31 - (أخرج) حال باضمار قد أي مخرجا (منها ماءها) بتفجير عيونها (ومرعاها) ما ترعاه النعم من الشجر والعشب وما يأكله الناس من الأقوات والثمار وإطلاق المرعى عليه استعارة
وقوله : " أخرج منها ماءها " يقول : فجر فيها الأبار . " ومرعاها " يقول : أنبت نباتها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " ومرعاها " ما خلق الله فيها من النبات ، وماءها : ما فجر فيها من الأنهار .
قوله تعالى :" أخرج منها" أي أخرج من الأرض " ماءها" أي العيون المتفجرة بالماء. " ومرعاها" أي النبات الذي يرعى. وقال القتبي: دل بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتاً ومتاعاً للأنام من العشب والشجر والحب والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح، لأن النار من العيدان والملح من الماء.
يقول تعالى محتجاً على منكري البعث في إعادة الخلق بعد بدئه: "أأنتم" أيها الناس "أشد خلقاً أم السماء" يعني بل السماء أشد خلقاً منكم, كما قال تعالى: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقال تعالى: " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم " وقوله تعالى: "بناها" فسره بقوله: "رفع سمكها فسواها" أي جعلها عالية البناء بعيدة الفناء مستوية الأرجاء مكللة بالكواكب في الليلة الظلماء, وقوله تعالى: "وأغطش ليلها وأخرج ضحاها" أي جعل ليلها مظلماً أسود حالكاً ونهارها مضيئاً مشرقاً نيراً واضحاً , وقال ابن عباس : أغطش ليلها أظلمه, وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وجماعة كثيرون "وأخرج ضحاها" أي أنار نهارها. وقوله تعالى: "والأرض بعد ذلك دحاها" فسره بقوله تعالى: "أخرج منها ماءها ومرعاها" وقد تقدم في سورة حم السجدة أن الأرض خلقت قبل خلق السماء ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء, بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل, وهذا معنى قول ابن عباس وغير واحد واختاره ابن جرير . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي , حدثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس "دحاها" ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى وشقق فيها الأنهار, وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والاكام, فذلك قوله: "والأرض بعد ذلك دحاها" وقد تقدم تقرير ذلك هنالك.
وقوله تعالى: "والجبال أرساها" أي قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها وهو الحكيم العليم, الرؤوف بخلقه الرحيم. وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال نعم: الحديد, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ؟ قال نعم: النار, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار, قال: نعم الماء, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال: نعم الريح, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال: نعم, ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله" وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت تخلق علي آدم وذريته يلقون علي نتنهم ويعلون علي بالخطايا, فأرساها الله بالجبال فمنها ما ترون ومنها ما لا ترون, وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه. غريب جداً. وقوله تعالى: "متاعاً لكم ولأنعامكم" أي دحا الأرض فأنبع عيونها, وأظهر مكنونها, وأجرى أنهارها, وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها. وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها, كل ذلك متاعاً لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذا الدار, إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل.
31- "أخرج منها ماءها ومرعاها" أي فجر من الأرض الأنهار والبحار والعيون وأخرج منها مرعاها: أي النبات الذي يرعى، ومرعاها مصدر ميمي: أي رعيها، وهو في الأصل موضع الرعي، والجملة إما بيان وتفسير لدحاها، لأن السكنى لا تتأتى بمجرد البسط بل لا بد من تسوية أمر المعاش من المأكل والمشرب. وإما في محل نصب على الحال.
31- "أخرج منها ماءها ومرعاها".
31-" أخرج منها ماءها " بتفجير العيون " ومرعاها " ورعيها وهو في الأصل لموضع الرعي ، وتجريد الجملة عن العاطف لأنها حال بإضمار قد أو بيان للدحو .
31. And produced therefrom the water thereof and the pasture thereof,
31 - He draweth out therefrom its moisture and its pasture;