30 - (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا) غائرا في الأرض (فمن يأتيكم بماء معين) جار تناله الأيدي والدلاء كمائكم أي لا يأتي به إلا الله تعالى فكيف تنكرون أن يبعثكم ويستحب أن يقول القارىء عقب معين الله رب العالمين كما ورد في الحديث وتليت هذه الآية عند بعض المتجبرين فقال تأتي به الفؤوس والمعاول فذهب ماء عينه وعمي نعوذ بالله من الجرأة على الله وعلى آياته
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " قل " يا محمد لهؤلاء المشركين " أرأيتم " أيها القوم العادلون بالله " إن أصبح ماؤكم غورا " يقول : غائراً لا تناله الدلاء " فمن يأتيكم بماء معين " يقول : فمن يجيئكم بماء معين ، يعني بالمعين : الذي تراه العيون ظاهراً .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " فمن يأتيكم بماء معين " يقول : بماء عذب .
حدثنا ابن عبد الأعلى بن واصل ، قال : ثني عبيد بن قاسم البزاز ، قال : ثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله " إن أصبح ماؤكم غورا " لا تناله الدلاء " فمن يأتيكم بماء معين " قال : الظاهر .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا " : أي ذاهباً " فمن يأتيكم بماء معين " قال : الماء المعين : الجاري .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله " ماؤكم غورا " ذاهباً " فمن يأتيكم بماء معين " جار ، وقيل غوراً فوصف الماء بالمصدر ، كما يقال : ليلة عم ، يراد : ليلة عامة .
قوله تعالى: " قل أرأيتم" يا معشر قريش "إن أصبح ماؤكم غورا" أي غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الدلاء. وكان ماؤهم من بئرين: بئر زمزم وبئر ميمون. " فمن يأتيكم بماء معين" أي جار، قاله قتادة والضحاك. فلا بد لهم من أن يقولوا لا يأتينا به إلا الله،فقل لهم لم تشركون به من لا يقدر على أن يأتيكم. يقال: غار الماء يغور غوراً، أي نصب. والغور: الغائر، وصف بالمصدر للمبالغة، كما تقول : رجل عدل ورضاً. وقد مضى في سورة الكهف ومضى القول في المعنى في سورة المؤمنين والحمد لله. وعن ابن عباس: بماء معين أي ظاهر تراه العين، فهو مفعول. وقيل: هو من معن الماء أي كثر، فهو على هذا فعيل. وعن ابن عباس أيضاً: أن المعنى فمن يأتيكم بماء عذب. والله أعلم.
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه "أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" أي خلصوا أنفسكم فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة والرجوع إلى دينه ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال, فسواء عذبنا الله أو رحمنا فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم. ثم قال تعالى: "قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا" أي آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم وعليه توكلنا في جميع أمورنا كما قال تعالى: "فاعبده وتوكل عليه" ولهذا قال تعالى: "فستعلمون من هو في ضلال مبين" أي منا ومنكم ولمن تكون العاقبة في الدنيا والاخرة.
ثم قال تعالى إظهاراً للرحمة في خلقه: "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً" أي ذاهباً في الأرض إلى أسفل فلا ينال بالفؤوس الحداد ولا السواعد الشداد, والغائر عكس النابع ولهذا قال تعالى: "فمن يأتيكم بماء معين" أي نابع سائح جار على وجه الأرض, أي لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة, فلله الحمد والمنة. آخر تفسير سورة الملك ولله الحمد والمنة.
ثم احتج سبحانه عليهم ببعض نعمه، وخوفهم بسلب تلك النعمة عنهم فقال: 30- "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً" أي أخبروني إن صار ماؤكم غاراً في الأرض بحيث لا يبقى له وجود فيها أصلاً، أو صار ذاهباً في الأرض إلى مكان بعيد بحيث لا تناله الدلاء. يقال غار الماء غوراً: أي نضب، والغور الغائر، وصف بالمصدر للمبالغة، كما يقال رجل عدل، وقد تقدم مثل هذا في سورة الكهف "فمن يأتيكم بماء معين" أي ظاهر تراه العيون، وتناله الدلاء، وقيل هو من معن الماء: أي كثر. وقال قتادة والضحاك: أي جار، وقد تقدم معنى المعين في سورة المؤمن. وقرأ ابن عباس فمن يأتيكم بماء عذب.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس "أفمن يمشي مكباً" قال: في الضلالة "أمن يمشي سوياً" قال: مهتدياً. وأخرج الخطيب في تاريخه وابن النجار عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اشتكى ضرسه فليضع أصبعه عليه، وليقرأ هذه الآية "هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون"". وأخرج الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اشتكى ضرسه فليضع أصبعه عليه، وليقرأ هاتين الآيتين سبع مرات "وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع" إلى "يفقهون" و"هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون" فإنه يبرأ بإذن الله". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "إن أصبح ماؤكم غوراً" قال: داخلاً في الأرض "فمن يأتيكم بماء معين" قال: الجاري. وأخرج ابن المنذر عنه "إن أصبح ماؤكم غوراً" قال: يرجع في الأرض: وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "بماء معين" قال: ظاهر. وأخرج عبد بن حميد عنه أيضاً "بماء معين" قال عذب.
30- "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً"، غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الأيدي والدلاء. قال الكلبي ومقاتل: يعني ماء زمزم، "فمن يأتيكم بماء معين"، ظاهر تراه العيون وتناله الأيدي والدلاء. وقال عطاء عن ابن عباس: معين أي جار.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني أبو الحسن الفارسي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد، حدثنا أبو يحيى البزار، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو داود، حدثنا عمران، عن قتادة، عن عباس الجشمي، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار يوم القيامة وأدخلته الجنة، وهي سورة تبارك".
30-" قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً " غائراً في الأرض بحيث لا تناله الدلاء مصدر وصف به . " فمن يأتيكم بماء معين " جار أو ظاهر سهل المأخذ .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الملك فكأنما أحيا ليلة القدر " .
30. Say: Have ye thought: If (all) your water were to disappear into the earth, who then could bring you gushing water?
30 - Say: See ye? If your stream be some morning lost (in the underground earth), who then can supply you with clear flowing water?