3 - (والسابحات سبحا) الملائكة تسبح من السماء بأمره تعالى أي تنزل
وقوله : " والسابحات سبحا " يقول تعالى ذكره : واللواتي تسبح سبحاً .
واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جل ثناؤه من السابحات ، فقال بعضهم : هي الموت تسبح في نفس ابن آدم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قل : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " والسابحات سبحا " قال : الموت ، هكذا وجدته في كتابي .
وقد حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد " والسابحات سبحا " قال : الملائكة ، وهكذا وجدت هذا أيضاً في كتابي ، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحاً ، فإن مجاهداً كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سباحة ، كما يقال للفرس الجواد : إنه لسابح ، إذا مر يسرع .
وقال آخرون : هي النجوم تسبح في فلكها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " والسابحات سبحا " قال : هي النجوم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقال آخرون : هي السفن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء " والسابحات سبحا " قال : السفن .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جل ثناؤه أقسم بالسابحات سبحاً من خلقه ، ولم يخصص من ذلك بعضاً دون بعض ، فذلك كل سابح ، لما وصفنا قبل في ( النازعات ) .
قوله تعالى:" والسابحات سبحا" قال علي رضي الله عنه: هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين. الكلبي : هي الملائكة تقبض أرواح المؤمنين، كالذي يسبح في الماء، فأحياناً ينغمس وأحياناً يرتفع، يسلونها سلا رفيقاً بسهولة، ثم يدعونها حتى تستريح. وقال مجاهد وأبو صالح: هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر الله، كما يقال للفرس الجواد سابح: إذا أسرع في جريه. وعن مجاهد أيضاً: الملائكة تسبح في نزولها وصعودها. وعنه أيضاً: السابحات: الموت يسبح في أنفس بني آدم. وقيل: هي الخيل الغزاة، قال عنترة:
والخيل تعلم حين تسـ ـبح في حياض الموت سبحا
وقال امرئ القيس:
مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن غباراً بالكديد المركل
قتادة والحسن: هي النجوم تسبح في أفلاكها، وكذا الشمس والقمر، قال الله تعالى: " كل في فلك يسبحون" [ الأنبياء:33]. عطاء: هي السفن تسبح في الماء. اين عباس: السابحات أرواح المؤمنين تسبح شوقاً إلى لقاء الله ورحمته حين تخرج.
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي "والنازعات غرقاً" الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم, فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها, ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط وهو قوله: "والناشطات نشطاً" قاله ابن عباس , وعن ابن عباس "والنازعات" هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد "والنازعات غرقاً" الموت, وقال الحسن وقتادة "والنازعات غرقاً * والناشطات نشطاً" هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى: "والنازعات" "والناشطات" هي القسي في القتال والصحيح الأول وعليه الأكثرون. وأما قوله تعالى: "والسابحات سبحاً" فقال ابن مسعود : هي الملائكة, وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح مثل ذلك, وعن مجاهد "والسابحات سبحاً" الموت, وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء بن أبي رباح , هي السفن.
وقوله تعالى: "فالسابقات سبقاً" روي عن علي ومسروق ومجاهد وأبي صالح والحسن البصري يعني الملائكة, قال الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به وعن مجاهد : الموت. وقال قتادة : هي النجوم, وقال عطاء : هي الخيل في سبيل الله. وقوله تعالى: "فالمدبرات أمراً" قال علي ومجاهد وعطاء وأبو صالح والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسدي : هي الملائكة, زاد الحسن : تدبر الأمر من السماء إلى الأرض يعني بأمر ربها عز وجل, ولم يختلفوا في هذا ولم يقطع ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك, إلا أنه حكى في المدبرات أمراً أنها الملائكة ولا أثبت ولا نفى. وقوله تعالى: " يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة " قال ابن عباس : هما النفختان الأولى والثانية, وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغير واحد, وعن مجاهد : أما الأولى وهي قوله جل وعلا: "يوم ترجف الراجفة" فكقوله جلت عظمته: "يوم ترجف الأرض والجبال" والثانية وهي الرادفة فهي كقوله "وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة" وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاءت الراجفة تتبعها الرادفة, جاء الموت بما فيه فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك, قال: إذاً يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك" وقد روى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري بإسناده مثله, ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: "يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه".
وقوله تعالى: "قلوب يومئذ واجفة" قال ابن عباس : يعني خائفة, وكذا قال مجاهد وقتادة "أبصارها خاشعة" أي أبصار أصحابها وإنما أضيف إليها للملابسة أي ذليلة حقيرة مما عاينت من الأهوال. وقوله تعالى: " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " يعني مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد. يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة وهي القبور, قاله مجاهد , وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها, ولهذا قالوا: " أإذا كنا عظاما نخرة " وقرىء ناخرة وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة : أي بالية, قال ابن عباس : وهو العظم إذا بلي ودخلت الريح فيه "قالوا تلك إذاً كرة خاسرة" وعن ابن عباس ومحمد بن كعب وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي مالك والسدي وقتادة : الحافرة الحياة بعد الموت, وقال ابن زيد : الحافرة النار, وما أكثر أسماءها! هي النار والجحيم وسقر وجهنم والهاوية والحافرة ولظى والحطمة, وأما قولهم: "تلك إذاً كرة خاسرة" فقال محمد بن كعب : قالت قريش لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن, قال الله تعالى: " فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة " أي فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد, فإذا الناس قيام ينظرون وهو أن يأمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث, فإذا الأولون والاخرون قيام بين يدي الرب عز وجل ينظرون, كما قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" وقال تعالى: "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب".
قال مجاهد: "فإنما هي زجرة واحدة" صيحة واحدة. وقال إبراهيم التيمي : أشد ما يكون الرب عز وجل غضباً على خلقه يوم يبعثهم, وقال الحسن البصري : زجرة من الغضب, وقال أبو مالك والربيع بن أنس : زجرة واحدة هي النفخة الاخرة. وقوله تعالى: "فإذا هم بالساهرة" قال ابن عباس : الساهرة الأرض كلها, وكذا قال سعيد بن جبير وقتادة وأبو صالح , وقال عكرمة والحسن والضحاك وابن زيد : الساهرة وجه الأرض, وقال مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها, قال والساهرة المكان المستوي, وقال الثوري : الساهرة أرض الشام, وقال عثمان بن أبي العاتكة : الساهرة أرض بيت المقدس, وقال وهب بن منبه : الساهرة جبل إلى جانب بيت المقدس, وقال قتادة أيضاً: الساهرة جهنم, وهذه أقوال كلها غريبة, والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا حزر بن المبارك الشيخ الصالح , حدثنا بشر بن السري , حدثنا مصعب بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي "فإذا هم بالساهرة" قال: أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي, وقال الربيع بن أنس : "فإذا هم بالساهرة" يقول الله عز وجل: "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" ويقول تعالى: " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقال تعالى: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة" وبرزت الأرض التي عليها الجبال وهي لا تعد من هذه الأرض وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ولم يهرق عليها دم.
3- "والسابحات" الملائكة تسبح في الأبدان لإخراج الروح كما يسبح الغواص في البحر لإخراج شيء منه. وقال مجاهد وأبو صالح: هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر الله، كما يقال للفرس الجواد سابح إذا أسرع في جريه. وقال مجاهد أيضاً: السابحات الموت يسبح في نفوس بني آدم. وقيل هي الخيل السابحة في الغزو، ومنه قول عنترة:
والخيل تعلم حين تسـ ـبح في حياض الموت سبحا
وقال قتادة والحسن: هي النجوم تسبح في أفلاكها كما في قوله: "وكل في فلك يسبحون" وقال عطاء: هي السفن تسبح في الماء، وقيل هي أرواح المؤمنين تسبح شوقاً إلى الله.
3- "والسابحات سبحاً"، هم الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلونها / سلاً رفيقاً، ثم يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشيء في الماء يرفق به.
وقال مجاهد وأبو صالح: هم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين كالفرس الجواد يقال له سابح إذا أسرع في جريه.
وقيل: هي خيل الغزاة. وقال قتادة: هي النجوم والشمس والقمر، قال الله تعالى: "كل في فلك يسبحون" (الأنبياء- 33).
وقال عطاء: هي السفن.
3-" والسابحات سبحاً " .
3. By the lone stars floating,
3 - And by those who glide: along (on errands of mercy),