3 - (الذي خلق سبع سماوات طباقا) بعضها فوق بعض من غير مماسة (ما ترى في خلق الرحمن) لهن أو لغيرهن (من تفاوت) تباين وعدم تناسب (فارجع البصر) أعده إلى السماء (هل ترى) فيها (من فطور) صدوع وشقوق
يقول تعالى ذكره مخبراً عن صفته " الذي خلق سبع سماوات طباقا " طبقاً فوق طبق ، بعضها فوق بعض .
وقوله " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " يقول جل ثناؤه : ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض ، ولا في غير ذلك من تفاوت ، يعني من اختلاف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " : ما ترى فيهم من اختلاف .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " من تفاوت " قال : من اختلاف .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين " من تفاوت " بألف ، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( من تفوت ) بتشديد الواو بغير ألف .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، كما قيل : ولا تصاعر ، ولا تصعر ، وتعهدت فلاناً ، وتعاهدته ، وتظهرت ، وتظاهرت ، وكذلك التفاوت والتفوت .
وقوله " فارجع البصر هل ترى من فطور " يقول : فرد البصر ، هل ترى فيه من صدوع ؟ وهي من قول الله " تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن " [ الشورى : 5 ] . بمعنى يتشقق ، ويتصدعن ، والفطور مصدر فطر فطوراً .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " هل ترى من فطور " قال : الفطور : الوهي .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " هل ترى من فطور " يقول : هل ترى من خلل يا ابن آدم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " من فطور " قال : من خلل .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " هل ترى من فطور " قال : من شقوق .
قوله تعالى:"الذي خلق سبع سماوات طباقا" أي بعضها فوق بعض. والملتزق منها أطرافها، وكذا روي عن ابن عباس. و"طباقا" نعت ل "سبع" فهو وصف بالمصدر. وقيل: مصدر بمعنى المطابقة، أي خلق سبع سماوات وطبقها تطبيقاً او مطابقة. أو على طوبقت طباقاً. وقال سيبويه: نصب طبافاً لأنه مفعول ثان.
قلت: فيكون خلق بمعنى جعل وصير. وطباق جمع طبق، مثل جمل وجمال. وقيل: جمع طبقة. وقال أبان بن تغلب: سمعت بعض الأعراب يذم رجلاً فقال: شره طباق، وخيره غير باق. ويجوز في غير القرآن سبع سماوات طباق، بالخفض على النعت لسماوات. ونظيره "وسبع سنبلات خضر" يوسف:43 . " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" قراءة حمزة والكسائي من تفوت - بغير ألف - مشددة. وهي قراءة ابن مسعود وأصحابه. والباقون من تفاوت بألف. وهما لغتا، مثل التعاهد والتعهد، والتحمل والتحامل، والتظهر والتظاهر، وتصاغر وتصغر، وتضاعف وتضعف، وتباعد وتبعد، كله بمعنى. واختار أبو عبيد من تفوت واحتج بحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكر: أمثلي يتفوت عليه في بناته ! النحاس: وهذا أمر مردود على أبي عبيد لأن يتفوت تفاوت بهم. وتفاوت في الآية أشبه. كما يقال تباين يقال: تفاوت الأمر إذا تباين وتباع، أي فات بعضها بعضاً. ألا ترى أن قبله قوله تعالى: "الذي خلق سبع سماوات طباقا" والمعنى: ما ترى في خلق الرحمن من اعوجاج ولا تناقص ولا تباين- بل هي مستقيمة مستوبة دالة على خالقها - وإن اختلفت صوره وصفاته. وقيل: المراد بذل السماوات خاصة، أي ما ترى في خلق السماوات من عيب. وأصله من الفوت، وهو أن يفوت شئ شيئاً فيقع الخلل لقلة استوائها، يدل عليه قول ابن عباس رضي الله عنه: من تفرق. وقال أبوعبيدة: يقال: تفوت الشيء أي فات ثم أمر بأن ينظروا في خلقه ليعتبروا به فيتفكروا في قدرته فقال: "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي اردد طرفك إلى السماء. ويقال: قلب البصر في السماء. ويقال: اجهد بالنظر إلى السماء. والمعنى متقارب. وإنما قال: فارجع بالفاء وليس قبله فعل مذكور، لأنه قال: ما ترى. والمعنى انظر ثم ارجع البصر هل ترى من فطور، قاله قتادة. والفطور: الشقوق، عن مجاهد والضحاك. وقال قتادة: من خلل. السدي: من خروق. وابن عباس: من وهن. وأصله من التفطر والانفطار وهو الانشقاق. قال الشاعر: بنـى لكـم بـلا عمـد سمـاء وزينهـا فمـا فيهـا فطـور
وقال آخر: شققـت القلـب ثـم ذروت فيـه هـواك فليـم فـالتـام الفطـور
تغلغـل حيـث لـم يبلـغ شـراب ولا سكـر ولـم يبلـغ سـرور
يمجد تعالى نفسه الكريمة ويخبر أنه بيده الملك أي هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لقهره وحكمته وعدله, ولهذا قال تعالى: "وهو على كل شيء قدير" ثم قال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة" واستدل بهذه الاية من قال إن الموت أمر وجودي, لأنه مخلوق, ومعنى الاية أنه أوجد الخلائق من العدم ليبلوهم أي يختبرهم أيهم أحسن عملاً, كما قال تعالى: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم" فسمى الحال الأول وهو العدم موتاً وسمى هذه النشأة حياة, ولهذا قال تعالى: "ثم يميتكم ثم يحييكم" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا خليد عن قتادة في قوله تعالى: "الذي خلق الموت والحياة" قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله أذل بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل الاخرة دار جزاء ثم دار بقاء" ورواه معمر عن قتادة , وقوله تعالى: "ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" أي خير عملاً كما قال محمد بن عجلان , ولم يقل أكثر عملاً ثم قال تعالى: "وهو العزيز الغفور" أي هو العزيز العظيم المنيع الجناب, وهو مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب بعد ما عصاه وخالف أمره, وإن كان تعالى عزيزاً هو مع ذلك يغفر ويرحم ويصفح ويتجاوز, ثم قال تعالى: " الذي خلق سبع سماوات طباقا " أي طبقة بعد طبقة وهل هن متواصلات بمعنى أنهن علويات بعضهن على بعض أو متفاصلات بينهن خلاء, فيه قولان أصحهما الثاني كما دل على ذلك حديث الإسراء وغيره.
وقوله تعالى: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" أي بل هو مصطحب مستو ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا مخالفة ولا نقص ولا عيب ولا خلل, ولهذا قال تعالى: "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي انظر إلى السماء فتأملها هل ترى فيها عيباً أو نقصاً أو خللاً أو فطوراً, قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والثوري وغيرهم في قوله تعالى: "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي شقوق, وقال السدي "هل ترى من فطور" أي من خروق, وقال ابن عباس في رواية "من فطور" أي من وهاء, وقال قتادة "هل ترى من فطور" أي هل ترى خللاً يا ابن آدم.
وقوله تعالى: "ثم ارجع البصر كرتين" قال قتادة : مرتين "ينقلب إليك البصر خاسئاً" قال ابن عباس : ذليلا, وقال مجاهد وقتادة : صاغراً "وهو حسير" قال ابن عباس : يعني وهو كليل, وقال مجاهد وقتادة والسدي : الحسير المنقطع من الإعياء, ومعنى الاية إنك لو كررت البصر مهما كررت لا نقلب إليك أي لرجع إليك البصر "خاسئاً" عن أن يرى عيباً أو خللا "وهو حسير" أي كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر ولا يرى نقصاً, ولما نفى عنها في خلقها النقص بين كمالها وزينتها فقال: "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح" وهي الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت.
وقوله تعالى: "وجعلناها رجوماً للشياطين" عاد الضمير في قوله وجعلناها على جنس المصابيح لا على عينها لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء بل بشهب من دونها وقد تكون مستمدة منها, والله أعلم. وقوله تعالى: "وأعتدنا لهم عذاب السعير" أي جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا وأعتدنا لهم عذاب السعير في الاخرة كما قال تعالى في أول الصافات: " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " قال قتادة : إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال خلقها الله زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
3- " الذي خلق سبع سماوات طباقا " الموصول يجوز أن يكون تابعاً للعزيز الغفور نعتاً أو بياناً أو بدلاً، وأن يكون منقطعاً عنه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو منصوب على المدح، وطباقاً صفة لسبع سموات: أي بعضها فوق بعض، وهو جمع طبع نحو جبل وجبال، أو جمع طبقة نحو رحبة ورحاب، أو مصدر طابق، يقال: طابق مطابقة وطباقاً، ويكون على هذا الوجه الوصف بالمصدر للمبالغة أو على حذف مضاف: أي ذات طباق، ويجوز أن يكون منتصباً على المصدرية بفعل محذوف أي طوبقت طباقاً "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" هذه الجملة صفة ثانية لسبع سموات أو مستأنفة لتقرير ما قبلها، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له، ومن مزيدة لتأكيد النفي. قرأ الجمهور "من تفاوت" وقرأ ابن مسعود وأصحابه وحمزة والكسائي " تفاوت " مشدداً بدون ألف وهما لغتان: كالتعاهد والتعهد، والتحامل والتحمل، والمعنى على القراءتين: ما ترى في خلق الرحمن من تناقص ولا تباين ولا اعوجاج ولا تخالف، بل هي مستوية مستقيمة دالة على خالقها، وإن اختلفت صورها وصفاتها فقد اتفقت من هذه الحيثية "فارجع البصر هل ترى من فطور" الفطور: الشقوق والصدوع والخروق: أي اردد طرفك حتى يتضح لك ذلك بالمعاينة. أخبر أولا بأنه لا تفاوت في خلقه، ثم أمر ثانياً بترديد البصر في ذلك لزيادة التأكيد وحصور الطمأنينة. قال مجاهد: والضحاك: الفطور الشقوق جمع فطر: وهو الشق. وقال قتادة: هل ترى من خلل. وقال السدي: هل ترى من خروق، وأصله من التفطر والانفطار، وهو التشقق والانشقاق، ومنه قول الشاعر:
بنى لــكــم بــلا عمـد سمــاء وزينهـا فما فيهـا فطـور
وقول الآخر:
شققت القلب ثم رددت فيه هواك فليم فالتام الفطور
3- " الذي خلق سبع سماوات طباقا "، طبقاً على طبق بعضها فوق بعض، "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت"، قرأ حمزة والكسائي: من تفوت بتشديد الواو بلا ألف، وقرأ الآخرون بتخفيف الواو وألف قبلها، وهما لغتان كالتحمل والتحامل، والتطهر والتطاهر. ومعناه: ما ترى يابن آدم في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض، بل هي مستقيمة مستوية. وأصله من الفوت وهو أن يفوت بعضها بعضاً لقلة استوائها، "فارجع البصر"، كرر النظر، معناه: انظر ثم ارجع، "هل ترى من فطور"، شقوق وصدوع.
3-" الذي خلق سبع سماوات طباقا " مطابقة بعضها فوق بعض مصدر طابقت النعل إذا خلطتها طبقاً على طبق وصف به ، أو طوبقت طباقاً أو ذات طباق جمع طبق كجبل وجبال ، أو طبقة كرحبة ورحاب . " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " وقرأ حمزة و الكسائي من تفوت ومعناهما واحد كالتعاهد والتعهد ، وهو الاختلاف وعدم التناسب من الفوت كأن كلا من المتفاوتين فات عنه بعض ما في الآخر ، والجملة صفة ثانية لـ" سبع " وضع فيها خلق الرحمن موضع الضمير للتعظيم ، والإشعار بأنه تعالى يخلق مثل ذلك بقدرته الباهرة رحمة وتفضلاً ، وأن في إبداعها نعماً جليلة لا تحصى ، والخطاب فيها للرسول أو لكل مخاطب وقوله : " فارجع البصر هل ترى من فطور " متعلق به على معنى التسبب أي قد نظرت إليها مراراً فانظر إليها مرة أخرى متأملاً فيها لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها واستجماعها ما ينبغي لها ، والـ" فطور " الشقوق والمراد الخلل من فطره إذا شقه .
3. Who hath created seven heavens in harmony. Thou (Muhammad) canst see no fault in the Beneficent One's creation; then look again: Canst thou see any rifts?
3 - He Who created the seven heavens one above another: no want of proportion wilt thou see in the Creation of (God) Most Gracious. So turn thy vision again: seest thou any flaw?