30 - (هنالك) أي ذلك اليوم (تبلُو) من البلوى ، وفي قراءة بتاءين {تتلو} من التلاوة (كل نفس ما أسلفت) قدمت من العمل (وردوا إلى الله مولاهم الحق) الثابت الدائم (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترون) عليه من الشركاء
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة قوله: " هنالك تبلو كل نفس "، [فقرأه بعضهم] بالباء، بمعنى: عند ذلك تختبر كل نفس ما قدمت من خير أو شر.
وكان ممن يقرؤه ويتأوله كذلك، مجاهد .
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت "، قال: تختبر.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله.
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز: ((تتلو كل نفس ما أسلفت))، بالتاء.
واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله.
فقال بعضهم: معناه وتأويله: هنالك تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا لذلك اليوم.
وروي بنحو ذلك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من وجه وسند غير مرتضى أنه قال: يمثل كل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله يوم القيامة، فيتبعونهم حتى يوردوهم النار. قال: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: " هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ".
وقال بعضهم: بل معناه: يتلو كتاب حسناته وسيئاته، يعني يقرأ، كما قال جل ثناؤه: " ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا " [الإسراء: 13].
وقال آخرون: ((تتلو)) تعاين.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ((هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت))، قال: ما عملت، ((تتلو)) تعاينه.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، وهما متقاربتا المعنى. وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلف من العمل في الدنيا، هجم به على مورده، فيخبر هنالك ما أسلف من صالح أو سيىء في الدنيا، وإن من خبر ما أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبر بعد مصيره إلى حيث أحله ما قدم في الدنيا من عمله، فهو في كلتا الحالتين متبع ما أسلف من عمله، مختبر له. فبأيتهما قرأ القارىء، كما وصفنا، فمصيب الصواب في ذلك.
وأما قوله: " وردوا إلى الله مولاهم الحق "، فإنه يقول: ورجع هؤلاء المشركون يومئذ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم، الحق لا شك فيه، دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد، " وضل عنهم ما كانوا يفترون "، يقول: وبطل عنهم ما كانوا يتخرصون من الفرية والكذب على الله، بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء، وأنها تقربهم منه زلفى، كما:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون "، قال: ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة، ما كانوا يفترون الآلهة، وذلك أنهم جعلوها أنداداً وآلهة مع الله افتراءً وكذباً.
قوله تعالى: "هنالك" في موضع نصب على الظرف. "تبلو" أي في ذلك الوقت. تبلوا أي تذوق. وقال الكلبي: تعلم. مجاهد: تختبر. "كل نفس ما أسلفت" أي جزاء ما عملت وقدمت. وقيل: تسلم، أي تسلم ما عليها من الحقوق إلى أربابها بغير اختيارها. وقرأ حمزة والكسائي تتلو أي تقرأ كل نفس كتابها الذي كتب عليها. وقيل: تتلو تتبع، أي تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا، قاله السدي. ومنه قول الشاعر:
إن المريب يتبع المريبا كما رأيت الذيب يتلوا الذيبا
قوله تعالى: "وردوا إلى الله مولاهم الحق" بالخفض على البدل أو الصفة. ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات، يكون التقدير: وردوا حقاً، ثم جيء بالألف واللام. ويجوز أن يكون التقدير: مولاهم حقاً لا ما يعبدون من دونه. والوجه الثالث أن يكون مدحاً، أي أعني الحق. ويجوز أن يرفع الحق، ويكون المعنى مولاهم الحق -على الابتداء والخبر، والقطع مما قبل- لا ما يشركون من دونه. ووصف نفسه سبحانه بالحق لأن الحق منه كما وصف نفسه بالعدل لأن العدل منه، أي كل عدل وحق فمن قبله، وقال ابن عباس: مولاهم بالحق أي الذي يجازيهم بالحق. "وضل عنهم" أي بطل. "ما كانوا يفترون" يفترون في موضع رفع وهو بمعنى المصدر، أي افتراؤهم. فإن قيل: كيف قال "وردوا إلى الله مولاهم الحق" وقد أخبر بأن الكافرين لا مولى لهم. قيل: ليس بمولاهم في النصرة والمعونة، وهو مولى لهم في الرزق وإدرار النعم.
يقول تعالى: "ويوم نحشرهم" أي أهل الأرض كلهم من جن وإنس وبر وفاجر كقوله: "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" "ثم نقول للذين أشركوا" الاية أي الزموا أنتم وهم مكاناً معيناً امتازوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى: "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" وقوله: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون" وفي الاية الأخرى "يومئذ يصدعون" أي يصيرون صدعين وهذا يكون إذا جاء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء ولهذا قيل ذلك بياض في الأصل يستشفع المؤمنون إلى الله تعالى أن يأتي لفصل القضاء ويريحنا من مقامنا هذا, وفي الحديث الاخر "نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس" وقال الله تعالى في هذه الاية الكريمة إخباراً عما يأمر به المشركين وأوثانهم يوم القيامة " مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم " الاية أنهم أنكروا عبادتهم وتبرؤوا منهم كقوله: "كلا سيكفرون بعبادتهم" الاية وقوله: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا" وقوله: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء" الاية وقوله في هذه الاية إخباراً عن قول الشركاء فيما راجعوا فيه عابديهم عند ادعائهم عبادتهم: "فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم" الاية أي ما كنا نشعر بها ولا نعلم بها, وإنما كنتم تعبدوننا من حيث لا ندري بكم والله شهيد بيننا وبينكم أنا ما دعوناكم إلى عبادتنا ولا أمرناكم بها ولا رضينا منكم بذلك.
وفي هذا تبكيت عظيم للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئاً, ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده بل تبرأ منهم وقت أحوج ما يكونون إليه وقد تركوا عبادة الحي القيوم السميع البصير القادر على كل شيء العليم بكل شيء, وقد أرسل رسله وأنزل كتبه آمراً بعبادته وحده لا شريك له ناهياً عن عبادة ما سواه كما قال تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة" وقال تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال: " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " والمشركون أنواع وأقسام كثيرون قد ذكرهم الله في كتابه وبين أحوالهم وأقوالهم ورد عليهم فيما هم فيه أتم رد, وقال تعالى: "هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت" أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر كقوله تعالى: "يوم تبلى السرائر" وقال تعالى: "ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر" وقال تعالى: "ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً" وقد قرأ بعضهم "هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت" وفسرها بعضهم بالقراءة, وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمت من خير وشر وفسرها بعضهم بحديث "لتتبع كل أمة ما كانت تعبد, فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر, ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت" الحديث, وقوله: "وردوا إلى الله مولاهم الحق" أي ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار "وضل عنهم" أي ذهب عن المشركين "ما كانوا يفترون" أي ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه.
30- "هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت" أي في ذلك المكان وفي ذلك الموقف، أو في ذلك الوقت على استعارة اسم الزمان للمكان تذوق كل نفس وتختبر جزاء ما أسلفت من العمل، فمعنى "تبلو" تذوق وتختبر، وقيل تعلم، وقيل تتبع، وهذا على قراءة من قرأ يتلو بالمثناة الفوقية بإسناد الفعل إلى كل نفس، وأما على قراءة من قرأ نبلو بالنون، فالمعنى: أن الله يبتلي كل نفس ويختبرها، ويكون ما أسلفت بدلاً من كل نفس. والمعنى: أنه يعاملها معاملة من يختبرها ويتفقد أحوالها. قوله: "وردوا إلى الله مولاهم الحق" معطوف على "زيلنا"، والضمير في ردوا عائد إلى الذين أشركوا: أي ردوا إلى جزائه، وما أعد لهم من عقابه، ومولاهم: ربهم، والحق صفة له: أي الصادق الربوبية دون ما اتخذوه من المعبودات الباطلة، وقرئ الحق بالنصب على المدح كقولهم: الحمد لله أهل الحمد، " وضل عنهم ما كانوا يفترون " أي ضاع وبطل ما كانوا يفترون من أن الآلهة التي له حقيقة بالعبادة لتشفع لهم إلى الله وتقربهم إليه. والحاصل أن هؤلاء المشركين يرجعون في ذلك المقام إلى الحق، ويعترفون به، ويقرون به، ويقرون ببطلان ما كانوا يعبدونه ويجعلونه إلهاً، ولكن حين لا ينفعهم ذلك.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "فاختلط به نبات الأرض" قال: اختلط فنبت بالماء كل لون "مما يأكل الناس" كالحنطة والشعير، وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار، وما تأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "وازينت" قال: أنبتت وحسنت، وفي قوله: "كأن لم تغن بالأمس" قال: كأن لم تعش كأن لم تنعم. وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب وابن عباس ومروان بن الحكم أنهم كانوا يقرأون بعد قوله: "وظن أهلها أنهم قادرون عليها" وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه كان يقرأ وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها، "كذلك نفصل الآيات". وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي مجلز قال: كان مكتوب في سورة يونس إلى حيث هذه الآية: "حتى إذا أخذت الأرض زخرفها" إلى "يتفكرون"، ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً، ولا يشبع نفس ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، فمحيت. وأخرج أبو نعيم والدمياطي في معجمه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: "والله يدعو إلى دار السلام" يقول: يدعو إلى عمل الجنة. والله: السلام، والجنة: داره. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: "ويهدي من يشاء" قال: يهديهم للمخرج من الشبهات والفتن والضلالات. وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم طلعت شمسه إلا وكل وجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ولا آبت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً" " والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " إلى قوله: "للعسرى". وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن أبي هلال سمعت أبا جعفر محمد بن علي وتلا: "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" فقال: حدثني جابر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: "إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلاً، فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك مثل ملك اتخذ داراً، ثم بنى فيها بيتاً، ثم جعل فيها مأدبة، ثم بعث رسولاً يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول، ومنهم من ترك، فالله هو الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول، فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل منها". وقد روي معنى هذا من طرق. وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "والله يدعو إلى دار السلام" قال: ذكر لنا أن في التوراة مكتوباً: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر اتقه. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أنه كان إذا قرأ "والله يدعو إلى دار السلام" قال: لبيك ربنا وسعديك. وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وغيرهم عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: وما هو؟ ألم يثقل موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويزحزحنا عن النار، قال: فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني في الرؤية وابن مردويه عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث يوم القيامة منادياً ينادي بصوت يسمعه أولهم وآخرهم: إن الله وعدكم الحسنى وزيادة" فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن. وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الرؤية عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" قال: الزيادة النظر إلى وجه الرحمن. وأخرج هؤلاء والدارقطني وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" قال: الذين أحسنوا: أهل التوحيد، والحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعاً نحوه. وأخرج أبو الشيخ والدارقطني وابن مردويه والخطيب وابن النجار عن أنس مرفوعاً نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن خزيمة وابن المنذر وأبو الشيخ والدارقطني وابن مردويه والبيهقي عن أبي بكر الصديق في الآية قال: الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله. وأخرج ابن مردويه من طريق الحرث عن علي بن أبي طالب في الآية مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والدارقطني والبيهقي عن حذيفة في الآية قال: الزيادة النظر إلى وجه الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والدارقطني والبيهقي عن أبي موسى نحوه. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي عن ابن مسعود نحوه. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن علي قال: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب غرفها وأبوابها من لؤلة واحدة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "وزيادة" قال: هو مثل قوله: "ولدينا مزيد" يقول يجزيهم بعملهم، ويزيدهم من فضله. وقال: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها". وقد روي عن التابعين ومن بعدهم روايات في تفسير الزيادة غالبها أنها النظر إلى وجه الله سبحانه. وقد ثبت التفسير بذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق حينئذ لقائل مقال، ولا التفات إلى المجادلات الواقعة بين المتمذهبة الذين لا يعرفون من السنة المطهرة ما ينتفعون به، فإنهم لو عرفوا ذلك لكفوا عن كثير من هذيانهم، والله المستعان. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "ولا يرهق وجوههم" قال: لا يغشاهم "قتر" قال: سواد الوجوه. وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في الآية قال: القتر سواد الوجه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: خزي.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم "ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة" قال: بعد نظرهم إليه عز وجل. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله: "والذين كسبوا السيئات" قال: الذين عملوا الكبائر "جزاء سيئة بمثلها" قال: النار "كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً" القطع: السواد نسختها الآية في البقرة "بلى من كسب سيئة" الآية. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "وترهقهم ذلة" قال: تغشاهم ذلة وشدة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله: "ما لهم من الله من عاصم" يقول: من مانع. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "ويوم نحشرهم" قال: الحشر الموت. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: "فزيلنا بينهم" قال: فرقنا بينهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: تنصب الآلههة التي كانوا يعبدونها من دون الله، فيقول: هؤلاء الذين كنتم تعبدون من دون الله؟ فيقولون: نعم هؤلاء الذين كنا نعبد، فتقول لهم الآلهة: والله ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل ولا نعلم أنكم كنتم تعبدوننا، فيقولون: بلى والله لإياكم كنا نعبد، فتقول لهم الآلهة: "فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمثل لهم يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دون الله، فيتبعونهم حتى يؤدوهم النار، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت"" وأخرج أبو الشيخ عن السدي "هنالك تبلو" يقول تتبع. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: "تبلو" تختبر. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد "تبلو" قال: تعاين "كل نفس ما أسلفت" ما عملت "وضل عنهم ما كانوا يفترون" ما كانوا يدعون معه من الأنداد. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله: "وردوا إلى الله مولاهم الحق" قال: نسخها قوله: "الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم".
30-قال الله تعالى: " هنالك تبلو "، أي: تختبر. وقيل: معناه: تعلم وتقف عليه، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب: تتلو بتاءين، أي: تقرأ، "كل نفس"، صحيفتها. وقيل: معناه تتبع كل نفس "ما أسلفت"، ما قدمت من خير أو شر. وقيل: معناه تعاين، "وردوا إلى الله"، إلى حكمه فيتفرد فيهم بالحكم، "مولاهم الحق"، الذي يتولى ويملك أمورهم: فإن قيل: أليس قد قال: "وأن الكافرين لا مولى لهم" (محمد-11)؟ قيل: المولى هناك بمعنى الناصر، وهاهنا بمعنى: المالك، "وضل عنهم"، زال عنهم وبطل، "ما كانوا يفترون"، في الدنيا من التكذيب.
30."هنالك"في ذلك المقام ."تبلو كل نفس ما أسلفت "تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره.وقرأحمزة والكسائيتتلو من التلاوة أي تقرأ ذكر ما قدمت ، أو من التلو أيتتبع عملها فيقودها إلى الجنة أو إلى النار .وقرئ(نبلو)بالنون ونصب "كل"وإبدال"ما"منه والمعنى نختبرها أي نفعل بها فعل المختبر لحالها المتعرف لسعادتها وشقاوتها بتعرف ما أسلفت من أعمالها،ويجوز أن يراد به نصيب بالبلاء أي بالعذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر فتكون"ما"منصوبة بنزع الخافض ."وردوا إلى الله"إلى جزائه إياهم بما أسلفوا."مولاهم الحق "ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة لا ما اتخذوه مولى ، وقرئ "الحق"بالنصب على المدح أو المصدر المؤكد ."وضل عنهم"وضاع عنهم."ما كانوا يفترون"من أن آلهتهم تشفع لهم، أو ما كانوا يدعون أنها آلهة.
30. There doth every soul experience that which it did aforetime, and they are returned unto Allah, their rightful Lord, and that which they used to invent hath failed them.
30 - There will every soul prove (the fruits of) the deeds is sent before: they will be brought back to God their rightful Lord, and their invented falsehoods will leave them in the lurch.