31 - (ألم يروا) أهل مكة القائلون للنبي لست مرسلا والاستفهام للتقرير أي أعلموا (كم) خبرية بمعنى كثيرا معمولة لما بعدها معلقة لما قبلها عن العمل والمعنى إنا (أهلكنا قبلهم) كثيرا (من القرون) الأمم (أنهم) المهلكين (إليهم) أي المكذبين (لا يرجعون) أفلا يعتبرون بهم وأنهم الخ بدل مما قبله برعاية المذكور
يقول تعالى ذكره: ألم ير هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد كم أهلكنا قبلهم بتكذيبهم رسلنا، وكفرهم بآياتنا من القرون الخالية " أنهم إليهم لا يرجعون " يقول: ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون " قال: عاد وثمود، وقرون بين ذلك كثير. و ( كم) من قوله " كم أهلكنا " في موضع نصب إن شئت بوقوع يروا عليها. وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله ( ألم يروا من أهلكنا) وإن شئت بوقوع أهلكنا عليها، وأما أنهم، فإن الألف منها فتحت بوقوع يروا عليها. وذكر عن بعضهم أنه كسر الألف منها على وجه الاستئناف بها، وترك إعمال يروا فيها.
قوله تعالى :" ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون " قال سيبويه : < أن > بدل م < كم > ، ومعنى كم ها هنا الخبر ، فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام . والمعنى : ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون . وقال الفراء : < كم > في موضع نصب من وجهين : أحدهما بـ < يروا > واستشهد على هذا بأنه في قراءة ابن مسعود < ألم يروا من أهلكنا > . والوجه الآخر أن يكون < كم > في موضع نصب بـ < أهلكنا > قال النحاس : القول الأول محال ، لأن < كم > لا يعمل فيها ما قبلها ، لأنها استفهام ، ومحال أن يدخل الاستفهام في خبر ما قبله . وكذا حكمها إذا كانت خبراً ، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا فجعل < أنهم > بدلاً من كم . وقد رد ذلك محمد بن يزيد أشد رد ، وقال < كم > في موضع نصب بـ < أهلكنا > و < أنهم > في موضع نصب ، والمعنى عنده بأهنم أي " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون " بالاستئصال . قال : والدليل على هذا أنها في قراءة عبد الله < من أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون > وقرأ الحسن : < إنهم إليهم لا يرجعون > بكسر الهمزة على الاستئناف . وهذه الآية رد على من زعم أن من الخلق من يرجع قبل القيامة .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: "يا حسرة على العباد" أي يا ويل العباد. وقال قتادة "يا حسرة على العباد" أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله, وفرطت في جنب الله, وفي بعض القراءات: يا حسرة العباد على أنفسهم, ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب, كيف كذبوا رسل الله, وخالفوا أمر الله, فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم "ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون" أي يكذبونه ويستهزئون به ويمجدون ما أرسل به من الحق.
ثم قال تعالى: "ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون" أي ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل, كيف لم يكن لهم إلى هذه الدنيا كرة ولا رجعة, ولم يكن الأمر كما زعم كثير من جهلتهم وفجرتهم من قولهم " إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا " وهم القائلون بالدور من الدهرية, وهم الذين يعتقدون جهلاً منهم أنهم يعودون إلى الدنيا, كما كانوا فيها, فرد الله تبارك وتعالى عليهم باطلهم, فقال تبارك وتعالى: "ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون".
وقوله عز وجل: "وإن كل لما جميع لدينا محضرون" أي وإن جميع الأمم الماضية والاتية ستحضر للحساب يوم القيامة بين يدي الله جل وعلا, فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها, ومعنى هذا كقوله جل وعلا: "وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم" وقد اختلف القراء في أداء هذا الحرف, فمنهم من قرأ "وإن كلاً لما" بالتخفيف فعنده أن إن للإثبات, ومنهم من شدد "لما" وجعل أن نافية, ولما بمعنى إلا, تقديره وما كل إلا جميع لدينا محضرون, ومعنى القراءتين واحد, والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم عجب سبحانه من حالهم حيث لم يعتبروا بأمثالهم من الأمم الخالية فقال: 31- "ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون" أي ألم يعلموا كثرة من أهلكنا قبلهم من القرون التي أهلكناها من الأمم الخالية، وجملة " أنهم إليهم لا يرجعون " بدل من كم أهلكنا على المعنى. قال سيبويه: أن بدل من كم، وهي الخبرية، فلذلك جاء أن يبدل منها ما ليس باستفهام، والمعنى: ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون. وقال الفراء: كم في موضع نصب من وجهين: أحدهما بيروا، واستشهد على هذا بأنه في قراءة ابن مسعود ألم يروا من أهلكنا والوجه الآخر أن تكون كم في موضع نصب بأهلكنا. قال النحاس: القول الأول محال، لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها لأنها استفهام، ومحال أن يدخل الاستفهام في حيز ما قبله، وكذا حكمها إذا كانت خبراً، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا فجعل أنهم بدلاً من كم، وقد رد ذلك المبرد أشد رد.
31. " ألم يروا "، ألم يخبروا، يعني: أهل مكة، " كم أهلكنا قبلهم من القرون "، والقرن: أهل كل عصر، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود، " أنهم إليهم لا يرجعون "، أي: لا يعودون إلى الدنيا فلا يعتبرون بهم.
31 -" ألم يروا " ألم يعلموا وهو معلق عن قوله : " كم أهلكنا قبلهم من القرون " لأن " كم " لا يعمل فيها ما قبلها وإن كانت خبرية لأن أصلها الاستفهام . " أنهم إليهم لا يرجعون " بدل من " كم " على المعنى أي ألم يروا كثرة إهلاكنا من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم ، وقرئ بالكسر على الاستئناف .
31. Have they not seen how many generations We destroyed before them, which Indeed return not unto them;
31 - See they not how many generations before them we destroyed Not to them will they return: