27 - (إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) من يفجر ويكفر قال ذلك لما تقدم من الايحاء إليه
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل نوح في دعائه إياه على قومه : إنك يا رب إن تذر الكافرين أحياء على الأرض ، ولم تهلكهم بعذاب من عندك " يضلوا عبادك " الذين قد آمنوا بك ، فيصدوهم عن سبيلك ، " ولا يلدوا إلا فاجرا " في دينك " كفارا " لنعمتك .
وذكر أن قيل نوح هذا القول ودعاءه هذا الدعاء ، كان بعد أن أوحى إليه ربه " أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " [ هود : 36 ] .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في قوله " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " أما والله ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء " أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " [ هود : 36 ] ، فعند ذلك دعا عليهم نبي الله نوح فقال : " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " ثم دعاه دعوة عامة فقال " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات " ... إلى قوله " تبارا " .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : تلا قتادة " لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " ثم ذكر نحوه .
الرابعة: قوله تعالى:"ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا" أي من يسكن الديار، قاله السدي. وأصله ديوار على فيعال من دار يدور، فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الآخرة. مثل القيام، أصله قيوام. ولو كان فعالاً لكان دواراً. وقال القتبي: أصله من الدار، أي نازل بالدار. يقال: ما بالدار ديار، أي أحد. وقيل: الديار صاحب الدار.
يقول تعالى: "مما خطيئاتهم" وقرىء خطاياهم "أغرقوا" أي من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم "أغرقوا فأدخلوا ناراً" أي نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار "فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً" أي لم يكن لهم معين ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب الله كقوله تعالى: "لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم" "وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً" أي لا تترك على وجه الأرض منهم أحداً ولا دياراً وهذه من صيغ تأكيد النفي, قال الضحاك : دياراً واحداً, وقال السدي : الديار الذي يسكن الدار, فاستجاب الله له فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه, وقال: " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين " وقال ابن أبي حاتم : قرأ علي يونس بن عبد الأعلى , أخبرنا ابن وهب , أخبرني شبيب بن سعيد عن أبي الجوزاء عن ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم امرأة لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل, فلما بلغها الماء صعدت به منكبها فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها, فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها, فلو رحم الله منهم أحداً لرحم هذه المرأة" هذا حديث غريب ورجاله ثقات, ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح عليه السلام وهم الذين أمره الله بحملهم معه.
وقوله تعالى: "إنك إن تذرهم يضلوا عبادك" أي إنك إن أبقيت منهم أحداً أضلوا عبادك, أي الذين تخلقهم بعدهم "ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً" أي فاجراً في الأعمال كافر القلب وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاماً, ثم قال: "رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً" قال الضحاك : يعني مسجدي, ولا مانع من حمل الاية على ظاهرها وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن, وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا حيوة أنبأنا سالم ين غيلان أن الوليد بن قيس , أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري أو عن أبي الهيثم , عن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي" ورواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح به, ثم قال الترمذي : إنما نعرفه من هذا الوجه. وقوله تعالى: "وللمؤمنين والمؤمنات" دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات وذلك يعم الأحياء منهم والأموات, ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه السلام وبما جاء في الاثار والأدعية المشهورة المشروعة, وقوله تعالى: "ولا تزد الظالمين إلا تباراً" قال السدي : إلا هلاكاً, وقال مجاهد : إلا خساراً أي في الدنيا والاخرة. آخر تفسير سورة نوح عليه السلام ولله الحمد والمنة.
27- "إنك إن تذرهم يضلوا عبادك" أي إن تتركهم على الأرض يضلوا عبادك عن طريق الحق "ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً" أي إلا فاجراً بترك طاعتك كفاراً لنعمتك: أي كثير الكفران لها، والمعنى: إلا من سيفجر ويكفر.
27- "إنك إن تذرهم يضلوا عبادك"، قال ابن عباس، والكلبي، ومقاتل: كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول: احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي حذرنيه، فيموت الكبير وينشأ الصغير عليه، "ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً"، قال محمد بن كعب، ومقاتل، والربيع، وغيرهم: إنما قال نوح هذا حين أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم وأعقم أرحام نسائهم وأيبس أصلاب رجالهم قبل العذاب بأربعين سنة. وقيل سبعين سنة وأخبر الله نوحاً أنهم لا يؤمنون ولا يلدون مؤمناً فحينئذ دعا عليهم نوح فأجاب الله دعاءه، وأهلكهم كلهم ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب لأن الله تعالى قال: "وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم" (الفرقان- 37)، ولم يوجد التكذيب من الأطفال.
27-" إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً " قال ذلك لما جربهم واستقرىأحوالهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فعرف شيمهم وطباعهم .
27. If Thou shouldst leave them, they will mislead Thy slaves and will beget none save lewd ingrates.
27 - For, if Thou dost leave (any of) them, they will but mislead Thy devotees, and they will breed none but wicked ungrateful ones.