29 - (قل يوم الفتح) بإنزال العذاب بهم (لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) يمهلون لتوبة أو معذرة
والصواب من القول في ذلك قول من قال: معناه: ويقولون متى يجيء هذا الحكم بيننا وبينكم، يعنون العذاب، يدل على أن ذلك معناه قوله " قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون " ولا شك أن الكفار قد كان جعل الله لهم التوبة قبل فتح مكة وبعده، ولو كان معنى قوله " متى هذا الفتح " على ما قاله من قال: يعني به: فتح مكة، لكان لا توبة لمن أسلم من المشركين بعد فتح مكة، ولا شك أن الله قد تاب على بشر كثير من المشركين بعد فتح مكة، ونفعهم بالإيمان به وبرسوله فمعلوم بذلك صحة ما قلنا من التأويل، وفساد ما خالفه. وقوله " إن كنتم صادقين " يعني: إن كنتم صاديقين في الذي تقولون من أنا معاقبون على تكذيبنا محمداً صلى الله عليه وسلم، وعبادتنا الآلهة والأوثان.
وقوله " قل يوم الفتح " يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم يوم الحكم، ومجيء العذاب: لا يفنع من كفر بالله وبآياته إيمانهم الذي يحدثونه في ذلك الوقت.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم " قال: يوم الفتح إذا جاء العذاب.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد " يوم الفتح " يوم القيامة، ونصب اليوم في قوله " قل يوم الفتح " رداً على متى، وذلك أن ( متى) في موضع نصب. ومعنى الكلام: أنى حين هذا الفتح إن كنتم صادقين، ثم قيل يوم كذا، وبه قرأ القراء.
وقوله " ولا هم ينظرون " يقول: ولا هم يؤخرون للتوبة والمراجعة.
قوله تعالى: "ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين" متى في موضع رفع، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الظرف. قال قتادة: الفتح القضاء. وقال الفراء والقتبي: يعني فتح مكة. وأولى من هذا ما قاله مجاهد، قال: يعني يوم القيامة. ويروي أن المؤمنين قالوا: سيحكم الله عز وجل بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء. فقال الكفار على التهزيء: متى يوم الفتح، أي هذا الحكم. ويقال للحاكم: فاتح وفتاح، لأن الأشياء تنفتح على يديه وتنفصل. وفي القرآن: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق" الأعراف:89 وقد مضى هذا في البقرة وغيرها. "قل يوم الفتح" على الظرف. وأجاز الفراء الرفع. "لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" أي يؤخرون ويمهلون للتوبة، إن كان يوم الفتح يوم بدر أو فتح مكة. ففي بدر قتلوا، ويوم الفتح هربوا فلحقهم خالد بن الوليد فقتلهم.
يقول تعالى مخبراً عن استعجال الكفار ووقوع بأس الله بهم, وحلول غضبه ونقمته عليهم, استبعاداً وتكذيباً وعناداً "ويقولون متى هذا الفتح" أي متى تنصر علينا يا محمد ؟ كما تزعم أن لك وقتاً علينا وينتقم لك منا, فمتى يكون هذا ؟ ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين ذليلين, قال الله تعالى: "قل يوم الفتح" أي إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى "لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" كما قال تعالى: "فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم" الايتين. ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة, وأخطأ فأفحش, فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء, وقد كانوا قريباً من ألفين, ولوكان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى: "قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل كقوله "فافتح بيني وبينهم فتحاً" الاية, وكقوله "قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق" الاية, وقال تعالى: "واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد" وقال تعالى: "وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا" وقال تعالى: "إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح".
ثم قال تعالى: "فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون" أي أعرض عن هؤلاء المشركين, وبلغ ما أنزل إليك من ربك, كقوله: "اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو" الاية, وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعد وسينصرك على من خالفك, إنه لا يخلف الميعاد. وقوله "إنهم منتظرون" أي أنت منتظر وهم منتظرون ويتربصون بكم الدوائر "أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون" وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله في نصرتك وتأييدك, وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك من وبيل عقاب الله لهم, وحلول عذابه بهم, وحسبنا الله ونعم الوكيل.
آخر تفسير سورة السجدة ولله الحمد والمنة.
ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيب عليهم فقال: 29- "قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" وفي هذا دليل على أن يوم الفتح هو يوم القيامة، لأن يوم الفتح مكة ويوم بدر هما مما ينفع فيه الإيمان، وقد أسلم أهل مكة يوم الفتح وقبل ذلك منهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى "ولا هم ينظرون" لا يمهلون ولا يؤخرون، ويوم في يوم الفتح منصوب على الظرفية، وأجاز الفراء الرفع.
29- "قل يوم الفتح"، يوم القيامة، "لا ينفع الذين كفروا إيمانهم"، ومن حمل الفتح على فتح مكة أو القتل يوم بدر قال: معناه لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا، "ولا هم ينظرون"، لا يمهلون ليتوبوا ويعتذروا.
29ـ " قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون " وهو يوم القيامة فإنه يوم نصر المؤمنين على الكفرة والفصل بينهم . وقيل يوم بدر أو يوم فتح مكة ، والمراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنهم لا ينفعهم إيمانهم حال القتل ولا يمهلون وانطباقه جواباً على سؤالهم من حيث المعنى باعتبار ما عرف من غرضهم ، فإنهم لما أرادوا به الاستعجال تكذيباً واستهزاء أجيبوا بما يمنع الاستعجال .
29. Say (unto them): On the day of the victory the faith of those who disbelieve (and who then will believe) will not avail them, neither will they be reprieved.
29 - Say: On the Day of Decision, no profit will be to Unbelievers if they (then) believe nor will they be granted a respite.