37 - (ولقد راودوه عن ضيفه) أن يخلي بينهم وبين القوم الذين أتوه في صورة الأضياف ليخبثوا بهم وكانوا ملائكة (فطمسنا أعينهم) اعميناها وجعلناها بلا شق كباقي الوجه بأن صفقها جبريل بجناحيه (فذوقوا) فقلنا لهم ذوقوا (عذابي ونذر) إنذاري وتخويفي أي ثمرته وفائدته
وقوله " ولقد راودوه عن ضيفه " يقول جل ثناؤه : ولقد رواد لوطاً قومه عن ضيفه الذين نزلوا به حين أراد الله إهلاكهم " فطمسنا أعينهم " يقول : فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق فلم يبصروا ضيفه والعرب تقول : قد طمست الريح الأعلام : إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب كما قال كعب بن زهير :
من كل نضاخة الذفرى إذا اعترفت عرضتها طامس الأعلام مجهول
يعني بقوله : طامس الأعلام : مندفن الأعلام .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم " قال : عمي الله عليهم الملائكة حين دخلوا على لوط .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم " وذكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطاً وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه فصفقهم بجناحه وتركهم عمياً يترددون .
حدثني يونس قال : اخبرنا ابن وهب قال : قال قال ابن زيد في قوله " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم " قال : قوم لوط حين راودوه عن ضيفه طمس الله أعينهم فكان ينهاهم عن عملهم الخبيث الذي كانوا يعملون فقالوا : إنا لا نترك عملنا فإياك أن تنزل أحداً أو تضيفه أو تدعه ينزل عليك فإنا لا نتركه ولا نترك عملنا قال : فلما جاءه المرسلون خرجت امرأته الشقية من الشق فأتتهم فدعتهم وقالت لهم : تعالوا فإنه قد جاء قوم لم أر قط أحسن وجوهاً منهم ولا أحسن ثياباً ولا أطيب أرواحاً منهم قال : فجاءوه يهرعون إليه فقال : إن هؤلاء ضيفي فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي قالوا : أولم ننهك عن العالمين ؟ أليس قد تقدمنا إليك وأعذرنا فيما بيننا وبينك قال هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فقال له جبريل عليه السلام : ما يهولك من هؤلاء ؟ قال : أما ترى ما يريدون ؟ فقال : إنا رسل ربك لن يصلوا إليك لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك لتصنعن هذا الأمر سراً وليكونن فيه بلاء قال : فنشر جبريل عليه السلام جنحاً من أجنحته فاختلس به أبصارهم فطمس أعينهم فجلعوا يجول بعضهم في بعض فذلك قول الله " فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر " .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " ولقد راودوه عن ضيفه " جاءت الملائكة في صور الرجال وكذلك كانت تجئ فرآهم قوم لوط حين دخلوا القرية وقيل : إنهم نزلوا بلوط فأقبلوا إليهم يريدونهم فتلقاهم لوط يناشدهم الله أن لا يخزوه في ضيفه فأبوا عليه وجاءوا ليدخلوا عليه فقالت الرسل للوط خل بينهم وبين الدخول فإنا رسل ربك لن يصلوا إليك فدخلوا البيت وطمس الله على أبصارهم فلم يروهم وقالوا : قد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا ؟ فلم يروهم ورجعوا .
وقله " فذوقوا عذابي ونذر " يقول تعالى ذكره : فذوقوا معشر قوم لوط من سدوم عذابي الذي حل بكم وإنذاري الذي أنذرت به غيركم من الأمم من النكال والمثلات .
قوله تعالى " فذوقوا عذابي ونذر " أي فقلنا لهم ذوقوا والمراد من هذا الأمر الخبر ، أي فأذقتهم عذابي الذي أنذرهم به لوط .
يقول تعالى مخبراً عن قوم لوط كيف كذبوا رسولهم وخالفوه, وارتكبوا المكروه من إتيان الذكور وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين, ولهذا أهلكهم الله هلاكاً لم يهلكه أمة من الأمم, فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء, ثم قلبها عليهم وأرسلها وأتبعت بحجارة من سجيل منضود, ولهذا قال ههنا: "إنا أرسلنا عليهم حاصباً" وهي الحجارة "إلا آل لوط نجيناهم بسحر" أي خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم, ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد, حتى ولا امرأته أصابها ما أصاب قومها, وخرج نبي الله لوط وبنات له من بين أظهرهم سالماً لم يمسسه سوء, ولهذا قال تعالى: "كذلك نجزي من شكر * ولقد أنذرهم بطشتنا" أي ولقد كان قبل حلول العذاب بهم قد أنذرهم بأس الله وعذابه فما التفتوا إلى ذلك ولا أصغوا إليه بل شكوا فيه وتماروا به.
"ولقد راودوه عن ضيفه" وذلك ليلة ورد عليه الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل في صور شباب مرد حسان محنة من الله بهم, فأضافهم لوط عليه السلام, وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها فأعلمتهم بأضياف لوط, فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان, فأغلق لوط دونهم الباب, فجعلوا يحاولون كسر الباب, وذلك عشية ولوط عليه السلام يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ويقول لهم: "هؤلاء بناتي" يعني نساءهم " إن كنتم فاعلين " " قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " أي ليس لنا فيهن أرب "وإنك لتعلم ما نريد" فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول, خرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب أعينهم بطرف جناحه, فانطمست أعينهم, يقال إنها غارت من وجوههم, وقيل إنه لم تبق لهم عيون بالكلية, فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان, ويتوعدون لوطاً عليه السلام إلى الصباح. قال الله تعالى: "ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر" أي لا محيد لهم عنه ولا انفكاك لهم منه "فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر".
37- "ولقد راودوه عن ضيفه" أي أرادوا منه تمكينهم ممن أتاه من الملائكة ليفجروا بهم كما هو دأبهم، يقال راودته عن كذا مراودة ورواداً: أي أردته، وراد الكلام يردوه روداً: أي طلبه، وقد تقدم تفسير المراودة مستوفى في سورة هود "فطمسنا أعينهم" أي صيرنا أعينهم ممسوحة لا يرى لها شق كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب. وقيل أذهب الله نور أبصارهم مع بقاء الأعين على صورتها. قال الضحاك طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فرجعوا "فذوقوا عذابي ونذر" قد تقدم تفسيره في هذه السورة.
37. " ولقد راودوه عن ضيفه "، طلبوا أن يسلم إليهم أضيافه " فطمسنا أعينهم "، وذلك أنهم لما قصدوا دار لوط وعالجوا الباب ليدخلوا، قالت الرسل [للوط]: خل بينهم وبين الدخول فإنا رسل ربك لن يصلوا إليك، فدخلوا الدار فصفقهم جبريل بجناحه بإذن الله فتركهم عمياً يترددون متحيرين لا يهتدون إلى الباب، فأخرجهم لوط عمياً لا يبصرون. قوله: ((فطمسنا أعينهم)) أي: صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق، هذا قول أكثر المفسرين. وقال الضحاك : طمس الله أبصارهم فلم يروا الرسل، فقالوا: قد رأيناهم حين رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا، فلم يروهم فرجعوا. " فذوقوا عذابي ونذر "، أي: [ما أنذركم] به لوط من العذاب.
37-" ولقد راودوه عن ضيفه " قصدوا الفجور بهم . " فطمسنا أعينهم " فمسحناها وسويناها بسائر الوجه .روي أنهم لما دخلوا دارة عنوة صفقهم جبريل عليه السلام صفقة فأعماهم . " فذوقوا عذابي ونذر " فقلنا لهم ذوقوا على ألسنة الملائكة أو ظاهر الحال .
37. They even asked of him his guests for an ill purpose. Then We blinded their eyes (and said): Taste now My punishment after My warnings!
37 - And they even sought to snatch away his guests from him, but We blinded their eyes. (They heard:) Now taste ye My Wrath and My Warning.