ولولا) هلا (إذ دخلت جنتك قلت) عند إعجابك بها هذا (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) وفي الحديث من أعطي خيرا من مال أو أهل فيقول عند ذلك ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم ير فيه مكروها (إن ترن أنا) ضمير فصل بين المفعولين (أقل منك مالا وولدا)
يقول عز ذكره : وهلا إذ دخلت بستانك ، فأعجبك ما رأيت منه ، قلت ما شاء الله كان ، وفي الكلام محذوف استغني بدلالة ما ظهر عليه منه ، وهو جواب الجزاء، وذلك كان .
وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى الذي قلنا كانت ما نصبا بوقوع فعل الله عليه ، وهو شاء، وجاز طرح الجواب ، لأن معنى الكلام معروف ، كما قيل : فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ، وترك الجواب ، إذ كان مفهوما معناه . وكان بعض أهل العربية يقول ما من قوله " ما شاء الله " في موضع رفع بإضمار هو، كأنه قيل : قلت هو ما شاء الله " لا قوة إلا بالله " يقول : لا قوة على ما نحاول من طاعته إلا به وقوله " إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا" وهو قول المؤمن الذي لا مال له ، ولا عشيرة، مثل صاحب الجنتين وعشيرته ، وهو مثل سلمان وصهيب وخباب ، يقول : قال المؤمن للكافر: إن ترن أيها الرجل أنا أقل منك مالا وولدا، فإذا جعلت أنا عمادا نصبت أقل ، وبه القراءة عندنا، لأن عليه قراءة الأمصار، وإذا جعلتة اسما رفعت أقل .
قوله تعالى : " لولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله "فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : " لولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله "أي ،وهو توبيخ ووصية من المؤمن للكافر ورد عليه ، إذا قال ( ما أظن أن تبيد هذه أبداً ) و(ما) في موضع رفع ، تقديره : هذه الجنة هي ما شاء الله . وقال الزجاج و الفراء : الأمر ما شاء الله ، أو هو ما شاء الله ، أي الأمر مشيئة الله تعالى . وقيل : الجواب مضمر ، أي ما شاء الله كان ، وما لا يشاء لايكون . " لا قوة إلا بالله " أي ما اجتمع لك من المال فهو بقدرة الله تعالى وقوته لا بقدرتك وقوتك ، ولو شاء النزع البركة منه فلم يجتمع .
الثانية : قال أشهب قال مالك : ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا .وقال ابن وهب قال لي حفص بن ميسرة : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوباً ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي هريرة : " ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة _ أو قال كنز من كنوز الجنة قلت : بلى ، قال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وروي أنه من دخل منزله أو خرج عبدي واستسلم " أخرجه مسلم في صحيحه من "حديث أبي موسى .وفيه : فقال : يا أبي موسى أو يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة _ في رواية على كنز من كنوز الجنة قالت : ما هي يا رسول الله ،قال : لا حول ولا قوة إلا بالله " وعنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة أو قال كنز من كنوز الجنة قالت : بلى ، فقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . وروي " أنه من دخل منزله أو خرج منه فقال : باسم ما شاء الله لا قوة إلا بالله تنافرت عنه الشياطين من بين يديه وأنزل أنزل الله تعالى عليه البركات . وقالت عائشة : إذا خرج الرجل من منزله فقال باسم الله قال الملك هدت ، وإذا قال : ما شاء الله قال الملك : كفيت ، وإذا قال : لا قوة إلا بالله قال الملك وقيت ". خرجه الترمذي من حديث أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال يعني إذا خرج من بيته باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من تهذا الوجه . خرجه أبو داود أيضاً ووزاد فيه فقال له : ( هديت وكفيت ووقيت . ) أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا خرج الرجل من باب بيته أو باب داره كان معه ملكان موكلان به فإذا قال باسم الله قالا هديت وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله قالا وقيت وإذا قال توكلت على الله قالا كفيت قال فيلقاه قريناه فيقولان ماذا تريدان من رجل قد هدي ووقي وكفي " وقال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث : سئل محمد بن إسحاق بن خزيمة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " تحاجت الجنة والنار فقالت هده يعني الجنة يدخلني الضعفاء " من الضعيف ؟ قال : الذي يبرئ نفسه من الحول والقوة يعني في اليوم عشرين مرة أو خمسين مرة وقال أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره عين " يوقد قال قوم : ما من أحد قال ما شاء الله كان فأصابه شيء إلا رضي به وروي أن من قال اربعاً أمن من أربع : من قال هذه أمن من العين ، ومن قال حسبنا الله ونعم الوكيل أمن من كيد الشيطان ، ومن قال وأفوض أمري إلى الله أمن مكر الناس ، ومن قال لا إله إلا أنت سحانك إني كنت من الظالمين أمن من الغم .
قوله تعالى : " إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " (إن ) شرط (ترن ) مجزوم به ، والجواب ( فعسى ربي ) و(أنا ) فاصلة لا موضع لها من الإعراب . ويجوز أن تكون في موضع نصب توكيداً للنون والياء . وقرأ عيسى بن عمر ( إن ترن أنا أقل نمك ) بالرفع ، يجعل ( أنا ) مبتدأ و(أقل ) خبره ، والجملة في موضع المفعول الثاني ، والمفعو الأول النون والياء ، إلا أن الياء حذفت لأن الكسرة تدل عليها ، وإثباتها حجيد بالغ وهو الأصل لأنها الاسم على الحقيقة .
يقول تعالى مخبراً عما أجابه به صاحبه المؤمن, واعظاً له وزاجراً عما هو فيه من الكفر بالله والاغترار "أكفرت بالذي خلقك من تراب" الاية, وهذا إنكار وتعظيم لما وقع فيه من جحود ربه الذي خلقه, وابتدأ خلق الإنسان من طين وهو آدم, ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين, كما قال تعالى: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم" الاية, أي كيف تجحدون ربكم ودلالته عليكم ظاهرة جلية, كل أحد يعلمها من نفسه, فإنه ما من أحد من المخلوقات إلا ويعلم أنه كان معدوماً, ثم وجد وليس وجوده من نفسه ولا مستنداً إلى شيء من المخلوقات, لأنه بمثابته, فعلم إسناد إيجاده إلى خالقه, وهو الله لا إله إلا هو خالق كل شيء, ولهذا قال المؤمن "لكنا هو الله ربي" أي لكن أنا لا أقول بمقالتك بل أعترف لله بالوحدانية والربوبية, "ولا أشرك بربي أحداً" أي بل هو الله المعبود وحده لا شريك له.
ثم قال: " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " هذا تحضيض وحث على ذلك, أي هلا إذ أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها, حمدت الله ما أنعم به عليك وأعطاك من المال والولد ما لم يعطه غيرك, وقلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله, ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده, فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله, وهذا مأخوذ من هذه الاية الكريمة. وقد روي فيه حديث مرفوع, أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا جراح بن مخلد , حدثنا عمر بن يونس , حدثنا عيسى بن عون , حدثنا عبد الملك بن زرارة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد, فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله, فيرى فيه آفة دون الموت" وكان يتأول هذه الاية "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله" قال الحافظ أبو الفتح الأزدي : عيسى بن عون عن عبد الملك بن زرارة عن أنس لا يصح حديثه.
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة وحجاج, حدثني شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد مولى أبي رهم , عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا قوة إلا بالله" تفرد به أحمد . وقد ثبت في الصحيح عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله" وقال الإمام أحمد : حدثنا بكر بن عيسى , حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون قال: قال أبو هريرة : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ قال: قلت نعم فداك أبي وأمي. قال: أن تقول لا قوة إلا بالله" قال أبو بلج : " وأحسب أنه قال فإن الله يقول أسلم عبدي واستسلم" قال فقلت لعمرو : قال أبو بلج : قال عمرو : قلت لأبي هريرة لا حول ولا قوة إلا بالله, فقال: لا إنها في سورة الكهف "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
وقوله: "فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك" أي في الدار الاخرة "ويرسل عليها" أي على جنتك في الدنيا التي ظننت أنها لا تبيد ولا تفنى "حسباناً من السماء" قال ابن عباس والضحاك وقتادة ومالك عن الزهري : أي عذاباً من السماء, والظاهر أنه مطر عظيم مزعج يقلع زرعها وأشجارها, ولهذا قال: "فتصبح صعيداً زلقاً" أي بلقاً تراباً أملس لا يثبت فيه قدم, وقال ابن عباس : كالجرز الذي لا ينبت شيئاً وقوله: "أو يصبح ماؤها غوراً" أي غائراً في الأرض, وهو ضد النابع الذي يطلب وجه الأرض, فالغائر يطلب أسفلها, كما قال تعالى: "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين" أي جار وسائح, وقال ههنا: "أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً" والغور مصدر بمعنى غائر, وهو أبلغ منه, كما قال الشاعر:
تظل جياده نوحاً عليه تقلده أعنتها صفوفاً
بمعنى نائحات عليه.
ثم أقبل عليه يلومه فقال: 39- "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله" لولا للتحضيض: أي هلا قلت حين دخلتها هذا القول. قال الفراء والزجاج: ما في موضع رفع على معنى الأمر ما شاء الله: أي هلا قلت حين دخلتها الأمر بمشيئة الله، وما شاء الله كان، ويجوز أن تكون ما مبتدأ والخبر مقدر: أي ما شاء الله كائن، ويجوز أن تكون ما شرطية والجواب محذوف: أي أي شيء شاء الله كان "لا قوة إلا بالله" أي هلا قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، تحضيضاً له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله، إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها، وعلى الاعتراف بالعجز، وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا بقوته وقدرته. قال الزجاج: لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله، ولا يكون إلا ما شاء الله. ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه أجابه على افتخاره بالمال والنفر فقال " إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " المفعول الأول ياء الضمير، وأنا ضمير فصل، وأقل المفعول الثاني للرؤية إن كانت علمية، وإن جعلت بصرية كان انتصاب أقل على الحال، ويجوز أن يكون أنا تأكيد لياء الضمير، وانتصاب مالاً وولداً على التمييز.
39 - " ولولا إذ دخلت جنتك " ، أي : هلا إذ دخلت جنتك ، " قلت ما شاء الله " أي : الأمر ما شاء الله . وقيل : جوابه مضمر ، أي : ما شاء الله كان ، وقوله : " لا قوة إلا بالله " ، أي : لا أقدر على حفظ مالي أو دفع شيء عنه إلا [ بإذن الله ] .
وروي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى من ماله شيئاً يعجبه أو دخل حائطاً من حيطانه . قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
ثم قال :" إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً " و ( أنا ) عماد ، ولذلك نصب أقل ، معناه : إن ترني أقل منك مالاً وولداً فتكبرت وتعظمت علي .
39. "ولولا إذ دخلت جنتك قلت"وهلا قلت عند دخولها : "ما شاء الله"الأمر ما شاء أو ما شاء كائن على أن ما موصولة، أو أي شيء شاء الله كان على أنها شرطية والجواب محذوف إقراراً بأنها وما فيها بمشيئة الله إن شاء أبقاها وإن شاء أبادها."لا قوة إلا بالله"وقلت لا قوة إلا بالله اعترافاً بالعجز على نفسك والقدرة لله، وإن ما تيسر لك من عمارتها وتدبير أمرها بمعونته وإقدراه.وعن النبي صلى الله عليه وسلم "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره"."إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً"يحتمل أن يكون فصلاً وأن يكون تأكيداً للمفعول الأول ، وقرئ"أقل"بالرفع على أنه خبر "أنا"والجملة مفعول ثاني لـ"ترن"وفي قوله "وولداً"دليل لمن فسر النفر بالأولاد.
39. If only, when thou enteredst thy garden, thou hadst said: That which Allah wilteth (will come to pass)! There is no strength save in Allah! Though thou seest me as less than thee in wealth and children.
39 - Why didst thou not, as thou wentest into thy garden, say: God's will (be done) there is no power but with God If thou dost see me less than thee in wealth and sons,