30 - (ولو نشاء لأريناكهم) عرفناكم وكررت اللام في (فلعرفتهم بسيماهم) علامتهم (ولتعرفنهم) الواو لقسم محذوف وما بعدها جوابه (في لحن القول) أي معناه إذا تكلموا عندك بأن يعرضوا بما فيه تهجين أمر المسلمين (والله يعلم أعمالكم)
قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم " قال : هؤلاء المنافقون ، قال : وقد أراه الله إياهم ، وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد ، قال : فأبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا الله ، فلما أبوا إلا أن تمسكوا بلا إلا الله حقنت دماؤهم ، ونكحوا ونوكحوا بها .
وقوله " ولتعرفنهم في لحن القول " يقول : ولتعرفن هؤلاء المنافقين في معنى قولهم نحوه .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " في لحن القول " قال قولهم " والله يعلم أعمالكم " لا يخفى عليه العامل منكم بطاعته ، والمخالف ذلك ، وهو مجازي جميعكم عليه .
قوله تعالى : " ولو نشاء لأريناكهم " أي لعرفناكهم ، قال ابن عباس : وقد عرفه إياهم في سورة براءة ، تقول العرب : سأريك ما أصنع أي سأعملك ، ومنه قوله تعالى : " بما أراك الله" [ النساء : 105 ] ، أي بما أعلمك ، " فلعرفتهم بسيماهم " أي بعلاماتهم ، قال أنس : ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحد من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم ، وقد كنا في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشك فيهم الناس ، فأصبحوا ذات ليلة وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب ( هذا منافق ) فذلك سيماهم ، وقال ابن زيد : قدر الله إظهارهم وأمر أن يخرجوا من المسجد فأبوا إلا أن يتمسكوا بلا إلا إلا الله ، فحقنت دماؤهم ونكحوا وأنكحوا بها ، " ولتعرفنهم في لحن القول " أي في فحواه ومعناه ، ومنه قول الشاعر :
وخبر الكلام ما كان لحنا
أي ما عرف بالمعنى ولم يصرح به مأخوذ من اللحن في الإعراب ، وهو الذهاب عن الصواب ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض " ، أي أذهب بها في الجواب لقوته على تصريف الكلام ، أبو زيد : لحنت له ( بالفتح ) ألحن لحناً إذا قلت له قولاً يفهمه عنك ويخفى على غيره ، ولحنه هو عني ( بالكسر ) يلحنه لحناً أي فهمه ، وألحنته أنا إياه ، ولاحنت الناس فاطنتهم ، قال الفزاري :
وحديث ألذة هو مما ينعت الناعتون يوزن وزنا
منطق رائع وتلحن أحيا ناً وخير الحديث ما كان لحنا
يريد أنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره ، وتعرض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها وذكائها ، وقد قال تعالى : " ولتعرفنهم في لحن القول " وقال القتال الكلابي :
وقد وحيت لكم لكيما تفهموا ولحنت لحناً ليس بالمرتاب
وقال مرار الأسدي :
ولحنت لحناً فيه غش ورابني صدودك ترضين الوشاة الأعاديا
قال الكلبي : فلم يتكلم بعد نزولها عند النبي صلى الله عليه وسلم منافق إلا عرفه ، وقيل : كان المنافقون يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم بكلام تواضعوه فيما بينهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد ، فنبهه الله تعالى عليه ، فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم ، قال أنس : فلم يخف منافق بعد هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عرفه الله ذلك بوحي أو علامة عرفها بتعريف الله إياه " والله يعلم أعمالكم " أي لا يخفى عليه شيء منها .
يقول تعالى: " أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم " أي أيعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين, بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمهم ذوو البصائر, وقد أنزل الله تعالى في ذلك سورة براءة فبين فيها فضائحهم, وما يعتمدونه من الأفعال الدالة على نفاقهم, ولهذا كانت تسمى الفاضحة. والأضغان: جمع ضغن وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره. وقوله تعالى: " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم " يقول عز وجل ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم فعرفتهم عياناً, ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين ستراً منه على خلقه, وحملاً للأمور على ظاهر السلامة ورداً للسرائر إلى عالمها "ولتعرفنهم في لحن القول" أي فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه, وهو المراد من لحن القول كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه.
وفي الحديث "ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله تعالى جلبابها إن خيراً فخير وإن شراً فشر" وقد ذكرنا ما يستدل به على نفاق الرجل وتكلمنا على نفاق العمل والاعتقاد في أول شرح البخاري بما أغنى عن إعادته ههنا, وقد ورد في الحديث تعيين جماعة من المنافقين. قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا سفيان عن سلمة عن عياض بن عياض عن أبيه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: "إن منكم منافقين فمن سميت فليقم ـ ثم قال ـ قم يا فلان, قم يا فلان قم يا فلان ـ حتى سمى ستة وثلاثين رجلاً ثم قال ـ إن فيكم أو منكم ـ منافقين فاتقوا الله" قال فمر عمر رضي الله عنه برجل ممن سمى مقنع قد كان يعرفه فقال: مالك ؟ فحدثه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بعداً لك سائر اليوم. وقوله عز وجل: "ولنبلونكم" أي لنختبرنكم بالأوامر والنواهي "حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم" وليس في تقدم علم الله تعالى بما هو كائن أنه سيكون شك ولا ريب, فالمراد حتى نعلم وقوعه ولهذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما في مثل هذا: إلا لنعلم أي لنرى.
30- "ولو نشاء لأريناكهم" أي لأعلمناكهم وعرفناكهم بأعيانهم معرفة تقوم مقام الرؤية، تقول العرب: سأريك ما أصنع: أي سأعلمك "فلعرفتهم بسيماهم" أي بعلامتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها. قال الزجاج: المعنى لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة، وهي السيما فلعرفتهم بتلك العلامة، والفاء لترتيب المعرفة على الإراءة، وما بعدها معطوف على جواب لو وكررت في المعطوف للتأكيد، وأما اللام في قوله: "ولتعرفنهم في لحن القول" فهي جواب قسم محذوف. قال المفسرون: لحن القول فحواه ومقصده ومغزاه وما يعرضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين، وكان بعد هذا لا يتكلم منافق عنده إلا عرفه. قال أبو زيد: لحنت له اللحن: إذا قلت له قولاً يفقهه عنك ويخفى على غيره، ومنه قول الشاعر:
منطق صائب وتلحن أحياناً وخير الكلام ما كان لحناً
أي أحسنه ما كان تعريضاً بعهمه المخاطب ولا يفهمه غيره لفطنته وذكائه، وأصل اللحن إمالة الكلام إلى نحو من الأنحاء لغرض من الأغراض "والله يعلم أعمالكم" لا تخفى عليه منها خافية فجازيكم بها، وفيه وعيد شديد.
30. " ولو نشاء لأريناكهم "، أي لأعلمناكم وعرفناكهم، " فلعرفتهم بسيماهم "، بعلامتهم، قال الزجاج : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة تعرفهم بها.
قال أنس: ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين، كان يعرفهم بسيماهم.
" ولتعرفنهم في لحن القول "، في معناه ومقصده.
((واللحن)): وجهان صواب وخطأ، فالفعل من الصواب: لحن يلحن لحناً فهو لحن إذا فطن للشيء، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ".
والفعل من الخطأ لحن يلحن لحناً فهو لاحن. والأصل فيه: إزالة الكلام عن جهته.
والمعنى: إنك تعرفهم فيما يعرضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين والاستهزاء بهم، فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه بقوله، ويستدل بفحوى كلامه على فساد دخيلته.
" والله يعلم أعمالكم ".
30-" ولو نشاء لأريناكهم " لعرفناكم بدلائل تعرفهم بأعيانهم . " فلعرفتهم بسيماهم " بعلاماتهم التي نسمهم بها ، واللام لام الجواب كررت في المعطوف . " ولتعرفنهم في لحن القول " جواب قسم محذوف و " لحن القول " أسلوبه ، أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية ، ومنه قيل للمخطئ لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب . " والله يعلم أعمالكم " فيجازيكم على حساب قصدكم إذ الأعمال بالنيات .
30. And if We would, We could show them unto thee (Muhammad) so that thou shouldst know them surely by their marks. And thou shalt know them by the burden of their talk. And Allah knoweth your deeds. .
30 - Had We so willed, We could have shown them up to thee, and thou shouldst have known them by their marks: but surely thou wilt know them by the tone of their speech! And God knows all that ye do.