4 - (لقد خلقنا الإنسان) الجنس (في كبد) نصب وشدة يكابد مصائب الدنيا وشدائد الحرارة
وقوله : " لقد خلقنا الإنسان في كبد " وهذا هو جواب القسم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : وقع هاهنا القسم " لقد خلقنا الإنسان في كبد " .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : لقد خلقنا ابن آدم في شدة وعناء ونصب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " لقد خلقنا الإنسان في كبد " يقول : في نصب .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا سعيد ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن ، أنه قال في هذه الآية " لقد خلقنا الإنسان في كبد " يقول : في شدة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " لقد خلقنا الإنسان في كبد " حين خلق في مشقة لا يلقى ابن آدم إلا مكابد أمر الدنيا والآخرة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " في كبد " قال : يابد أمر الدنيا والآخرة .
وقال بعضهم : خلق خلقاً لم نخلق خلقه شيئاً .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن علي بن رفاعة ، قال : سمعت الحسن يقول : لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم .
قال : ثنا وكيع ، عن علي بن رفاعة ، قال : سمعت سعيد بن أبي الحسن يقول : " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : يكابد مصائب الدنيا ، وشدائد الآخرة .
قال : ثنا وكيع ، عن النضر ، عن عكرمة قال : " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في شدة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس" لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في شدة .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : في شدة معيشته ، وحمله وحياته ، ونبات أسنانه .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال مجاهد " الإنسان في كبد " قال : شدة خروج أسنانه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا ابو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " الإنسان في كبد " قال شدة .
وقال آخرون : معنى ذلك أنه خلق منتصباً معتدل القامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في انتصاب ، ويقال : في شدة .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا حرمي بن عمارة ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، في قوله " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في انتصاب ، يعني القامة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : منتصباً .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، وحدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع جميعاً ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثنا ابو كريب ، قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن شداد ، في قوله " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : معتدلاً بالقامة ، قال أبو صالح : معتدلاً في القامة .
حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن إسماعيل عن أبي صالح " خلقنا الإنسان في كبد " قال : قائماً .
حدثت عن الحسن ، قال : سمعت أبا معاذ يقلو : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله " في كبد " خلق منتصباً على رجلين ، لم تخلق دابة على خلقه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير عن مغيرة ، عن مجاهد " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في صعد .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنه خلق في السماء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قلوله " لقد خلقنا الإنسان في كبد " قال : في السماء ، يسمى ذلك الكبد .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك أنه خلق يكابد الأمول ويعالجها ، فقوله " في كبد " معناه : في شدة .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب من معاني الكبد ، ومنه قول لبيد بن ربيعة :
عين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
قوله تعالى:" لقد خلقنا الإنسان في كبد"
إلى هنا انتهى القسم، وهذا جوابه. ولله أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته لتعظيمها، كما تقدم. والإنسان هنا ابن آدم. " في كبد" أي في شدة وعناء من مكابدة الدنيا، وأصل الكبد الشدة. ومنه تكبد اللبن: غلظ وخثر واشتد. ومنه الكبد، لأنه دم تغلظ واشتد. ويقال: كابدت هذا الأمر : قاسيت شدته. قال لبيد:
يا عين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
قال ابن عباس والحسن:(في كبد) أي في شدة ونصب. وعن ابن عباس أيضاً: في شدة من حمله وولادته ورضاعه ونبت أسنانه، وغير ذلك من أحواله. وروى عكرمة عنه قال: منتصباً في بطن أمه. والكبد: الاستواء والاستقامة. فهذا امتنان عليه في الخلقة. ولم يخلق الله جل ثناؤه دابة في بطن أمها إلا منكبة على وجهها إلا ابن آدم، فإنه منتصب انتصاباً، وهو قول النخعي ومجاهد وغيرهما. ابن كيسان: منتصباً رأسه في بطن أمه، فإذا أذن الله أن يخرج من بطن أمه قلب رأسه إلى رجلي أمه. وقال الحسن: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وعنه أيضاً: يكابد الشكر على السراء ويكابد الصبر على الضراء، لأنه لا يخلو من أحدهما. ورواه ابن عمر. وقال يمان: لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف الخلق. قال علماؤنا: أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا قمط قماطاً، وشد رباطاً، يكابد الضيق والتعب، ثم يكابد الارتضاع، ولو فاته لضاع، ثم يكابد نبت أسنانه، وتحرك لسانه، ثم يكابد الفطام، الذي هو أشد من اللطام، ثم يكابد الختان، والأوجاع والأحزان، ثم يكابد المعلم وصولته، والمؤدب وسياسته، والأستاذ وهيبته، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه، ثم يكابد شغل الأولاد، والخدم والأجناد، ثم يكابد شغل الدور، وبناء القصور، ثم الكبر والهرم، ضعف الركبة والقدم، في مصائب يكثر تعدادها، ونوائب يطول إيرادها، من صداع الرأس، ووجع الأضراس، ورمد العين، وغم الدين، ووجع السن، وألم الأذن. ويكابد محناً في المال والنفس، مثل الضرب والحبس، ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدةن ولا يكابد إلا مشقة، ثم الموت بعد ذلك كله، ثم مساءلة الملك، وضغطة القبر وظلمته، ثم البعث والعرض على الله، إلى أن يستقر به القرار، إما في الجنة وإما في النار، قال الله تعالى:" لقد خلقنا الإنسان في كبد"، فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد. ودل هذا على أن له خالقاً دبره، وقضى عليه بهذه الأحوال، فليمتثل أمره. وقال ابن زيد: الإنسان هنا آدم. وقوله: " في كبد" أي في وسط السماء. وقال الكلبي : إن هذا نزل في رجل من بني جمح، كان يقال له أبو الأشدين، وكان يأخذ الأديم العكاظي فيجعله تحت قدميه، فيقول : من أزالني عنه فله كذا فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه، وكان من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه نزل " أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" يعني: لقوته. وروي عن ابن عباس.(في كبد)أي شديداً، يعني شديد الخلق، وكان من أشد رجال قريش. وكذلك ركانة بن
هاشم بن عبد المطلب، وكان مثلاً في البأس والشدة. وقيل:" في كبد" أي جريء القلب، غليظ الكبد، مع ضعف خلقته، ومهانة مادته. ابن عطاء: في ظلمة وجهل. الترمذي: مضيعاً ما يعنيه، مشتغلاً بما لا يعنيه.
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالاً لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها, قال خصيف عن مجاهد "لا أقسم بهذا البلد" لا رد عليهم. أقسم بهذا البلد. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "لا أقسم بهذا البلد" يعني مكة "وأنت حل بهذا البلد" قال أنت با محمد يحل لك أن تقابل به, وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد , وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك, وقال قتادة : "وأنت حل بهذا البلد" قال: أنت به من غير حرج ولا إثم, وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار, وهذا المعنى الذي قالوه ورد به الحديث المتفق على صحته. "إن هذا البلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض, فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه, وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, ألا فليبلغ الشاهد الغائب" وفي لفظ آخر: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم".
وقوله تعالى: "ووالد وما ولد" قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ووالد وما ولد" الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له, ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به, وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه ابن أبي حاتم . وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن حبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم وما ولد ولده, وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي, لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده, وقال أبو عمران الجوني : هو إبراهيم وذريته, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم , واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضاً.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصباً, زاد ابن عباس في رواية عنه منتصباً في بطن أمه, والكبد الاستواء والاستقامة, ومعنى هذا القول لقد خلقناه سوياً مستقيماً كقوله تعالى: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " وكقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" وقال ابن ابي نجيح وجريج وعطاء عن ابن عباس : في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه, وقال مجاهد "في كبد" نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق, قال مجاهد : وهو كقوله تعالى: "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" وأرضعته كرهاً ومعيشته كره فهو يكابد ذلك, وقال سعيد بن جبير "لقد خلقنا الإنسان في كبد" في شدة وطلب معيشه, وقال عكرمة : في شدة وطول, وقال قتادة : في مشقة. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر , وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأ هذه الاية "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا وأمراً من أمر الاخرة, وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الاخرة, وقال ابن زيد : "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: آدم خلق في السماء فسمي ذلك الكبد, واختار ابن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها.
وقوله تعالى: "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الحسن البصري : يعني "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" يأخذ ماله. وقال قتادة "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال: ابن آدم يظن أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه, وأين أنفقه, وقال السدي "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الله عز وجل, وقوله تعالى: "يقول أهلكت مالاً لبداً" أي يقول ابن آدم أنفقت مالاً لبداً أي كثيراً قاله مجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم "أيحسب أن لم يره أحد" قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف: وقوله تعالى: "ألم نجعل له عينين" أي يبصر بهما "ولساناً" أي ينطق به فيعبر عما في ضميره "وشفتين" يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها, وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء, فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك, وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما, وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بماأمرتك وأحللت لك, فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك. وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً, فأصب بفرجك ما أحللت لك, فإن عرض عليك ماحرمت عليك فأرخ عليك سترك, ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي". "وهديناه النجدين" الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله هو ابن مسعود "وهديناه النجدين" قال: الخير والشر, وكذا روي عن علي وابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخراساني في آخرين,وقال عبد الله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" تفرد به سنان بن سعد , ويقال سعد بن سنان , وقد وثقه ابن معين , وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث,وقال أحمد : تركت حديثه لاضطرابه , وروى خمسة عشر حديثاً منكرة كلها ما أعرف منها حديثاً واحداً يشبه حديثه حديث الحسن ـ يعني البصري ـ لا يشبه حديث أنس . وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول "وهديناه النجدين" قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر, فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمر ويونس بن عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسلاً, وهكذا أرسله قتادة وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عيسى بن عفان عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: "وهديناه النجدين" قال الثديين, وروي عن الربيع بن خثيم وقتادة وأبي حازم مثل ذلك, ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن عيسى بن عقال به ثم قال: والصواب القول الأول, ونظير هذه الاية قوله تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً".
4- "لقد خلقنا الإنسان في كبد" هذا جواب القسم، والإنسان هو هذا النوع الإنساني، والكبد: الشدة والمشقة، يقال كابدت الأمر: قاسيت شدته، والإنسان لا يزال في مكابدة الدنيا ومقاساة شدائدها حتى يموت، وأصل الكبد الشدة، ومنه تكبد اللبن: إذا غلظ واشتد، ويقال كبد الرجل: إذا وجعت كبده، ثم استعمل في كل شدة ومشقة، ومنه قول أبي الأصبغ:
لي ابن عم لو أن الناس في كبد لظل محتجزاً بالنبل يرميني
قال الحسن: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وقال أيضاً: يكابد الشكر على السراء، ويكابد الصبر على الضراء، لا يخلو عن أحدهما. قال الكلبي: نزلت هذه الآية في رجل من بني جمح يقال له أبو الأشدين، وكان يأخذ الأديم العكاظي ويجعله تحت رجليه ويقول: من أزالني عنه فله كذا، فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه، ويجعله تحت رجليه ويقول: من أزالني عنه فله كذا، فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه، وكان من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم.
4- "لقد خلقنا الإنسان في كبد"، روى الوالبي عن ابن عباس: في نصب. قال الحسن: يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة. وقال قتادة: في مشقة فلا تلقاه إلا يكابد أمر الدنيا والآخرة.
وقال سعيد بن جبير: في شدة. وقال عطاء عن ابن عباس: في شدة حمله وولادته ورضاعه، وفطامه وفصاله ومعاشه وحياته وموته.
وقال عمرو بن دينار: عند نبات أسنانه. قال يمان: لم يخلق الله خلقاً يكابد ابن آدم، وهو مع ذلك أضعف الخلق. وأصل الكبد: الشدة.
وقال مجاهد، وعطية، والضحاك: يعني منتصباً معتدل القامة، وكل شيء خلق فإنه يمشي مكباً، وهي رواية مقسم عن ابن عباس، وأصل الكبد: الاستواء والاستقامة.
وقال ابن كيسان: منتصباً رأسه في بطن أمه فإذا أذن الله له في خروجه انقلب رأسه إلى رجلي أمه.
وقال مقاتل: في كبد أي في قوة.
نزلت في أبي الأشدين، واسمه أسيد بن كلدة الجمحي، وكان شديداً قوياً يضع الأديم العكاظي تحت قدميه فيقول: من أزالني عنه فله كذا وكذا، فلا يطاق أن ينزع من تحت قدميه إلا قطعاً ويبقى موضع قدميه.
4-" لقد خلقنا الإنسان في كبد " تعب ومشقة من كبد الرجل كبداً إذا وجعت كبده ومنه المكابدة ، والإنسان لا يزال في شدائد مبدؤها ظلمة الرحم ومضيقه ومنتهاها الموت وما بعده ، وهو تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام مما كان يكابده من قريش والضمير في " أيحسب " لبعضهم الذي كان يكابد من أكثر ، أو يفتر كأبي الأشد بن كلدة فإنه كان يبسط تحت قدميه أديم عكاظي ويجذبه عشرة فنقطع ولا تزال قدماه ، أو لكل أحد منهم أو للإنسان .
4. We verily have created man in an atmosphere:
4 - Verily We have created man into toil and struggle.