29 - (قل أمر ربي بالقسط) بالعدل (وأقيموا) معطوف على معنى بالقسط ، أي قال أقسطوا وأقيموا أو قبله فاقبلوا مقدرا (وجوهكم) لله (عند كل مسجد) أي أخلصوا له سجودكم (وادعوه) اعبدوه (مخلصين له الدين) من الشرك (كما بدأكم) خلقكم ولم تكونوا شيئا (تعودون) أي يعيدكم أحياء يوم القيامة
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه : قل ، يا محمد، لهؤلاء الذين يزعمون أن الله أمرهم بالفحشاء كذبا على الله : ما أمر ربي بما تقولون ، بل " أمر ربي بالقسط " ، يعني : بالعدل ، كما:
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " قل أمر ربي بالقسط " ، بالعدل .
حدثني محمدبن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " قل أمر ربي بالقسط " ، و القسط ، العدل . وأما قوله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأوله .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، إلى الكعبة حيثما صليتم ، في الكنيسة وغيرها.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، قال : إذا صليتم فاستقبلوا الكعبة، في كنائسكم وغيرها .
حلي ثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمدبن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عنالسدي : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، هو المسجد ، الكعبة .
حدثنا المثنى قال ، حدثنا إسحق قال ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، عن عمر بن ذر ، عن مجاهد في قوله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، قال : الكعبة، حيثما كنت .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، قال : أقيموها للقبلة، هذه القبلة التي أمركم الله بها.
وقال آخرون : بل عنى بذلك : واجعلوا سجودكم لله خالصا، دون ما سواه من الآلهة والأنداد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثناإسحق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" ، قال : في الإخلاص ، أن لا تدعوا غيره ، وأن تخلصوا له الدين .
قال أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، ما قاله الربيع : وهو أن القوم أمروا أن يتوجهوا بصلاتهم إلى ربهم ، لا إلى ما سواه من الأوثان والأصنام ، وأن يجعلوا دعاءهم لله خالصا، لا مكاء ولا تصدية .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالاية، لأن الله إنما خاطب بهذه الآية قوما من مشركي العرب ، لم يكونوا أهل كنائس وبيع ، وإنما كانت الكنائس والبيع لأهل الكتابين . فغير معقول أن يقال لمن لا يصلي في كنيسة ولا بيعة : وجه وجهك إلى الكعبة في كنيسة و بيعة.
وأما قوله : " وادعوه مخلصين له الدين " ، فإنه يقول : واعملوا لربكم مخلصين له الدين والطاعة، لا تخلطوا ذلك بشرك ، ولا تجعلوا في شيء مما تعملون له شريكا، كما:
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " وادعوه مخلصين له الدين " ، قال : أن تخلصوا له الدين والدعوة والعمل ، ثم توجهون إلى البيت الحرام .
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تاويل قوله : " كما بدأكم تعودون " . فقال بعضهم : تأويله : كم بدأكم أشقياء وسعداء، كذلك تبعثون يوم القيامة .
قوله تعالى: "قل أمر ربي بالقسط" قال ابن عباس: لا إله إلا الله. وقيل: القسط العدل، أي أمر بالعدل فأطيعوه. ففي الكلام حذف. "وأقيموا وجوهكم" أي توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة. "عند كل مسجد" أي في أي مسجد كنتم. "وادعوه مخلصين له الدين" أي وحدوه ولا تشركوا به. "كما بدأكم تعودون" نظيره "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة" [الأنعام: 94] وقد تقدم. والكاف في موضع نصب، أي تعودون كما بدأكم، أي كما خلقكم أول مرة يعيدكم. وقال الزجاج: هو متعلق بما قبله. أي ومنها تخرجون كما بدأكم تعودون.
قال مجاهد: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة يقولون نطوف كما ولدتنا أمهاتنا فتضع المرأة على قبلها النسعة أو الشيء وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
فأنزل الله "وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها" الاية, قلت: كانت العرب ما عدا قريشاً لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها, وكانت قريش وهم الحمس يطوفون في ثيابهم, ومن أعاره أحمسي ثوباً طاف فيه, ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه فلا يتملكه أحد, ومن لم يجد ثوباً جديداً, ولا أعاره أحمسي ثوباً طاف عرياناً, وربما كانت امرأة فتطوف عريانة فتجعل على فرجها شيئاً ليستره بعض الستر فتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل, وكان هذا شيئاً قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم واتبعوا فيه آباءهم, ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع, فأنكر الله تعالى عليهم ذلك, فقال "وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها" فقال تعالى رداً عليهم "قل" أي يا محمد لمن ادعى ذلك "إن الله لا يأمر بالفحشاء" أي هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة, والله لا يأمر بمثل ذلك " أتقولون على الله ما لا تعلمون " أي أتسندون إلى الله من الأقوال مالا تعلمون صحته, وقوله تعالى: "قل أمر ربي بالقسط" أي بالعدل والاستقامة "وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين" أي أمركم بالاستقامة في عبادته في محالها وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات, فيما أخبروا به عن الله وما جاؤوا به من الشرائع وبالإخلاص له في عبادته, فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين, أن يكون صواباً موافقاً للشريعة وأن يكون خالصاً من الشرك.
وقوله تعالى: "كما بدأكم تعودون" إلى قوله "الضلالة" اختلف في معنى قوله "كما بدأكم تعودون" فقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد "كما بدأكم تعودون" يحييكم بعد موتكم, وقال الحسن البصري: كما بدأكم في الدنيا كذلك تعودون يوم القيامة أحياء, وقال قتادة "كما بدأكم تعودون" قال: بدأ فخلقهم ولم يكونوا شيئاً ثم ذهبوا ثم يعيدهم, وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كما بدأكم أولاً كذلك يعيدكم آخراً, واختار هذا القول أبو جعفر بن جرير, وأيده بما رواه من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج كلاهما عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس, قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال "يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث شعبة, وفي صحيح البخاري أيضاً من حديث الثوري به, وقال ورقاء بن إياس أبو يزيد عن مجاهد "كما بدأكم تعودون" قال يبعث المسلم مسلماً والكافر كافراً وقال أبو العالية "كما بدأكم تعودون" ردوا إلى علمه فيهم وقال سعيد بن جبير كما بدأكم تعودون كما كتب عليكم تكونون, وفي رواية كما كنتم عليه تكونون, وقال محمد بن كعب القرظي: في قوله تعالى: "كما بدأكم تعودون" من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إلى ما ابتدىء عليه خلقه وإن عمل بأعمال أهل السعادة, ومن ابتدأ خلقه على السعادة صار إلى ما ابتدىء خلقه عليه وإن عمل بأعمال أهل الشقاء, كما أن السحرة عملوا بأعمال أهل الشقاء ثم صاروا إلى ما ابتدؤوا عليه, وقال السدي " كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة " يقول "كما بدأكم تعودون" كما خلقناكم فريق مهتدون وفريق ضلال, كذلك تعودون وتخرجون من بطون أمهاتكم.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: قوله " كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة " قال: إن الله تعالى بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً, كما قال "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأهم مؤمناً وكافراً: قلت: ويتأيد هذا القول بحديث ابن مسعود في صحيح البخاري "فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع, فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب, فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة". وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا علي بن الجعد, حدثنا أبو غسان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار, وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة وإنما الأعمال بالخواتيم" هذا قطعة من حديث البخاري من حديث أبي غسان محمد بن مطرف المدني في قصة قزمان يوم أحد, وقال ابن جرير: حدثني ابن بشار حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "تبعث كل نفس على ما كانت عليه" وهذا الحديث رواه مسلم وابن ماجه من غير وجه, عن الأعمش به, ولفظه "يبعث كل عبد على ما مات عليه" وعن ابن عباس مثله, قلت: ويتأيد بحديث ابن مسعود, قلت: ولا بد من الجمع بين هذا القول إن كان هو المراد من الاية, وبين قوله تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها " وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه".
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى "إني خلقت عبادي حنفاء, فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" الحديث, ووجه الجمع على هذا, أنه تعالى خلقهم ليكون منهم مؤمن وكافر في ثاني الحال, وإن كان قد فطر الخلق كلهم على معرفته وتوحيده والعلم بأنه لا إله غيره, كما أخذ عليهم الميثاق بذلك وجعله في غرائزهم وفطرهم ومع هذا قدر أن منهم شقياً ومنهم سعيداً "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن" وفي الحديث "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" وقدر الله نافذ في بريته, فإنه هو "الذي قدر فهدى" و "الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" وفي الصحيحين "فأما من كان منكم من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة, وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة" ولهذا قال تعالى: "فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة" ثم علل ذلك فقال "إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله" الاية, قال ابن جرير: وهذا من أبين الدلالة على خطأ من زعم أن الله لا يعذب أحداً على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها, إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها فيركبها عناداً منه لربه فيها, لأنه لو كان كذلك لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه مهتد, وفريق الهدى فرق, وقد فرق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الاية.
قوله: 29- "قل أمر ربي بالقسط" القسط: العدل، وفيه أن الله سبحانه يأمر بالعدل لا كما زعموه من أن الله أمرهم بالفحشاء، وقيل: القسط هنا هو لا إله إلا الله، وفي الكلام حذف: أي قل أمر ربي بالقسط فأطيعوه. قوله: "وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد" معطوف على المحذوف المقدر: أي توجهوا إليه في صلاتكم إلى القبلة في أي مسجد كنتم، أو في كل وقت سجود، أو في كل مكان سجود، على أن المراد بالسجود الصلاة "وادعوه مخلصين له الدين" أي ادعوه أو اعبدوه حال كونكم مخلصين الدعاء، أو العبادة له، وقيل: وحدوه ولا تشركوا به. قوله: "كما بدأكم تعودون" الكاف نعت مصدر محذوف. وقال الزجاج: هو متعلق بما قبله. والمعنى: كما أنشأكم في ابتداء الخلق يعيدكم، فيكون المقصود الاحتجاج على منكري البعث، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وقيل: كما أخرجكم من بطون أمهاتكم تعودون إليه كذلك ليس معكم شيء، فيكون مثل قوله تعالى: "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة" وقيل: كما بدأكم من تراب تعودون إلى التراب.
29- " قل أمر ربي بالقسط "، قال ابن عباس: بلا إله إلا الله. وقال الضحاك : بالتوحيد. وقال مجاهد و السدي : بالعدل. " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد " قال مجاهد و السدي : يعني وجهوا وجوهكم حيث ما كنتم في الصلاة إلى الكعبة. وقال الضحاك : إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم أصلي في مسجدي. وقيل: معناه اجعلوا سجودكم لله خالصاً." وادعوه "، واعبدوه، " مخلصين له الدين "، الطاعة والعبادة، " كما بدأكم تعودون "، قال ابن عباس: إن الله تعالى بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال: "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " (التغابن،2) ثم يعيدهم يوم القيامة كما خلقهم مؤمناً وكافراً. قال مجاهد : يبعثون على ما ماتوا عليه.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي حدثنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي أنبأنا محمد بن عبد الله الصفار حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يبعث كل عبد على ما مات عليه، المؤمن على إيمانه والكافر على كفره ".
وقال أبو العالية : عادوا على عمله فيهم . قال سعيد بن جبير : كما كتب عليكم تكونون.
قال محمد بن كعب : من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إليها وإن عمل بعمل أهل السعادة، كما أن إبليس كان يعمل بعمل أهل السعادة ثم صار إلى الشقاوة، ومن ابتدأ خلقه على السعادة صار إليها وإن عمل بعمل أهل الشقاء، وكما أن السحرة كانت تعمل بعمل أهل الشقاوة فصاروا إلى السعادة.
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنبأنا أبو القاسم البغوي ثنا علي بن الجعد حدثنا أبو غسان عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد يعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم ".
وقال الحسن و مجاهد : كما بدأكم فخلقكم في الدنيا ولم تكونوا شيئاً، كذلك تعودون أحياء يوم القيامة كما قال الله تعالى: " كما بدأنا أول خلق نعيده " (الأنبياء،104)، قال قتادة : بدأهم من التراب وإلى التراب يعودون، نظيره قوله تعالى: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم " (طه،55).
29. " قل أمر ربي بالقسط " بالعدل وهو الوسط من كل أمر المتجافي عن طرفي الإفراط والتفريط. " وأقيموا وجوهكم " وتوجهوا إلى عبادته مستقيمين غير عادلين إلى غيرها، أو أقيموها نحو القبلة . " عند كل مسجد" في كل وقت سجود أو مكانه وهو الصلاة ، أو في أي مسجد حضرتكم الصلاة ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم . " وادعوه " واعبدوه . " مخلصين له الدين " أي الطاعة فإن إليه مصيركم ." كما بدأكم " كما أنشأكم ابتداء . " تعودون " بإعادته فيجازيكم على أعمالكم فأخلصوا له العبادة ، وإنما تشبه الإعادة بالإبداء تقريراً لإمكانها والقدرة عليها . وقيل كما بدأكم من التراب تعودوه إليه . وقيل كما بدأكم حفاة عراة تهودون . وقيل كما بدأكم مؤمناً وكافراً يعيدكم .
29. Say: My Lord enjoineth justice. And set your faces, upright (toward Him) at every place of worship and call upon Him, making religion pure for Him (only). As He brought you into being, so return ye (unto Him).
29 - Say: My Lord hath commanded justice; and that ye set your whole salves (to him) at every time and place of prayer, and call upon him, making your devotion sincere as in his sight: Such as he created you in the beginning, so shall ye return.