34 - (ولكل أمة أجل) مدة (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون) عنه (ساعة ولا يستقدمون) عليه
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره - تهددا للمشركين الذين أخبر جل ثناؤه عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشة قالوا : " وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها " ، ووعيداً منه لهم على كذبهم عليه ، وعلى إصرارهم على الشرك به والمقام على كفرهم ، ومذكراً لهم ما أحل بأمثالهم من الأمم الذين كانوا قبلهم -: " ولكل أمة أجل " ، يقول : ولكل جماعة اجتمعت على تكذيب رسل الله ، ورد نصائحهم ، والشرك بالله ، مع متابعة ربهم حججه عليهم ، " أجل " ، يعني : وقت لحلول العقوبات بساحتهم ، ونزول المثلاث بهم على شركهم ، " فإذا جاء أجلهم " ، يقول : فإذا جاء الوقت الذي وقته الله لهلاكهم ، وحلول العقاب بهم ، " لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ، يقول : لا يتأخرون بالبقاء في الدنيا ، ولا يمتعون بالحياة فيها عن وقت هلاكهم وحين حلول أجل فنائهم ، ساعة من ساعات الزمان ، " ولا يستقدمون " ، يقول : ولا يتقدمون بذلك أيضاً عن الوقت الذي جعله الله لهم وقتاً للهلاك .
فيه مسألة واحدة:
قوله تعالى:"ولكل أمة أجل" أي وقت مؤقت. "فإذا جاء أجلهم" أي الوقت المعلوم عند الله عز وجل. وقرأ ابن سيرين جاء آجالهم بالجمع "لا يستأخرون" عنه ساعة ولا أقل من ساعة، إلا أن الساعة خصت بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات، وهي ظرف زمان. "ولا يستقدمون" فدل بهذا على أن المقتول إنما يقتل بأجله. وأجل الموت هو وقت الموت، كما أن أجل الدين هو وقت حلوله. وكل شيء وقت به شيء فهو أجل له. وأجل الإنسان هو الوقت الذي يعلم الله أنه يموت الحي فيه لا محالة. وهو وقت لا يجوز تأخير موته عنه، لا من حيث إنه ليس مقدوراً تأخيره. وقال كثير من المعتزلة إلا من شذ منهم: إن المقتول مات بغير أجله الذي ضرب له، وأنه لو لم يقتل لحيي. وهذا غلط، لأن المقتول لم يمت من أجل قتل غيره له، بل من أجل ما فعله الله من إزهاق نفسه عند الضرب له. فإن قيل: فإن مات بأجله فلم تقتلون ضاربه وتقتصون منه؟. قيل له: نقتله لتعديه وتصرفه فيما ليس له أن يتصرف فيه، لا لموته وخروج الروح إذ ليس ذلك من فعله. ولو ترك الناس والتعدي من غير قصاص لأدى ذلك إلى الفساد ودمار العباد. وهذا واضح.
يقول تعالى: "ولكل أمة" أي قرن وجيل "أجل فإذا جاء أجلهم" أي ميقاتهم المقدر لهم "لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ثم أنذر تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلاً يقصون عليهم آياته وبشر وحذر, فقال "فمن اتقى وأصلح" أي ترك المحرمات وفعل الطاعات " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها " أي كذبت بها قلوبهم واستكبروا عن العمل بها "أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" أي ماكثون فيها مكثاً مخلداً.
قوله: 34- "ولكل أمة أجل" أي وقت معين محدود ينزل فيه عذابهم من الله أو يميتهم فيه، ويجوز أن تحمل الآية على ما هو أعم من الأمرين جميعاً، والضمير في "أجلهم" لكل أمة: أي إذا جاء أجل كل أمة من الأمم كان ما قدره عليهم واقعاً في ذلك الأجل لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون عنه ساعة. قال أبو السعود ما معناه: إن قوله: "ولا يستقدمون" عطف على "يستأخرون" لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه في نفسه كالتأخر بل للمبالغة في انتفاء التأخر بنظمه في سلك المستحيل عقلاً، وقيل المراد بالمجيء: الدنو بحيث يمكن التقدم في الجملة كمجيء اليوم الذي ضرب لهلاكهم ساعة منه وليس بذاك. وقرأ ابن سيرين (آجالهم) بالجمع، وخص الساعة بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات. وقد استدل بالآية الجمهور على أن كل ميت يموت بأجله وإن كان موته بالقتل أو التردي أو نحو ذلك، والبحث في ذلك طويل جداً، ومثل هذه الآية قوله تعالى: "ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون".
34- " ولكل أمة أجل "، مدة، وأكل وشرب، وقال ابن عباس و عطاء و الحسن : يعني وقتاً لنزول العذاب بهم، " فإذا جاء أجلهم "، وانقطع أكلهم، " لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون "، أي: ولا يتقدمون. وذلك حين سألوا العذاب فأنزل هذه الآية.
34. " ولكل أمة أجل "مدة ، أو وقت نزول العذاب بهم وهو وعيد لأهل مكة. " فإذا جاء أجلهم " انقرضت مد تهم ،أو حان وقتهم . " لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " أي لا يتأخرون ولا يتقدمون أقصر وقت ، أو لا يطلبون التأخر والتقدم لشدة الهول .
34. And every nation hath its term, and when its term cometh, they cannot put it off an hour nor yet advance (it).
34 - To every people is a term appointed: when their term is reached, not an hour can they cause delay, Nor (an hour) can they advance (it in anticipation).