28 - (الذين تتوفاهم) بالتاء والياء (الملائكة ظالمي أنفسهم) بالكفر (فألقوا السلم) انقادوا واستسلموا عند الموت قائلين (ما كنا نعمل من سوء) شرك فتقول الملائكة (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) فيجازيكم به
يقول تعالى ذكره : قال الذين أوتوا العلم : إن الخزي اليوم والسوء على من كفر بالله فجحد وحدانيته "الذين تتوفاهم الملائكة" يقول : الذين تقبض أرواحهم الملائكة "ظالمي أنفسهم" يعني : وهم على كفرهم وشركهم بالله . وقيل : إنه عنى بذلك من قتل من قريش ببدر ، وقد أخرج إليها كرهاً .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، قال : حدثني سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار عن عكرمة ، قال :كان ناس بمكة أقروا بالإسلام ولم يهاجروا ،فأخرج بهم كرهاً إلى بدر ، فقتل بعضهم ، فأنزل الله فيهم "الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" .
وقوله "فألقوا السلم" يقول : فاستستلموا لأمره ، وانقادوا له حين عاينوا الموت قد نزل بهم ، "ما كنا نعمل من سوء" ، وفي الكلام محذوف استغنيأ بفهم سامعيه ما دل عليه الكلام عن ذكره وهو : قالوا : ما كنا نعمل من سوء ، يخبر عنهم بذلك أنهم كذبوا وقالوا : ما كنا نعصي الله اعتصاماً منهم بالباطل رجاء أن ينجو بذلك ، فكذبهم الله ، فقال : بل كنتم تعملون السوء وتصدون عن سبيل الله "إن الله عليم بما كنتم تعملون" يقول : إن الله ذو علم بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصيه ، وتأتون فيها ما يسخطه .
قوله تعالى: " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " هذا من صفة الكافرين. و ( ظالمي أنفسهم) نصب على الحال، أي وهم ظالمون أنفسهم إذا أوردوها موارد الهلاك. " فألقوا السلم " أي الاستسلام. أي أقروا لله بالربوبية وانقادوا عند الموت وقالوا: " ما كنا نعمل من سوء " أي من شرك. فقالت لهم الملائكة: " بلى " قد كنتم تعملون الأسوء. " إن الله عليم بما كنتم تعملون " وقال عكرمة: نزلت هذه الآية بالمدينة في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا، فأخرجتهم قريش إلى بدر كرها فقتلوا بها، فقال: " الذين تتوفاهم الملائكة " بقبض أرواحهم. " ظالمي أنفسهم " في مقامهم بمكة وتركهم الهجرة. " فألقوا السلم " يعني في خروجهم معهم. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها - أنه الصلح، قاله الأخفش . الثاني - الاستسلام، قاله قطرب. الثالث - الخضوع، قاله مقاتل. " ما كنا نعمل من سوء " يعني من كفر. " بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون " يعني أن أعمالهم أعمال الكفار. وقيل: إن بعض المسلمين لما رأوا قلة المؤمنين رجعوا إلى المشركين، فنزلت فيهم. وعلى القول الأول فلا يخرج كافر ولا منافق من الدنيا حتى ينقاد ويستسلم، ويخضع ويذل، ولا تنفعهم حينئذ توبة ولا إيمان، كما قال: " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " ( غافر: 85) وقد تقدم هذا المعنى. وتقدم في ( الأنفال) إن الكفار يتوفون بالضرب والهوان، وكذلك في ( الأنعام). وقد ذكرناه في كتاب التذكرة .
يخبر تعالى عن حال المشركين الظالمين أنفسهم عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم الخبيثة "فألقوا السلم" أي أظهروا السمع والطاعة والانقياد قائلين "ما كنا نعمل من سوء" كما يقولون يوم المعاد "والله ربنا ما كنا مشركين" "يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم" قال الله مكذباً لهم في قيلهم ذلك "بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين" أي بئس المقيل والمقام والمكان من دار هوان لمن كان متكبراً عن آيات الله واتباع رسله, وهم يدخلون جهنم من يوم مماتهم بأرواحهم, وينال أجسادهم في قبورها من حرها وسمومها, فإذا كان يوم القيامة سلكت أرواحهم في أجسادهم وخلدت في نار جهنم "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" كما قال الله تعالى: "النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب".
28- "الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" قد تقدم تفسيره، والموصول في محل الجر على أنه نعت للكافرين، أو بدل منه، أو في محل نصب على الاختصاص، أو في محل رفع على تقدير مبتدأ: أي هم الذين تتوفاهم، وانتصاب ظالمي أنفسهم على الحال "فألقوا السلم" معطوف على "فيقول أين شركائي" وما بينهما اعتراض أي أقروا بالربوبية، وانقادوا عند الموت، ومعناه الاستسلام قاله قطرب، وقيل معناه المسالمة: أي سالموا وتركوا المشاقة قاله الأخفش، وقيل معناه الإسلام أي أقروا بالإسلام وتركوا ما كانوا فيه من الكفر، وجملة "ما كنا نعمل من سوء" يجوز أن تكون تفسيراً للسلم على أن يكون المراد بالسلم الكلام الدال عليه، ويجوز أن يكون المراد بالسوء هنا الشرك، ويكون هذا القول منهم على وجه الجحود والكذب، ومن لم يجوز الكذب على أهل القيامة حمله على أنهم أرادوا أنهم لم يعملوا سوءاً في اعتقادهم وعلى حسب ظنونهم، ومثله قولهم: "والله ربنا ما كنا مشركين" فلما قالوا هذا أجاب عليهم أهل العلم بقولهم: "بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون" أي بلى كنتم تعملون السوء إن الله عليم بالذي كنتم تعملونه فمجازيكم عليه ولا ينفعكم هذا الكذب شيئاً.
28-" الذين تتوفاهم الملائكة "،يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ، قرأ حمزة " تتوفاهم " بالياء وكان ما بعده ،" ظالمي أنفسهم "، بالكفر، ونصب على الحال أي: في حال كفرهم، " فألقوا السلم " أي:استسلموا وانقادوا وقالوا: " ما كنا نعمل من سوء "،شرك، فقال لهم الملائكة:" بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ". قال عكرمة : عنى بذلك من قتل من الكفار ببدر .
28."الذين تتوفاهم الملائكة "وقرأحمزة بالياء .وقرئ بإدغام في التاء وموضع الموصول يحتمل الأوجه الثلاثة "ظالمي أنفسهم"بأن عرضوها للعذاب المخلد. "فألقوا السلم"فسالموا وأخبتوا حين عاينوا الموت ."ما كنا"قائلين ما كنا. "نعمل من سوء"كفر وعدوان ، ويجوز أن يكون تفسيراً لـ"السلم"على أن المراد به القول الدال على الاستسلام ."بلى"أي فتجيبهم الملائكة بلى."إن الله عليم بما كنتم تعملون"فهو يجازيكم عليه، وقيل قوله: "فألقوا السلم "إلى آخر الآية استئناف ورجوع إلى شرح حالهم يوم القيامة ، وعلى هذا أول من لم يجوز الكذب يومئذ"ما كنا نعمل من سوء "بأنا لم نكن في زعمنا واعتقادنا عاملين سوءاً ، ويحتمل أن يكون الراد عليهم هو الله تعالى، أو أولو العلم .
28. Whom the angels cause to die while they are wronging themselves. Then will they make full submission (saying): We used not to do any wrong. Nay! Surely Allah is Knower of what ye used to do.
28 - (Namely) those whose lives the angels take in a state of wrong doing to their own souls. then would they offer submission (with the pretence), we did no evil (knowingly). (the angels will reply), Nay, but verily God knoweth all that ye did;