصدقوا بها، ولم يتبعوا رسلنا، " واستكبروا عنها" ، يقول : وتكبروا عن التصديق بها وأنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبرا ، " لا تفتح لهم " ، لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم ، " أبواب السماء" ، ولا يصعد لهم في حياتهم إلى الله قول ولا عمل ، لأن أعمالهم خبيثة، وإنما يرفع الكلم الطيب والعمل الصالح ، كما قال جل ثناؤه : " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " :. ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " لا تفتح لهم أبواب السماء" . فقال بعضهم : معناه : لا تفتح لأرواح هؤلاء الكفار أبواب السماء.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يعلى ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : عني بها الكفار، أن السماء لا تفتح لأرواحهم ، وتفتح لأرواح
المؤمنين .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو معاوية ، عن أبي سنان ، عن الضحاك قال ، قال ابن عباس : تفتح السماء لروح المؤمن ، ولا تفتح لروح الكافر.
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : إن الكافر إذا أخذ روحه ، ضربته ملائكة الأرض حتى يرتفع إلى السماء، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء فهبط ، فضربته ملائكة الأرض فارتفع ، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء الدنيا فهبط إلى أسفل الأرضين . وإذا كان مؤمنا نفخ روحه ، وفتحت له أبواب السماء، فلا يمر بملك إلا حياه وسلم عليه ، حتى ينتهي إلى الله ، فيعطيه حاجته ، ثم يقول الله : ردوا روح عبدي فيه إلى الأرض ، فإني قضيت من التراب خلقه ، وإلى التراب يعود، ومنه يخرج .
وقال اخرون : معنى ذلك أنه لا يصعد لهم عمل صالح ولا دعاء إلى الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن ليث ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، لا يصعد لهم قول ولا عمل .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء" ، يعني : لايصعدإلى الله من عملهم شيء .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، يقول : لا تفتح لخير يعملون .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : لا يصعد لهم كلام ولا عمل .
حدثنا مطربن محمد الضبي قال ، حدثنا عبد الله بن داود قال ، حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : لا يرتفع لهم عمل ولا دعاء. حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : لا يرتفع لهم عمل ولا دعاء.
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سعيد : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : لا يرفع لهم عمل صالح ولا دعاء.
وقال آخرون : معنى ذلك : لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم ولا لأعمالهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " لا تفتح لهم أبواب السماء" ، قال : لأرواحهم ولا لأعمالهم .
قال أبو جعفر : لانما اخترنا في تأويل ذلك ما اخترنا من القول ، لعموم خبر الله جل ثناؤه أن أبواب السماء لا تفتح لهم . ولم يخص الخبر بانه يفتح لهم في شيء ، فذلك على ما عمه خبر الله تعالى ذكره بانها لا تفتح لهم في شيء ، مع تاييد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلنا في ذلك ، وذلك ما:
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح الفاجر، وأنه يصعد بها إلى السماء، قال : فيصعدون بها، فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يدعى بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون له فلا يفتح له . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان ، قال : فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال : من هذا؟ فيقولون : فلان . فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان ، فيقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله . وإذا كان الرجل السوء قال : اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق ، واخر من شكله أزواج ، فيقولون ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال : من هذا؟ فيقولون : فلان ، فيقولون : لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، ارجعي ذميمة، فإنه لم تفتح لك أبواب السماء، فترسل بين السماء والأرض ، فتصير إلى القبر.
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ، حدثنا ابن أبي فديك قال ، حدثني ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه .
واختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة الكوفة : لا يفتح لهم أبواب السماء، بالياء من يفتح ، وتخفيف التاء منها، بمعنى : لا يفتح لهم جميعها بمرة واحدة وفتحة واحدة. وقرأ ذلك بعض المدنيين وبعض الكوفيين : " لا تفتح " ، بالتاء وتشديد التاء الثانية، بمعنى: لا يفتح لهم باب بعد باب ، وشيء بعد شيء . قال أبو جعفر : والصواب في ذلك عندي من القول أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى . وذلك أن أرواح الكفار لا تفتح لها ولا لأعمالهم الخبيثة أبواب السماء بمرة واحدة، ولا مرة بعد مرة، وباب بعد باب . فكلا المعنيين في ذلك صحيح. وكذلك الياء، والتاء في يفتح ، وتفتح ، لأن الياء بناء على فعل الواحد للتوحيد، و التاء لأن الأبواب جماعة ، فيخبر عنها خبر الجماعة .
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : ولا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها، الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبداً ، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً، وذلك ثقب الإبرة .
وكل ثقب في عين أو أنف أو غير ذلك ، فإن العرب تسميه سماً وتجمعه سموماً، والسمام ، في جمع السم القاتل ، أشهر وأفصح من السموم . وهو في جمع السم الذي هو بمعنى الثقب أفصح . وكلاهما في العرب مستفيض . وقد يقال لواحد السموم التي هي الثقوب سم و سم ، بفتح السين وضمها، ومن السم الذي بمعنى قول الفرزدق :
فنفست عن سقيه حتى تنفسا وقلت له : لا تخش شيئاً ورائياً
يعني بسميه ، ثقبي أنفه .
وأما الخياط فإنه المخيط ، وهي الإبرة . قيل لها : خياط و مخيط ، كما قيل : قناع و مقنع ، و !زا ر و مئزر ، و قرا م و مقرم ، و لحا ف و ملحف . وأما القرأة من جميع الأمصار فإنها قرأت قوله : " في سم الخياط " ، بفتح السين ، وأجمعت على قراءة : " الجمل " بفتح الجيم ، و الميم وتخفيف ذلك.
وأما ابن عباس و عكرمة و سعيد بن جبير ، فإنه حكي عنهم أنهم كانوا يقرأون ذلك : الجمل ، بضم الجيم وتشديد الميم ، على اختلاف في ذلك عن سعيد و ابن عباس .
فأما الذين قرأوه بالفتح من الحرفين والتخفيف ، فإنهم وجهوا تأويله إلى الجمل ، المعروف ، وكذلك فسروه.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي قال ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله في قوله : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : الجمل ابن الناقة ، أو: زوج الناقة.
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن إبراهيم ، عن عبد الله : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : " الجمل " ، زوج الناقة .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي حصين عن إبراهيم ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن مهدي ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : " الجمل " ، زوج الناقة .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، مثله .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا قرة قال : سمعت الحسن يقول : " الجمل " ، الذي يقوم في المربد.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : حتى يدخل البعير في خرت الإبرة .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن مهدي ، عن هشيم ، عن عباد بن راشد ، عن الحسن قال : هو الجمل ! فلما أكثروا عليه قال : هو الأشتر.
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم ، عن عباد بن راشد ، عن الحسن ، مثله .
حدثنا المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد ، عن يحيى قال : كان الحسن يقرؤها: " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : فذهب بعضهم يستفهمه ، قال : أشتر، أشتر.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أبي العالية : " حتى يلج الجمل " ، قال : الجمل الذي له أربع قوائم .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن أبي حصين - أو: حصين -، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود في قوله : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : زوج الناقة، يعني الجمل .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عبيد بن سليمان ، عن الضحاك أنه كان يقرأ : " الجمل " ، وهو الذي له أربع قوائم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو تميلة ، عن عبيد ، عن الضحاك : " حتى يلج الجمل " ، الذي له أربع قوائم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن قرة ، عن الحسن : " حتى يلج الجمل " ، قال : الذي بالمربد.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن مسعود : أنه كان يقرأ: حتى يلج الجمل الأصفر .
حدثنا نصر بن علي قال ، حدثنا يحيى بن سليم قال ، حدثنا عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن الحسن في قوله : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : الجمل ابن الناقة، أو: بعل الناقة . وأما الذين خالفوا هذه القراءة فإنهم اختلفوا . فروي عن ابن عباس في ذلك روايتان : إحداهما الموافقة لهذه القراءة وهذا التأويل .
ذكروا الرواية بذلك عنه :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، والجمل ذو القوائم .
وذكر أن ابن مسعود قالى ذلك .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، وهو الجمل العظيم ، لا يدخل في خرت الإبرة، من أجل أنه أعظم منها.
والرواية الأخرى ما :
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : حتى يلج الجئل في سئم الخياط قال : هوقلس السفينة .
حدثني عبد الأعلى بن واصل قال ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسمعيل ، عن خالد بن عبد الله الواسطي ، عن حنظلة السدوسي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه كان يقرأ: حتى يلج الجمل في سئم الخياط ، يعني الحبل الغليظ ، فذكرت ذلك للحسن فقال : " حتى يلج الجمل " ، قال عبد الأعلى : قال أبو غسان : قال خالد : يعني : البعير.
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن فضيل ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : أنه قرأ: الجمل ، مثقلة، وقال : هو حبل السفينة.
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن مهدي ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : الجمل ، حبال السفن .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن مبارك ، عن حنظلة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : حتى يلج الجمل في سم الخياط ، قال : الحبل الغليظ .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : حتى يلج الجمل في سم الخياط ، قال : هو الحبل الذي يكون على السفينة .
واختلف عن سعيد بن جبير أيضاً في ذلك ، فروي عنه روايتان : إحداهما مثل الذي ذكرنا عن ابن عباس : بضم الجيم وتثقيل الميم .
ذكر الرواية بذلك عنه :
حدثنا عمران بن موسى القزاز قال ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال ، حدثنا حسين المعلم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير : أنه قرأهاة حتى يلج الجمل ، يعني قلوس السفن ، يعني : الحبال الغلاظ .
والأخرى منهما بضم الجيم وتخفيف الميم .
ذكر الرواية بذلك عنه :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يحيى بن واضح قال ، حدثنا عمرو ، عن سالم بن عجلان الأفطس قال ، قرأت على أبي : حتى يلج الجئل ، فقال : حتى يلج الجقل خفيفة ، هو حبل السفينة، هكذا أقرأنيها سعيد بن جبير . وأما عكرمة فإنه كان يقرأ ذلك : الجمل ، بضم الجيم وتشديد الميم ، ويتأوله كما :
حدثني ابن وكيع قال ، حدثنا أبو تميلة ، عن عيسى بن عبيد قال : سمعت عكرمة يقرأ: الجمل ، مثقلة ، ويقول : هو الحبل الذي يصعد به إلى النخل .
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال ، حدثنا كعب بن فروخ قال ، حدثنا قتادة ، عن عكرمة في قوله : حتى يلج الجمل في سم الخياط ، قال : الحبل الغليظ في خرق الإبرة .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : حتى يلج الجمل في سم الخياط ، قال : حبل السفينة في سم الخياط.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال عبد الله بن كثير : سمعت مجاهداً يقول : الحبل من حبال السفن.
وكأن من قرأ ذلك بتخفيف الميم وضم الجيم ، على ما ذكرنا عن سعيد بن جبير ، على مثال الضرد و الجعل ، وجهه إلى جماع جملة من الحبال جمعت جملا، كما تجمع الظلمة،، ظلما ، و الخربة خرباً .
وكان بعض أهل العربية ينكر التشديد في الميم ويقول : إنما أراد الراوي الجمل بالتخفيف ، فلم يفهم ذلك منه فشدده .
وحدثت عن الفراء ، عن الكسائي أنه قال : الذي رواه عن ابن عباس كان أعجمياً.
وأما من شدد الميم وضم الجيم فإنه وجهه إلى أنه اسم واحد، وهو الحبل ، أو الخيط الغليظ .
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا، ما عليه قرأة الأمصار، وهو: " حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، بفتح الجيم و الميم من " الجمل " ؟ وتخفيفها، وفتح السين من االسم ، لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، وغير جائز مخالفة ما جاءت به الحجة متفقة عليه من القراءة .
وكذلك ذلك في فتح السين من قوله : " سم الخياط " .
وإذ كان الصواب من القراءة ذلك ، فتأويل الكلام : ولا يدخلون الجنة حتى يلج ، و الولوج الدخول ، من قولهم : ولج فلان الدار يلج ولوجا، بمعنى دخل ، الجمل في سم الإبرة، وهو ثقبها .
" وكذلك نجزي المجرمين " ، يقول : وكذلك نثيب الذين أجرموا فى الدنيا ما استحقوا به من الله العذاب الأليم في الأخرة.
وبمثل الذي قلنا في تأويل قوله : " سم الخياط " ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة و ابن مهدي و سويد الكلبي ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن عتيق قال : سألت الحسن عن قوله : "حتى يلج الجمل في سم الخياط " ، قال : ثقب الإبرة .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال ، حدثنا كعب بن فروخ قال ، حدثنا قتادة عن عكرمة : " في سم الخياط " ، قال : ثقب الإبرة .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، مثله .
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " في سم الخياط " ، قال : جحر الإبرة .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " في سم الخياط " ، يقول : جحر الإبرة .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثني عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " في سم الخياط " ، قال : في ثقبه .
قوله تعالى: "إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء" أي لأرواحهم. جاءت بذلك أخبار صحاح ذكرناها في كتاب التذكرة. منها حديث البراء بن عازب، وفيه في قبض روح الكافر قال:
ويخرج منها ريح كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملإ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة. فيقولون فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون فلا يفتح لهم، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تفتح لهم أبواب السماء" الآية. وقيل: لا تفتح لهم أبواب السماء إذا دعوا، قاله مجاهد والنخعي. وقيل: المعنى لا تفتح لهم أبواب الجنة لأن الجنة في السماء. ودل على ذلك قوله: "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" والجمل يلج فلا يدخلونها ألبتة. وهذا دليل قطعي لا يجوز العفو عنهم. وعلى هذا أجمع المسلمون الذين لا يجوز عليهم الخطأ أن الله سبحانه وتعالى لا يغفر لهم ولا أحد منهم. قال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قال قائل كيف يكون هذا إجماعاً من الأمة؟ وقد زعم قوم من المتكلمين بأن مقلدة اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر ليسوا في النار. قيل له: هؤلاء قوم أنكروا أن يكون المقلد كافراً لشبهة دخلت عليهم، ولم يزعموا أن المقلد كافر وأنه مع ذلك ليس في النار، والعلم بأن المقلد كافر أو غير كافر طريقه النظر دون التوقيف والخبر. وقرأ حمزة والكسائي لا يفتح بالياء مضمومة على تذكير الجمع. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث الجماعة، كما قال: "مفتحة لهم الأبواب" [ص: 50] فأنث. ولما كان التأنيث في الأبواب غير حقيقي جاز تذكير الجمع. وهي قراءة ابن عباس بالياء. وخفف أبو عمرو وحمزة والكسائي، على معنى أن التخفيف يكون للقليل والكثير، والتشديد للتكثير والتكرير مرة بعد مرة لا غير، والتشديد هنا أولى لأنه على الكثير أدل. والجمل من الإبل. قال الفراء: الجمل زوج الناقة. وكذا قال عبد الله بن مسعود لما سئل عن الجمل فقال: هو زوج الناقة، كأنه استجهل من سأله عما يعرفه الناس جميعاً. والجمع جمال وأجمال وجمالات وجمائل. وإنما يسمى جملاً إذا أربع. وفي قراءة عبد الله: حتى يلج الجمل الأصفر في سم الخياط. ذكره أبو بكر الأنباري حدثنا أبي حدثنا نصر بن داود حدثنا أبو عبيد حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ابن كثير عن مجاهد قال في قراءة عبد الله...، فذكره. وقرأ ابن عباس الجمل بضم الجيم وفتح الميم وتشديدها. وهو حبل السفينة الذي يقال له القلس، وهو حبال مجموعة، جمع جملة، قاله أحمد بن يحيى ثعلب. وقيل: الحبل الغليظ من القنب. وقيل: الحبل الذي يصعد به في النخل. وروى عنه أيضاً وعن سعيد بن جبير: الجمل بضم الجيم وتخفيف الميم هو القلس أيضاً والحبل، على ما ذكرنا آنفا. وروى عنه أيضاً الجمل بضمتين جمع جمل، كأسد وأسد، والجمل مثل أسد وأسد. وعن أبي السمال الجمل بفتح الجيم وسكون الميم، وتخفيف جمل. وسم الخياط: ثقب الإبرة، عن ابن عباس وغيره. وكل ثقب لطيف في البدن يسمى سماً وسماً وجمعه سموم. وجمع السم القاتل سمام. وقرأ ابن سيرين في سم بضم السين. والخياط: ما يخاط به، يقال: خياط ومخيط، مثل إزار ومئزر وقناع ومقنع.
قوله "لا تفتح لهم أبواب السماء" قيل المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء, قاله مجاهد وسعيد بن جبير ورواه العوفي وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس, وكذا رواه الثوري عن ليث عن عطاء عن ابن عباس, وقيل المراد لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء, رواه الضحاك عن ابن عباس, وقاله السدي وغير واحد, ويؤيده ما قاله ابن جرير: حدثنا أبو كريب, حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن المنهال هو ابن عمرو, عن زاذان عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح االفاجر, وأنه يصعد بها إلى السماء فيصعدون بها, فلا تمر على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة ؟ فيقولون فلان بأقبح أسمائه التي كان يدعى بها في الدنيا, حتى ينتهوا بها إلى السماء فيستفتحون بابها له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تفتح لهم أبواب السماء" الاية, هكذا رواه وهو قطعة من حديث طويل رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق عن المنهال بن عمرو به.
وقد رواه الإمام أحمد بطوله فقال: حدثنا أبو معاوية, حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو, عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد, فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض, فرفع رأسه فقال "استعيذوا بالله من عذاب القبر ـ مرتين أو ثلاثة ثم قال ـ إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الاخرة, نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ـ قال ـ فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا, فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة, فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى.
قال: فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ؟ فيقول: ربي الله, فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام, فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيقولان له: وما عملك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت, فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها, ويفسح له في قبره مد البصر ـ قال ـ ويأتيه رجل حسن الوجه وحسن الثياب طيب الريح, فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير ؟ فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ـ قال. وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الاخرة, نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب, قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض, فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ـ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ "لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى, فتطرح روحه طرحاً ـ ثم قرأ ـ " ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق " فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان: ما دينك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة".
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فذكر نحوه وفيه حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك السماء والأرض وكل ملك في السماء, وفتحت له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله عز وجل أن يعرج بروحه من قبلهم, وفي آخره ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربة فيصير تراباً ثم يعيده الله عز وجل كما كان فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين, قال البراء: ثم يفتح له باب من النار ويمهد له فرش من النار, وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير واللفظ له من حديث محمد بن عمرو بن عطاء, عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان, فيقولون ذلك حتى يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقولون فلان فيقال مرحباً بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب أدخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان, فيقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل, وإذا كان الرجل السوء قالوا اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج, فيقولون ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء, فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقولون فلان فيقولون لا مرحباً بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنه لم يفتح لك أبواب السماء فترسل بين السماء والأرض فتصير إلى القبر".
وقد قال ابن جريج في قوله "لا تفتح لهم أبواب السماء" لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم وهذا فيه جمع بين القولين, والله أعلم, وقوله تعالى "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" هكذا قرأه الجمهور وفسروه بأنه البعير قال ابن مسعود: هو الجمل ابن الناقة, وفي رواية زوج الناقة وقال الحسن البصري: حتى يدخل البعير في خرم الإبرة وكذا قال أبو العالية والضحاك وكذا روى علي بن أبي طلحة العوفي عن ابن عباس, وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس: إنه كان يقرؤها يلج الجمل في سم الخياط بضم الجيم وتشديد الميم يعني الحبل الغليظ في خرم الإبرة, وهذا اختيار سعيد بن جبير, وفي رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ, وقوله "لهم من جهنم مهاد" قال محمد بن كعب القرظي "لهم من جهنم مهاد" قال الفرش "ومن فوقهم غواش" قال اللحف وكذا قال الضحاك بن مزاحم والسدي "وكذلك نجزي الظالمين".
قوله: 40- "لا تفتح لهم أبواب السماء". قرأ ابن عباس وحمزة والكسائي بفتح التحتية لكون تأنيث الجمع غير حقيقي فجاز تذكيره. وقرأ الباقون بالفوقية على التأنيث. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي تفتح بالتخفيف. وقرأ الباقون بالتشديد، والمعنى: أنها لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم إذا ماتوا، وقد دل على هذا المعنى وأنه المراد من الآية ما جاء في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة إذا انتهوا بروح الكافر إلى السماء الدنيا يستفتحون فلا تفتح لهم أبواب السماء، وقيل: لا تفتح أبواب السماء لأدعيتهم إذا دعوا قاله مجاهد والنخعي، وقيل لأعمالهم: أي لا تقبل، بل ترد عليهم فيضرب بها في وجوههم، وقيل المعنى: أنها لا تفتح لهم أبواب الجنة يدخلونها، لأن الجنة في السماء، فيكون على هذا القول العطف لجملة "ولا يدخلون الجنة" من عطف التفسير، ولا مانع من حمل الآية على ما يعم الأرواح والدعاء والأعمال، ولا ينافيه ورود ما ورد من أنها لا تفتح أبواب السماء لواحد من هذه، فإن ذلك لا يدل على فتحها لغيره مما يدخل تحت عموم الآية. قوله: "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" أي أن هؤلاء الكفار المكذبين المستكبرين لا يدخلون الجنة بحال من الأحوال، ولهذا علقه بالمستحيل، فقال: "حتى يلج الجمل في سم الخياط" وهو لا يلج أبداً، وخص الجمل بالذكر لكونه يضرب به المثل في كبر الذات، وخص سم الخياط، وهو ثقب الإبرة بالذكر لكونه غاية في الضيق، والجمل الذكر من الإبل والجمع جمال وأجمال وجمالات، وإنما سمي جملاً إذا أربع. وقرأ ابن عباس الجمل بضم الجيم وفتح الميم مشددة، وهو حبل السفينة الذي يقال له: القلس وهو حبال مجموعة قاله ثعلب، وقيل: الحبل الغليظ من القنب، وقيل: الحبل الذي يصعد به في النخل. وقرأ سعيد بن جبير الجمل بضم الجيم وتخفيف الميم. وهو القلس أيضاً. وقرأ أبو السماك الجمل بضم الجيم وسكون الميم. وقرئ أيضاً بضمهما. وقرأ عبد الله بن مسعود: حتى يلج الجمل الأصغر في سم الخياط وقرئ "في سم" بالحركات الثلاث، والسم: كل ثقب لطيف، ومنه ثقب الإبرة، والخياط ما يخاط به، يقال: خياط ومخيط "وكذلك نجزي المجرمين" أي مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي المجرمين: أي جنس من أجرم وقد تقدم تحقيقه.
40- " إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم " بالتاء، خفف أبو عمرو ، وبالياء، خفف حمزة و الكسائي ، والباقون بالتاء مشددة، " أبواب السماء "، لأدعيتهم ولا لأعمالهم. وقال ابن عباس: لأرواحهم لأنها خبيثة لا يصعد بها بل يهوى بها إلى سجين، إنما تفتح أبواب السماء لأرواحهم المؤمنين وأدعيتهم وأعمالهم، " ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط "، أي: حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة، والخياط والمخيط الإبرة، والمراد منه: أنهم لا يدخلون الجنة أبداً لأن الشيء إذا علق بما يستحيل كونه يدل ذلك على تأكيد المنع، كما يقال: لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب أو يبيض القار. يريد لا أفعله أبداً. " وكذلك نجزي المجرمين ".
40. " إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها " أي عن الإيمان بها . " لا تفتح لهم أبواب السماء " لأدعيتهم وأعمالهم ، أو لأزواجهم كما تفتح لأعمال المؤمنين وأرواحهم لتتصل بالملائكة . والتاء في تفتح لتأنيث غير الأبواب والتشديد لكثرتها. وقرأ أبو عمرو بالتخفيف و حمزة والكسائي به وبالياء ، لأن التأنيث غير حقيقي والفعل مقدم . وقرئ على البناء للفاعل ونصب الأبواب بالتاء على أن الفعل للآيات وبالياء لأن الفعل لله. " ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط " أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسلك وهو ثقبة الإبرة ، وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه . وقرئ " الجمل " كالقمل ، والجمل كالنغر والجمل كالقفل ، والجمل كالنصب ، والجمل كالحبل وهو الحبل الغليظ من القنب ، وقيل حبل السفينة. وسم بالضم والكسر وفي سم المخيط وهو والخياط ما يخاط به كالحزام والمحزم . " وكذلك " ومثل ذلك الجزاء الفظيع . " نجزي المجرمين " .
40. Lo! they who deny Our revelations and scorn them, for them the gates of Heaven will not be opened nor will they enter the Garden until the camel goeth through the needle's eye. Thus do We requite the guilty.
40 - To those who reject our signs and treat them with arrogance, no opining will there be of the gates of heaven, nor will they enter the garden, until the camel can pass through the eye of the needle: such is our reward for those in sin.