وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي) في الآخرة على زعمك (لأجدن خيرا منها منقلبا) مرجعا
ثم تمنى أمنية أخرى على شك منه ، فقال " ولئن رددت إلى ربي " فرجعت إليه ، وهو غير موقن أنه راجع إليه " لأجدن خيرا منها منقلبا" يقول : لأجدن خيرا من جنتي هذه عند الله إن رددت إليه مرجعا ومردا ، يقول : لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منها في المعاد إن رددت إليه .
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وما أظن الساعة قائمة " قال : شك ، ثم قال : " ولئن " كان ذلك ثم " رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا" ما أعطاني هذه إلا ولي عنده خير من ذلك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا زيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة " كفور لنعم ربه ، مكذب بلقائه ، متمن على الله .
قوله تعالى : " قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا " أنكر فناء الدار . " وما أظن الساعة قائمة " أي لا أحسب البعث كائناً . " ولئن رددت إلى ربي " أي وإن كان بعث فكما أعطاني هذه النعم في الدنيا فسيعطيني أفضل منه لكرامتي عليه ، وهو معنى قوله : " لأجدن خيرا منها منقلبا " وإنما قال ذلك لما دعاه أخوه إلى الإيمان بالحشر والنشر . وفي مصاحب مكة والمدينة والشام ( منها) . وفي مصاحف أهل البصرة والكوفة (منها ) على التوحيد ، ولاتثنية أولى ، لأن الضمير أقرب إلى الجنتين .
يقول تعالى بعد ذكره المشركين المستكبرين عن مجالسة الضعفاء والمساكين من المسلمين, وافتخروا عليهم بأموالهم وأحسابهم, فضرب لهم مثلاً برجلين جعل الله لأحدهما جنتين, أي بستانتين من أعناب, محفوفتين بالنخيل, المحدقة في جنباتهما وفي خلالهما الزورع, وكل من الأشجار والزروع مثمر مقبل في غاية الجودة, ولهذا قال: "كلتا الجنتين آتت أكلها" أي أخرجت ثمرها, "ولم تظلم منه شيئاً" أي ولم تنقص منه شيئاً, "وفجرنا خلالهما نهراً" أي والأنهار متفرقة فيهما ههنا وههنا, "وكان له ثمر" قيل: المراد به المال, روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة . وقيل: الثمار, وهو أظهر ههنا ويؤيده القراءة الأخرى "وكان له ثمر" بضم الثاء وتسكين الميم, فيكون جمع ثمرة كخشبة وخشب. وقرأ آخرون ثمر بفتح الثاء والميم, فقال أي صاحب هاتين الجنتين لصاحبه وهو يحاوره, أي يجادله, ويخاصمه يفتخر عليه ويترأس "أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً" أي أكثر خدماً وحشماً وولداً, قال قتادة : تلك والله أمنية الفاجر, كثرة المال وعزة النفر.
وقوله: "ودخل جنته وهو ظالم لنفسه" أي بكفره وتمرده وتكبره وتجبره وإنكار المعاد "قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً" وذلك اغتراراً منه لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار, والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها, ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف, ذلك لقلة عقله, وضعف يقينه بالله, وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها, وكفره بالاخرة, ولهذا قال: "وما أظن الساعة قائمة" أي كائنة "ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً" أي ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله ليكونن لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي, ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا, كما قال في الاية الأخرى "ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى" وقال "أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً" أي في الدار الاخرة تألى على الله عز وجل. وكان سبب نزولها في العاص بن وائل , كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله, وبه الثقة وعليه التكلان.
36- "وما أظن الساعة قائمة" أنكر البعث بعد إنكاره لفناء جنته. قال الزجاج: أخبر أخاه بكفره بفناء الدنيا وقيام الساعة " ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا " اللام هي الموطئة للقسم، والمعنى: أنه إن يرد إلى ربه فرضاً وتقديراً كما زعم صاحبه، واللام في "لأجدن" جواب القسم، والشرط: أي لأجدن يومئذ خيراً من هذه الجنة، في مصاحف مكة والمدينة والشام خيراً منهما وفي مصاحف أهل البصرة والكوفة "خيراً منها" على الإفراد، و "منقلباً" منتصب على التمييز: أي مرجعاً وعاقبة، قال هذا قياساً للغائب على الحاضر. وأنه لما كان غنياً في الدنيا، سيكون غنياً في الأخرى، اغتراراً منه بما صار فيه من الغنى التي هو استدراج له من الله.
36 - فقال : " وما أظن الساعة قائمة " ، كائنة ، " ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً " ، قرأ أهل الحجاز والشام هكذا على التثنية ، يعني من الجنتين ، وكذلك هو في مصاحفهم ، وقرأ الآخرون " منها " أي : من الجنة التي دخلها ، " منقلباً " أي : مرجعاً .
إن قيل : كيف قال : " ولئن رددت إلى ربي " وهو منكر و البعث ؟
قيل : معناه : ولئن رددت إلى ربي - على ما تزعم أنت - يعطيني هنالك خيراً منها ، فإنه لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ليعطيني في الآخرة أفضل منها .
36."وما أظن الساعة قائمةً"كائنة."ولئن رددت إلى ربي"بالبعث كما زعمت. "لأجدن خيراً منها"من جنته ، وقرأالحجازيان والشامي منهما أي من الجنتين."منقلباً" مرجعاً وعاقبة لأنها فانية وتلك باقية، وإنما أقسم على ذلك لاعتقاده أنه تعالى إنما أولاه لاستئهاله واستحقاقه إياه لذاته وهو معه أينما تلقاه.
36. I think not that the Hour will ever come, and if indeed I am brought back unto my Lord I surely shall find better than this as a resort.
36 - Nor do I deem that the hour (of judgment) will (ever) come: even if I am brought back to my Lord, I shall surely find (there) something better in exchange.