28 - (ليشهدوا) أن يحضروا (منافع لهم) في الدنيا بالتجارة أو في الآخرة أو فيهما أقوال (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) أي عشر ذي الحجة أو يوم عرفة أو يوم النحر إلى آخر أيام التشريق أقوال (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا (فكلوا منها) إذا كانت مستحبة (وأطعموا البائس الفقير) أي شديد الفقر
القول في تأويل قوله تعالى " ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " .
فيه ثلاث وعشرون مسألة:
الأولى: قوله تعالى: " ليشهدوا " أي أذن بالحج يأتوك رجالاً وركباناً ليشهدوا، أي ليحضروا. والشهود الحضور. " منافع لهم " أي المناسك، كعرفات والمشعر الحرام. وقيل المغفرة. وقيل التجارة: وقيل هو عموم، أي ليحضروا منافع لهم، أي ما يرضي الله تعالى من أمر الدنيا والآخرة، قاله مجاهد و عطاء واختاره ابن العربي ، فإنه يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا وأخرى. ولا خلاف في أن المراد بقوله: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم " [البقرة: 198] التجارة.
الثانية: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات " قد مضى في ((البقرة)) الكلام في الأيام المعلومات والمعدودات. والمراد بذكر اسم الله ذكر التسمية عند الذبح والنحر، مثل قولك: باسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك. ومثل قولك عند الذبح " إن صلاتي ونسكي " [الأنعام: 162] الآية. وكان الكفار يذبحون على أسماء أصنامهم، فبين الرب أن الواجب الذبح على اسم الله، وقد مضى في ((الأنعام)).
الثالثة: واختلف العلماء في وقت الذبح يوم النحر، فقال مالك رضي الله عنه: بعد صلاة الإمام وذبحه، إلا أن يؤخر تأخيراً يتعدى فيه فيسقط الاقتداء به. وراعى أبو حنيفة الفراغ من الصلاة دون ذبح. و الشافعي دخول وقت الصلاة ومقدار ما توقع فيه مع الخطبتين، فاعتبر الوقت دون الصلاة. هذه رواية المزني عنه، وهو قول الطبري . وذكر الربيع عن البويطي قال: قال الشافعي : ولا يذبح أحد حتى يذبح الإمام إلا أن يكون ممن لا يذبح، فإذا صلى وفرغ من الخطبة حل الذبح. وهذا كقول مالك . وقال أحمد : إذا انصرف الإمام فاذبح. وهو قول إبراهيم. وأصح هذه الأقوال قول مالك ، " لحديث جابر بن عبد الله قال:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم ". خرجه مسلم و الترمذي وقال: وفي الباب عن جابر وجندب وأنس وعويمر بن أشقر وابن عمر وأبي زيد الأنصاري، وهذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند [أكثر] أهل العلم ألا يضحى بالمصر حتى يصلي الإمام. وقد احتج أبو حنيفة بحديث البراء، وفيه:
" ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين ". خرجه مسلم أيضاً. فعلق الذبح على الصلاة ولم يذكر الذبح، وحديث جابر يقيده. وكذلك حديث البراء أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا " الحديث. وقال أبو عمر بن عبد البر: لا أعلم خلافاً بين العلماء أن من ذبح قبل الصلاة وكان من أهل المصر أنه غير مضح، لقوله عليه السلام: " من ذبح قبل الصلاة فتلك شاة لحم ".
الرابعة: وأما أهل البوادي ومن لا إمام له فمشهور مذهب مالك يتحرى وقت ذبح الإمام، أو أقرب الأئمة إليه. وقال ربيعة و عطاء فيمن لا إمام له: إن ذبح قبل طلوع الشمس لم يجزه، ويجزيه إن ذبح بعده. وقال أهل الرأي: يجزيهم من بعد الفجر. وهو قول ابن المبارك ، ذكره عنه الترمذي . وتمسكوا بقوله تعالى: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام "، فأضاف النحر إلى اليوم. وهل اليوم من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس، قولان. ولا خلاف أنه لا يجزي ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر من يوم النحر.
الخامسة: واختلفوا كم أيام النحر؟ فقال مالك : ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده. وبه قال أبو حنيفة و الثوري و أحمد بن حنبل ، وروي ذلك عن أبي هريرة وأنس بن مالك من غير اختلاف عنهما. وقال الشافعي : أربعة، يوم النحر وثلاثة بعده. وبه قال الأوزاعي ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وروي عنهم أيضاً مثل قول مالك و أحمد . وقيل: هو يوم النحر خاصة وهو العاشر من ذي الحجة، وروي عن ابن سيرين . وعن سعيد بن جبير وجابر بن زيد أنهما قالا: النحر في الأمصار يوم واحد وفي منى ثلاثة أيام. وعن الحسن البصري في ذلك ثلاث روايات: إحداها كما قال مالك ، والثانية كما قال الشافعي ، والثالثة إلى آخر يوم من ذي الحجة، فإذا أهل هلال المحرم فلا أضحى.
قلت: وهو قول سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ورويا حديثاً مرسلاً مرفوعاً خرجه الدارقطني :
" الضحايا إلى هلال ذي الحجة " ولم يصح، ودليلنا قوله تعالى: " في أيام معلومات " الآية، وهذا جمع قلة، لكن المتيقن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير متيقن فلا يعمل به. قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن يوم النحر يوم أضحى، وأجمعوا أن لا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة، ولا يصح عندي في هذه إلا قولان: أحدهما: قول مالك والكوفيين. والآخر: قول الشافعي والشاميين، وهذان القولان مرويان عن الصحابة فلا معنى للاشتغال بما خالفهما، لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما. وقد روي عن قتادة قول سادس، وهو أن الأضحى يوم النحر وستة أيام بعده، وهذا أيضاً خارج عن قول الصحابة فلا معنى له.
السادسة: واختلفوا في ليالي النحر هل تدخل مع الأيام فيجوز فيها الذبح أو لا، فروي عن مالك في المشهور أنها لا تدخل فلا يجوز الذبح بالليل. وعليه جمهور أصحابه وأصحاب الرأي، لقوله تعالى: " ويذكروا اسم الله في أيام " فذكر الأيام، وذكر الأيام دليل على أن الذبح في الليل لا يجوز. وقال أبو حنفية و الشافعي و أحمد وإسحاق و أبو ثور : الليالي داخلة في الأيام ويجزي الذبح فيها. وروي عن مالك وأشهب نحوه، ولأشهب تفريق بين الهدي والضحية، فأجاز الهدي ولم يجز الضحية ليلاً.
السابعة: قوله تعالى: " على ما رزقهم " أي على ذبح ما رزقهم. " من بهيمة الأنعام " والأنعام هنا الإبل والبقر والغنم. وبهيمة الأنعام هي الأنعام، فهو كقولك صلاة الأولى، ومسجد الجامع.
الثامنة: " فكلوا منها " أمر معناه الندب عند الجمهور. ويستحب للرجل أن يأكل من هديه وأضحيته وأن يتصدق بالأكثر، مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل. وشذت طائفة فأوجبت الأكل والإطعام بظاهر الآية، ولقوله عليه السلام:
" فكلوا وادخروا وتصدقوا ". قال الكيا: قوله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا " يدل على أنه لا يجوز بيع جميعه ولا التصدق بجميعه.
التاسعة دماء الكفارات لا يأكل منها أصحابها. ومشهور مذهب مالك رضي الله عنه أنه لا يأكل من ثلاث: جزاء الصيد، ونذر المساكين وفدية الأذى، ويأكل مما سوى ذلك إذا بلغ محله، واجباً كان أو تطوعاً. ووافقه على ذلك جماعة من السلف وفقهاء الأمصار.
العاشرة: فإن أكل مما منع منه فهل يغرم قدر ما أكل أو يغرم هدياً كاملاً، قولان في مذهبنا، وبالأول قال ابن الماجشون . قال ابن العربي : وهو الحق، لا شيء عليه غيره. وكذلك لو نذر هدياً للمساكين فيأكل منه بعد أن بلغ محله لا يغرم إلا ما أكل - خلافاً للمدونة - لأن النحر قد وقع، والتعدي إنما هو على اللحم، فيغرم قدر ما تعدى فيه.
قوله تعالى: " وليوفوا نذورهم " يدل على وجوب أخراج النذر إن كان دماً أو هدياً أو غيره، ويدل ذلك على أن النذر لا يجوز أن يأكل منه وفاء بالنذر، وكذلك جزاء الصيد وفدية الأذى، لأن المطلوب أن يأتي به كاملا من غير نقص لحم ولا غيره، فإن أكل من ذلك كان عليه هدي كامل. والله أعلم.
الحادية عشر: هل يغرم قيمة اللحم أو يغرم طعاماً، ففي كتاب محمد بن عبد الملك أنه يغرم طعاماً. والأول أصح، لأن الطعام إنما هو في مقابلة الهدي كله عند تعذره عبادة، وليس حكم التعدي حكم العبادة.
الثانية عشرة: فإن عطب من هذا الهدي المضمون الذي هو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين شيء قبل محله أكل منه صاحبه وأطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب، ولا يبيع من لحمه ولا جلده ولا من قلائده شيئاً. قال إسماعيل بن إسحاق: لأن الهدي المضمون إذا عطب قبل أن يبلغ محله كان عليه بدله، ولذلك جاز أن يأكل منه صاحبه ويطعم. فإذا عطب الهدي التطوع قبل أن يبلغ محله لم يجز أن يأكل منه ولا يطعم، لأنه لما لم يكن عليه بدله خيف أن يفعل ذلك بالهدي وينحر من غير أن يعطب، فاحتيط على الناس، وبذلك مضى العمل. وروى أبو داود " عن ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي وقال: إن عطب منها شيء فانحره ثم اصبغ نعله في دمه ثم خل بينه وبين الناس ". وبهذا الحديث قال مالك و الشافعي في أحد قوليه، و أحمد وإسحاق و أبو ثور وأصحاب الرأي ومن اتبعهم في الهدي التطوع: لا يأكل منها سائقها شيئاً، ويخلي بينها وبين الناس يأكلونها. وفي صحيح مسلم :
" ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ". وبظاهر هذا النهي قال ابن عباس و الشافعي في قوله الآخر، واختاره ابن المنذر ، فقالا: لا يأكل منها ولا أحد من أهل رفقته. قال أبو عمر: قوله عليه السلام: " ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك " لا يوجد إلا في حديث ابن عباس. وليس ذلك في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية. وهو عندنا أصح من حديث ابن عباس. وعليه العمل عند الفقهاء. ويدخل في قوله عليه السلام: " خل بينها وبين الناس " أهل رفقته وغيرهم. وقال الشافعي و أبو ثور : ما كان من الهدي أصله واجباً فلا يأكل منه، وما كان تطوعاً ونسكاً أكل منه وأهدى وادخر وتصدق. والمتعة والقران عنده نسك. ونحوه مذهب الأوزاعي . وقال أبو حنيفة وأصحابه: يأكل من هدي المتعة والتطوع، ولا يأكل مما سوى ذلك مما وجب بحكم الإحرام. وحكي عن مالك : ولا يأكل من دم الفساد. وعلى قياس هذا لا يأكل من دم الجبر، كقول الشافعي و الأوزاعي . تمسك مالك بأن جزاء الصيد جعله الله للمساكين بقوله تعالى: " أو كفارة طعام مساكين " [المائدة: 95]. وقال في فدية الأذى: " ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " [البقرة: 196]. " وقال صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة:
أطعم ستة مساكين مدين لكل مسكين أو صم ثلاثة أيام أو انسك شاة " ونذر المساكين مصرح به، وأما غير ذلك من الهدايا فهو باق على أصل قوله: " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله " - إلى قوله - " فكلوا منها ". وقد:
أكل النبي صلى الله عليه وسلم وعلي رضي الله عنه من الهدي الذي جاء به وشربا من مرقة، وكان عليه السلام قارناً في أصح الأقوال والروايات، فكان هديه على هذا واجباً، فما تعلق به أبو حنيفة غير صحيح. والله أعلم.
وإنما أذن الله سبحانه من الأكل من الهدايا لأجل أن العرب كانت لا ترى أن تأكل من نسكها، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم، فلا جرم كذلك شرع وبلغ، وكذلك فعل حين أهدى وأحرم صلى الله عليه وسلم.
الثالثة عشرة: " فكلوا منها " قال بعض العلماء: قوله تعالى: " فكلوا منها " ناسخ لفعلهم، لأنهم كانوا يحرمون لحوم الضحايا على أنفسهم ولا يأكلون منها - كما قلناه في الهدايا - فنسخ الله ذلك بقوله: " فكلوا منها "، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" من ضحى فليأكل من أضحيته " ولأنه عليه السلام أكل من أضحيته وهديه. وقال الزهري : من السنة أن تأكل أولاً من الكبد.
الرابعة عشرة: ذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحب أن يتصدق بالثلث ويطعم الثلث ويأكل هو وأهله الثلث. وقال ابن القاسم عن مالك : ليس عندنا في الضحايا قسم معلوم موصوف. قال مالك في حديثه: وبلغني عن ابن مسعود، وليس عليه العمي. روى الصحيح و أبو داود قال:
" ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ثم قال: يا ثوبان، أصلح لحم هذه الشاة "، قال: فما زلت أطعمه منها حتى قدم المدينة. وهذا نص في الفرض. واختلف قول الشافعي ، فمره قال: يأكل النصف ويتصدق بالنصف لقول تعالى: " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " فذكر شخصين. وقال مرة: يأكل ثلثاً ويهدي ثلثاً ويطعم ثلثاً، لقوله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " [الحج: 36] فذكر ثلاثة.
الخامسة عشرة: المسافر يخاطب بالأضحية كما يخاطب بها الحاضر، إذ الأصل عموم الخطاب بها، وهو قول كافة العلماء. وخالف في ذلك أبو حنيفة و النخعي ، وروي عن علي، والحديث حجة عليهم. واستثنى مالك من المسافرين الحاج بمنىً، فلم ير عليه أضحية، وبه قال النخعي . وروي ذلك عن الخليفتين أبي بكر وعمر وجماعة من السلف رضي الله عنهم، لأن الحاج إنما هو مخاطب في الأصل بالهدي، فإذا أراد أن يضحي جعله هدياً، والناس غير الحاج إنما أمروا بالأضحية ليتشبهوا بأهل منىً فيحصل لهم حظ من أجرهم.
السادسة عشرة: اختلف العلماء في الادخار على أربعة أقوال. روي عن علي وابن عمر رضي الله عنهما من وجه صحيح أنه لا يدخر من الضحايا بعد ثلاث. وروياه عن النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي. وقالت جماعة: ما روي من النهي عن الادخار منسوخ، فيدخر إلى أي وقت أحب. وبه قال أبو سعيد الخدري وبريدة الأسلمي. وقالت فرقة: يجوز الأكل منها مطلقاً. وقالت طائفة: إن كانت بالناس حاجة إليها فلا يدخر، لأن النهي إنما كان لعلة وهي قوله عليه السلام:
" إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت " ولما ارتفعت ارتفع المنع المتقدم لارتفاع موجبه، لا لأنه منسوخ. وتنشأ هنا مسألة أصولية وهي:
السابعة عشرة: وهي الفرق بين رفع الحكم بالنسخ ورفعه لارتفاع علته. اعلم أن المرفوع بالنسخ لا يحكم به أبداً، والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود العلة، فلو قدم على أهل بلدة ناس محتاجون في زمان الأضحى، ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعة يسدون بها فاقتهم إلا الضحايا لتعين عليهم ألا يدخروها فوق ثلاث كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
الثامنة عشرة: الأحاديث الواردة في هذا الباب بالمنع والإجابة صحاح ثابتة. وقد جاء المنع والإباحة معاً، كما هو منصوص في حديث عائشة وسلمة بن الأكوع وأبي سعيد الخدري رواها الصحيح. وروى الصحيح عن عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه شهد العيد مع عمر بن الخطاب قال: ثم صليت العيد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال:
فصلى لنا قبل الخطبة ثم خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوها. وروي عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. قال سالم: فكان ابن عمر لا يأكل لحوم الأضاحي فوث ثلاث. وروى أبو داود عن نبيشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إنا كنا نهيناكم عن لحومها فوق ثلاث لكي تسعكم جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا وأتجروا ألا إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ". قال أبو جعفر النحاس: وهذا القول أحسن ما قيل في هذا حتى تتفق الأحاديث ولا تتضاد، ويكون قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعثمان محصور، لأن الناس كانوا في شدة محتاجين، ففعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمت الدافة. والدليل على هذا ما حدثنا إبراهيم بن شريك قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا ليث قال: حدثني الحارث بن يعقوب " عن يزيد بن أبي يزيد عن امرأته أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن لحوم الأضاحي فقالت:
قدم علينا علي بن أبي طالب من سفر فقدمنا إليه منه، فأبى أن يأكل حتى يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: كل من ذي الحجة إلى ذي الحجة ". وقال الشافعي : من قال بالنهي عن الادخار بعد ثلاث لم يسمع الرخصة. ومن قال بالرخصة مطلقاً لم يسمع النهي عن الادخار. ومن قال بالنهي والرخصة سمعهما جميعاً فعمل بمقتضاهما. والله أعلم. وسيأتي في سورة ((الكوثر)) الاختلاف في وجوب الأضحية وندبيتها وأنها ناسخة لكل ذبح تقدم، إن شاء الله تعالى.
التاسعة عشرة: قوله تعالى: " وأطعموا البائس الفقير " " الفقير " من صفة البائس، وهو الذي ناله البؤس وشدة الفقر، يقال: بئس يبأس بأساً إذا افتقر، فهو بائس. وقد يستعمل فيمن نزلت به نازلة دهر وإن لم يكن فقيراً، ومنه قوله عليه السلام:
" لكن البائس سعيد بن خولة ". ويقال: رجل بئيس أي شديد. وقد بؤس يبؤس بأساً إذا اشتد، ومنه قوله تعالى: " وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس " [الاعراف: 165] أي شديد. وكلما كان التصدق بلحم الأضحية أكثر كان الأجر أوفر. وفي القدر الذي يجوز أكله خلاف قد ذكرناه، فقيل النصف، لقوله: " فكلوا، وأطعموا " وقيل الثلثان، لقوله: " ألا فكلوا وادخروا وأتجروا " أي اطلبوا الأجر بالإطعام. واختلف في الأكل والإطعام، فقيل واجبان. وقيل مستحبان. وقيل بالفرق بين الأكل والإطعام، فالأكل مستحب والإطعام واحجب، وهو قول الشافعي .
قال ابن عباس : "ليشهدوا منافع لهم" قال: منافع الدنيا والاخرة, أما منافع الاخرة فرضوان الله تعالى, وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن, والذبائح والتجارات, وكذا قال مجاهد وغير واحد: إنها منافع الدنيا والاخرة كقوله: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم". وقوله: "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام", قال شعبة وهشيم عن أبي بشر , عن سعيد , عن ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات أيام العشر, وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به. وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والضحاك وعطاء الخراساني وإبراهيم النخعي , وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد بن حنبل .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة , حدثنا شعبة عن سليمان , عن مسلم البطين , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما العمل في أيام أفضل منها في هذه . قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء", رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه بنحوه. وقال الترمذي : حديث حسن, غريب, صحيح, وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وجابر , قلت: وقد تقصيت هذه الطرق, وأفردت لها جزءاً على حدته, فمن ذلك ما قال الإمام أحمد : حدثنا عثمان أنبأنا أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد , عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" وروي من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر بنحوه. وقال البخاري : وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وقد روى أحمد عن جابر مرفوعاً أن هذا هو العشر الذي أقسم به في قوله: " والفجر * وليال عشر ". وقال بعض السلف: أنه المراد بقوله: "وأتممناها بعشر" وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا العشر, وهذا العشر مشتمل على يوم عرفة الذي ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة, فقال: أحتسب على الله أن يكفر به السنة الماضية والاتية, ويشتمل على يوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر", وقد ورد في حديث أنه أفضل الأيام عند الله وبالجملة, فهذا العشر قد قيل إنه أفضل أيام السنة, كما نطق به الحديث, وفضله كثير على عشر رمضان الأخير, لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره, ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه. وقيل ذلك أفضل لا شتماله على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر, وتوسط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل, وليالي ذاك أفضل, وبهذا يجتمع شمل الأدلة, والله أعلم.
(قول ثان) في الأيام المعلومات. قال الحكم عن مقسم عن ابن عباس : الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده, ويروى هذا عن ابن عمر وإبراهيم النخعي , وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه.
(قول ثالث) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن المديني , حدثنا يحيى بن سعيد , حدثنا ابن عجلان , حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام, فالأيام المعلومات: يوم النحر, ويومان بعده, والأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر, هذا إسناد صحيح إليه, وقاله السدي , وهو مذهب الإمام مالك بن أنس , ويعضد هذا القول والذي قبله قوله تعالى: "على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" يعني ذكر الله عند ذبحها.
(قول رابع) أنها يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده, وهو مذهب أبي حنيفة . وقال ابن وهب : حدثني ابن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: المعلومات يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق.
وقوله: "على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" يعني الإبل والبقر والغنم كما فصلها تعالى في سورة الأنعام "ثمانية أزواج" الاية, وقوله: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" استدل بهذه الاية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحي, وهو قول غريب, والذي عليه الأكثرون أنه من باب الرخصة أو الاستحباب, كما " ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ, فأكل من لحمها وحسا من مرقها " . قال عبد الله بن وهب : قال لي مالك : أحب أن يأكل من أضحيته, لأن الله يقول: "فكلوا منها" قال ابن وهب : وسألت الليث , فقال لي مثل ذلك, وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم "فكلوا منها" قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخص للمسلمين, فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل, وروي عن مجاهد وعطاء نحو ذلك.
قال هشيم عن حصين عن مجاهد في قوله: "فكلوا منها" قال: هي كقوله: " وإذا حللتم فاصطادوا " "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض" وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره, واستدل من نصر القول بأن الأضاحي يتصدق فيها بالنصف بقوله في هذه الاية: "فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" فجزأها نصفين: نصف للمضحي ونصف للفقراء, والقول الاخر أنها تجزأ ثلاثة أجزاء: ثلث له وثلث يهديه وثلث يتصدق به, لقوله تعالى في الاية الأخرى: "فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر" وسيأتي الكلام عليها عندها إن شاء الله وبه الثقة.
وقوله: "البائس الفقير" قال عكرمة : هو المضطر الذي يظهر عليه البؤس والفقير المتعفف, وقال مجاهد : هو الذي لا يبسط يده, وقال قتادة : هو الزمن, وقال مقاتل بن حيان : هو الضرير. وقوله: "ثم ليقضوا تفثهم" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وهو وضع الإحرام من حلق الرأس ولبس الثياب وقص الأظافر ونحو ذلك, وهكذا روى عطاء ومجاهد عنه, وكذا قال عكرمة ومحمد بن كعب القرظي . وقال عكرمة عن ابن عباس "ثم ليقضوا تفثهم" قال: التفث المناسك. وقوله: "وليوفوا نذورهم" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يعني نحر ما نذر من أمر البدن. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" نذر الحج والهدي وما نذر الإنسان من شيء يكون في الحج. وقال إبراهيم بن ميسرة عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" قال: الذبائح. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد "وليوفوا نذورهم" كل نذر إلى أجل وقال عكرمة "وليوفوا نذورهم" قال: حجهم. وكذا روى الإمام أحمد وابن أبي حاتم : حدثنا أبي . حدثنا ابن أبي عمر , حدثنا سفيان في قوله: "وليوفوا نذورهم" قال: نذور الحج, فكل من دخل الحج فعليه من العمل فيه الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وعرفة والمزدلفة ورمي الجمار على ما أمروا به, وروي عن مالك نحو هذا.
وقوله: "وليطوفوا بالبيت العتيق" قال مجاهد : يعني الطواف الواجب يوم النحر, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا حماد عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج يقول الله تعالى: "وليطوفوا بالبيت العتيق" فإن آخر المناسك الطواف بالبيت العتيق, قلت: وهكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما رجع إلى منى يوم النحر بدأ برمي الجمرة, فرماها بسبع حصيات, ثم نحر هديه وحلق رأسه, ثم أفاض فطاف بالبيت, وفي الصحيحين عن ابن عباس أنه قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وقوله: "بالبيت العتيق" فيه مستدل لمن ذهب إلى أنه يجب الطواف من وراء الحجر, لأنه من أصل البيت الذي بناه إبراهيم, وإن كانت قريش قد أخرجوه من البيت حين قصرت بهم النفقة, ولهذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر وأخبر أن الحجر من البيت ولم يستلم الركنين الشاميين لأنهما لم يتمما على قواعد إبراهيم العتيقة, ولهذا قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا ابن أبي عمر العدني , حدثنا سفيان عن هشام بن حجر عن رجل عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الاية "وليطوفوا بالبيت العتيق" طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه, وقال قتادة عن الحسن البصري في قوله: "وليطوفوا بالبيت العتيق" قال: لأنه أول بيت وضع للناس, وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم , وعن عكرمة أنه قال: إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق يوم الغرق زمان نوح, وقال خصيف : إنما سمي بالبيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار قط.
وقال ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد : أعتق من الجبابرة أن يسلطوا عليه, وكذا قال قتادة . وقال حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن بن مسلم عن مجاهد : لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك, وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن الزبير قال: إنما سمي البيت العتيق لأن الله أعتقه من الجبابرة, وقال الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل وغير واحد, حدثنا عبد الله بن صالح , أخبرني الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن محمد بن عروة عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار" وكذا رواه ابن جرير عن محمد بن سهل النجاري عن عبد الله بن صالح به, وقال: إن كان صحيحاً, وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب, ثم رواه من وجه آخر عن الزهري مرسلاً.
واللام في 28- "ليشهدوا منافع لهم" متعلقة بقوله، يأتوك وقيل بقوله وأذن، والشهود الحضور، والمنافع هي تعم منافع الدنيا والآخرة. وقيل المراد به المناسك، وقيل المغفرة، وقيل التجارة كما في قوله "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم" "ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" أي يذكروا عند ذبح الهدايا والضحايا اسم الله، وقيل إن هذا الذكر كناية عن الذبح لأنه لا ينفك عنه. والأيام المعلومات هي أيام النحر كما يفيد ذلك قوله: "على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" وقيل عشر ذي الحجة. وقد تقدم الكلام في الأيام المعلومات والمعدودات في البقرة فلا نعيده، والكلام في وقت ذبح الأضحية معروف في كتب الفقه وشروح الحديث، ومعنى: على ما رزقهم: على ذبح ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، وبهيمة الأنعام هي الأنعام فالإضافة في هذا كالإضافة في قولهم: مسجد الجامع وصلاة الأولى "فكلوا منها" الأمر هنا للندب عند الجمهور، وذهبت طائفة إلى أن الأمر للوجوب، وهذا التفات من الغيبة إلى الخطاب "وأطعموا البائس الفقير" البائس ذو البؤس وهو شدة الفقر فذكر الفقير بعده لمزيد الإيضاح، والأمر هنا للوجوب، وقيل للندب.
28. " ليشهدوا "، ليحضروا، " منافع لهم "، قال سعيد بن المسيب ، و محمد بن علي الباقر : العفو والمغفرة. وقال سعيد بن جبير : التجارة، وهي رواية ابن زيد عن ابن عباس، قال: الأسواق. وقال مجاهد : التجارة وما يرضى الله به من أمر البدنيا والآخرة. " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات "، يعني عشر ذي الحجة في قول أكثر المفسرين. قيل لها ((معلومات)) للحرص على علمها بحسابها من أجل وقت الحج في آخرها. ويروى عن علي رضي الله عنه: أنها يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وفي رواية عطاء عن ابن عباس أنها يوم عرفة والنحر وأيام التشريق. وقال مقاتل : المعلومات أيام التشريق. " على ما رزقهم من بهيمة الأنعام "، يعني: الهدايا، والضحايا، تكون من النعم، وهي الإبل والبقر والغنم.
واختار الزجاج أن الأيام المعلومات: يوم النحر وأيام التشريق، لأن الذكر على بهيمة الأنعام يدل على التسمية على نحرها، ونحر الهدايا يكون في هذه الأيام. " فكلوا منها " أمر إباحة وليس بواجب، وإنما قال ذلك لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئاً، واتفق العلماء على أن الهدي إذا كان تطوعاً يجوز للمهدي أن يأكل منه وكذلك أضحية التطوع لما:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشهيمني ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال في قصة حجة الوداع: وقدم علي ببدن من اليمن وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فنحر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة بيده ونحر علي ما بقي، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ بضعة من كل بدنة فتجعل في قدر، فأكلا من لحمها وحسيا من مرقها .
واختلفوا في الهدي الواجب بالشرع هل يجوز للمهدي أن يأكل منه شيئاً؟ مثل دم التمتع والقران والدم الواجب بإفساد الحج وفواته وجزاء الصيد؟
فذهب قوم إلى أنه لا يجوز أن يأكل منه شيئاً، وبه قال الشافعي ، وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر، وقال ابن عمر: لا يأكل من جزاء الصيد والنذر، ويأكل مما سوى ذلك، وبه قال أحمد و إسحاق ، وقال مالك : يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه إلا من فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور، وعند أصحاب الرأي يأكل من دم التمتع والقران ولا يأكل من واجب سواهما.
قوله عز وجل: " وأطعموا البائس الفقير "، يعني: الزمن الفقير الذي لا شيء و((البائس)) الذي اشتد بؤسه، والبؤس شدة الفقر.
28ـ " ليشهدوا " ليحضروا . " منافع لهم " دينية ودنيوية ، وتنكيرها لأن المراد بها نوع من المنافع مخصوص بهذه العبادة . " ويذكروا اسم الله " عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها . وقيل كنى بالذكر عن النحر لأن ذبح المسلمين لا ينفك عنه تنبيهاً على أنه المقصود مما بتقرب به إلى الله تعالى . " في أيام معلومات " هي عشر ذي الحجة ، وقيل أيام النحر . " على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " علق الفعل بالمروزق وبينه بالبهيمة تحريضاً على التقرب وتنبيهاً على مقتضى الذكر . " فكلوا منها " من لحومها أمر بذلك إباحة وإزالة لما عليه أهل الجاهلية من التحرج فيه ، أو ندباً إلى مواساة الفقراء ومساواتهم ، وهذا في المتطوع به دون الواجب . " وأطعموا البائس " الذي أصابه بؤس أي شدة . " الفقير" المحتاج ، والأمر فيه للوجوب وقد قيل به في الأول .
28. That they may witness things that are of benefit to them, and mention the name of Allah on appointed days over the beast of cattle that He hath bestowed upon them. Then eat thereof and feed therewith the poor unfortunate.
28 - That they may witness the benefits (provided) for them, and celebrate the name Of God, through the Days Appointed, over the cattle which he has provided for them (for sacrifice): then eat ye Thereof and feed the distressed Ones in want.