إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) الجملة خبر إن الذين وفيها إقامة الظاهر مقام المضمر والمعنى أجرهم أي نثيبهم بما تضمنه
يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا الله ورسوله ، وعملوا بطاعة الله ، وانتهوا إلى أمره ونهيه ، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملا، فاطاع الله ، واتبع أمره ونهيه ، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار. فإن قال قائل : وأين خبر إن الأولى؟ قيل : جائز أن يكون خبرها قوله " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا" فيكون معنى الكلام : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا، فترك الكلام الأول ، واعتمد على الثاني بنية التكرير، كما قيل " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه " بمعنى : عن قتال فيه على التكرير، وكما قال الشاعر:
إن الخليفة إن الله سربله سربال ملك به ترجى الخواتيم
ويروي : ترخى، وجائز أن يكون " إن الذين آمنوا" جزاءا ، فيكون معنى الكلام : إن من عمل صالحا فإنا لا تضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله إنا، وجائز أن يكون خبرها : أولئك لهم جنات عدن ، فيكون معنى الكلام : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك لهم جنات عدن .
قوله تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر ايضاً ما للمؤمنين من الثواب .وفي الكلام إضمار ، أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملاً ، فأما من أحسن عملاً من غير المؤمنين فعمله محبط . و(عملا ) نصب على التمييز ، وإن شيئت بإيقاع ( أحسن ) عليه . وقيل : " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " ، كلام معترض ، والخبر قوله .
لما ذكر تعالى حال الأشقياء, ثنى بذكر السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به, وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة, فلهم جنات عدن, والعدن: الإقامة, "تجري من تحتهم الأنهار" أي من تحت غرفهم ومنازلهم, قال فرعون "وهذه الأنهار تجري من تحتي" الاية, " يحلون " أي من الحلية "فيها من أساور من ذهب" وقال في المكان الاخر "ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير" وفصله ههنا, فقال "ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق" فالسندس ثياب رفاع رقاق كالقمصان وما جرى مجراها. وأما الإستبرق فغليظ الديباج وفيه بريق.
وقوله: "متكئين فيها على الأرائك" الاتكاء قيل الاضطجاع, وقيل التربع في الجلوس وهو أشبه بالمراد ههنا, ومنه الحديث الصحيح "أما أنا فلا آكل متكئاً", فيه القولان: والأرائك جمع أريكة, وهي السرير تحت الحجلة, والحجلة كما يعرفه الناس في زماننا هذا بالباشخاناة, والله أعلم. قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة "على الأرائك" قال: هي الحجال , قال معمر وقال غيره: السرر في الحجال.
وقوله: " نعم الثواب وحسنت مرتفقا " أي نعمت الجنة ثواباً على أعمالهم وحسنت مرتفقاً, أي حسنت منزلاً ومقيلاً ومقاماً, كما قال في النار "بئس الشراب وساءت مرتفقاً" وهكذا قابل بينهما في سورة الفرقان في قوله: "إنها ساءت مستقراً ومقاماً", ثم ذكر صفات المؤمنين, فقال " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ".
30- "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات" هذا شروع في وعد المؤمنين بعد الفراغ من وعيد الكافرين. والمعنى: إن الذين آمنوا بالحق الذي أوحي إليك وعملوا الصالحات من الأعمال "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً" هذا خبر إن الذين آمنوا، والعائد محذوف: أي من أحسن منهم عملاً.
30 - قوله تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " ، فإن قيل : أين جواب قوله:" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات"؟
قيل: جوابه قوله: " أولئك لهم جنات عدن تجري" ،وأما قوله : " إنا لا نضيع " فكلام معترض .
وقيل : فيه إضمار ، معناه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنا لا نضيع أجرهم بل نجازيهم ، ثم ذكر الجزاء فقال .
30."إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً"خبر إن الأولى وهي الثانية بما في حيزها،والراجع محذوف تقديره من أحسن عملاً منهم أو مستغنى عنه بعموم من أحسن عملاً كما هو مستغني عنه في قولك: نعم الرجل زيد، أو واقع موقعه الظاهر فإن من أحسن عملاً لا يحسن إطلاقه على الحقيقة إلا على الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
30. Lo! as for those who believe and do good works, Lo! We suffer not the reward of one whose work is goodly to be lost.
30 - As to those who believe and work righteousness, verily we shall not suffer to perish the reward of any who do a (single) righteous deed.