3 - (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) هي ليلة القدر أو ليلة النصف من شعبان نزل فيها من أم الكتاب من السماء السابعة إلى سماء الدنيا (إنا كنا منذرين) مخوفين به
وقوله : " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " أقسم جل ثناؤه بهذا الكتاب ، أنه أنزله في ليلة مباركة .
واختلف أهل التأويل في تلك الليلة ، أي ليلة من ليالي السنة هي . فقال بعضهم : هي ليلة القدر .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " : ليلة القدر ، ونزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان ، ونزلت التوراة لست ليال مضت من رمضان ، ونزل الزبور لست عشرة مضت من رمضان ، ونزل الإنجيل لثمان عشرة مضت من رمضان ، ونزل الفرقان لأربع وعشرين مضت من رمضان .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " في ليلة مباركة " قال : هي ليلة القدر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله عز وجل " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " قال : تلك الليلة ليلة القدر ، أنزل الله هذا القرآن من أم الكتاب في ليلة القدر ، ثم أنزله على الأنبياء في الليالي والأيام ، وفي غير ليلة القدر .
وقال آخرون : بل هي ليلة النصف من شعبان .
والصواب من القول في ذلك قول من قال : عني بها ليلة القدر ، لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ذلك كذلك لقوله تعالى : " إنا كنا منذرين " خلقنا بهذا الكتاب الذي أنزلناه في الليلة المباركة عقوبتنا أن تحل بمن كفر منهم ، فلم ينب إلى توحيدنا ، وإفراد الألوهة لنا .
قوله تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين "
ثم تبتدئ ( إنا أنزلناه ) وإن جعلت ( إنا كنا منذرين ) جواب القسم الذي هو ( الكتاب ) وقفت على ( منذرين ) وابتدأت ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) وقيل : الجواب ( إنا أنزلناه ) ، وأنكره بعض النحويين من حيث صفة للمقسم به ، ولا تكون صفة المقسم به جواباً للقسم ، والهاء في ( أنزلناه ) للقرآن ، ومن قال : أقسم بسائر الكتب فقوله : " إنا أنزلناه " كنى به عن غير القرآن ، على ما تقدم بيانه في أول الزخرف ، والليلة المباركة ليلة القدر ، ويقال : ليلة النصف من شعبان ، ولها أربعة أسماء : الليلة المباركة ، وليلة البراءة ، وليلة الصك ، وليلة القدر ، ووصفها بالبركة لما ينزل الله فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب وروى قتادة عن واثلة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزلت الزبور لاثنتي عشرة من رمضان وأنزل الإنجيل لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين مضت من رمضان " ، ثم قيل أنزل القرآن كله إلى السماء الدنيا في هذه الليلة ، ثم أنزل نجماً نجماً في سائر الأيام على حسب اتفاق الأسباب وقيل : كان ينزل في كل ليلة القدر ما ينزل في سائر السنة ، وقيل : كان ابتداء الإنزال في هذه الليلة ، وقال عكرمة : الليلة هاهنا ليلة النصف من شعبان ، والأول أصح لقوله تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " [ القدر : سورة البقرة الآية مائتان ] ، قال قتادة و ابن زيد : أنزل الله القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب إلى بيت العزة في سماء الدنيا ، ثم أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة ، وهذا المعنى قد مضى في البقرة عند قوله تعالى : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " [ البقرة : 185 ] ، ويأتي آنفاً إن شاء الله تعالى .
يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة, وهي ليلة القدر كما قال عز وجل: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" وقد ذكرنا في الأحاديث الواردة في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته, ومن قال: إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة, فإن نص القرآن أنها في رمضان, والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري, أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع الاجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى" فهو حديث مرسل ومثله لا يعارض به النصوص. وقوله عز وجل: "إنا كنا منذرين" أي معلمين ما ينفعهم ويضرهم شرعاً لتقوم حجة الله على عباده.
وقوله: "فيها يفرق كل أمر حكيم" أي في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة, وما يكون فيها من الاجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد من السلف وقوله جل وعلا: "حكيم" أي محكم لا يبدل ولا يغير, ولهذا قال جل جلاله: "أمراً من عندنا" أي جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه "إنا كنا مرسلين" أي إلى الناس رسولاً يتلو عليهم آيات الله مبينات فإن الحاجة كانت ماسة إليه, ولهذا قال تعالى: "رحمة من ربك إنه هو السميع العليم * رب السموات والأرض وما بينهما" أي الذي أنزل القرآن هو رب السموات والأرض وخالقها ومالكها وما فيها "إن كنتم موقنين" أي إن كنتم متحققين ثم قال تعالى: "لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين" وهذه الاية كقوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت" الاية.
وقوله: 3- "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" جواب القسم، وإن جعلت الجواب حم كانت هذه الجملة مستأنفة، وقد أنكر بعض النحويين أن تكون هذه الجملة جواباً للقسم لأنها صفة للمقسم به ولا تكون صفة المقسم به جواباً للقسم، وقال الجواب "إنا كنا منذرين" واختاره ابن عطية، وقيل إن قوله: "إنا كنا منذرين" جواب ثان، أو جملة مستأنفة مقررة للإنزال، وفي حكم العلة له كأنه قال: إنا أنزلناه لأن من شأننا الإنذار، والضمير في أنزلناه راجع إلى الكتاب المبين وهو القرآن. وقيل المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة، والضمير في أنزلناه راجع إلى القرآن على معنى أنه سبحانه أقسم بسائر الكتب المنزلة أنه أنزل القرآن، والأولى أولى. والليلة المباركة: ليلة القدر كما في قوله: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" ولها أربعة أسماء: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة القدر. قال عكرمة: الليلة المباركة هنا ليلة النصف من شعبان. وقال قتادة: أنزل القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم أنزله الله سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا في البقرة عند قوله: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" وقال مقاتل: كان ينزل من اللوح كل ليلة قدر من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل في السنة إلى مثلها من العام، ووصف الله سبحانه هذه الليلة بأنها مباركة لنزول القرآن فيها وهو مشتمل على مصالح الدين والدنيا، ولكونها تتنزل فيها الملائكة والروح كما سيأتي في سورة القدر.
3. " إنا أنزلناه في ليلة مباركة "، قال قتادة و ابن زيد : هي ليلة القدر أنزل الله القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب إلى السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم نجوماً في عشرين سنة. وقال آخرون: هي ليلة النصف من شعبان.
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا الأصبغ بن الفرج، أخبرني ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن عبد الملك بن عبد الملك حدثه أن ابن أبي ذئب واسمه مصعب حدثه عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه أو جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل الله جل ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل نفس إلا إنساناً في قلبه شحناء أو مشركاً بالله "، " إنا كنا منذرين "
3-" إنا أنزلناه في ليلة مباركة " ليلة القدر ، أو البراءة ابتدئ فيها إنزاله ، أو أنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ ، ثم أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم نجوماً وبركتها لذلك ، فإن نزول القرآن سبب للمنافع الدينية والدنيوية ، أو لما فيها من نزول الملائكة والرحمة وإجابة الدعوة وقسم النعمة وفصل الأقضية . " إنا كنا منذرين " استئناف يبين المقتضى للإنزال وكذلك قوله :
3. Lo! We revealed it on a blessed night. Lo! We are ever warning.
3 - We sent it down during a blessed night: for We (ever) wish to warn (against Evil).