27 - (ولو ترى) يا محمد (إذ وُقِفوا) عرضوا (على النار فقالوا يا) للتنبيه (ليتنا نُرَد) إلى الدنيا (ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) برفع الفعلين استئنافا ونصبهما في جواب التمني ورفع الأول ونصب الثاني وجواب لو رأيت أمرا عظيما
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : "ولو ترى"، يا محمد، هؤلاء العادلين بربهم الأصنام والأوثان ، الجاحدين نبوتك ، الذين وصفت لك صفتهم ، "إذ وقفوا"، يقول : إذ حبسوا ، "على النار"، يعني : في النار- فوضعت "على" موضع في كما قال : "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان" [البقرة : 102]، بصنى : في ملك سليمان .
وقيل : "ولو ترى إذ وقفوا"، ومعناه : إذا وقفوا، لما وصفنا قبل فيما مضى : أن العرب قد تضع إذ مكان إذا، وإذامكان إذ، وإن كان حظ إذ أن تصاحب من الأخبار ما قد وجد فقضى ، وحظ إذا م ن تصاحب من الأخبار ما لم يوجد، ولكن ذلك كما قال الراجز، وهو أبو النجم :
مد لنا في عمره رب طها ثم جزاه الله عنا إذ جزى
جنات عدن في العلالي العلى
فقال : ثم جزاه الله عنا إذ جزى فوضع ، إذ مكان إذا.
وقيل : "وقفوا"، ولم يقل : أوقفوا ، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب . يقال : وقفت الدابة وغيرها ، بغير ألف ، إذا حبستها ، وكذلك : وقفت الأرض ، إذا جعلتها صدقة حبيسا، بغير ألف ، وقد :
حدثني الحارث ، عن أبي عبيد قال ، أخبرني اليزيدي والأصمعي ، كلاهما، عن أبي عمرو قال : ما سمعت أحداً من العرب يقول : أوقفت الشيء بالألف . قال : إلا أني لو رأيت رجلاً بمكان فقلت : ما أوقفك ها هنا؟ بالألف ، لرأيته حسناً.
"فقالوا يا ليتنا نرد"، يقول : فقال هؤلاء المشركون بربهم ، إذ حبسوا في النار: "يا ليتنا نرد"، إلى الدنيا حتى نتوب ونراجع طاعة الله ، "ولا نكذب بآيات ربنا"، يقول : ولا نكذب بحجج ربنا ولا نجحدها، "ونكون من المؤمنين"، يقول : ونكون من المصدقين بالله وحججه ورسله ، متبعي أمره ونهيه.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والعراقيين : يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ، بمعنى : يا ليتنا نرد، ولسنا نكذب بآيات ربنا، ولكنا نكون من المؤمنين.
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفة : "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين"، بمعنى : يا ليتنا نرد، وأن لا نكذب بآيات ربنا، ونكون من المؤمنين . وتأولوا في ذلك شيئاً.
حدثنيه أحمد بن يوسف قال ، حدثنا القاسم بن سلام قال ، حدثنا حجاج ، عن هارون قال : في حرف ابن مسعود: (يا ليتنا نرد فلا نكذب) بالفاء.
وذكر عن بعض قرأة أهل الشام ، أنه قرأ ذلك : يا تيتنا نرد ولا نكذب بالرفع "ونكون" بالنصب ، كأنه وجه تأويله إلى أنهم تمنوا الرد، وأن يكونوا من المؤمنين ، وأخبروا أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إن ردوا إلى الدنيا .
واختلف أهل العربية في معنى ذلك منصوباً ومرفوعاً .
فقال بعض نحويي البصرة : "ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين"، نصب لأنه جواب للتمني ، وما بعدالواو كما بعدالفاء. قالع : وإن شئت رفعت وجعلته على غير التمني ، كأنهم قالوا: ولا نكذب والله بآيات ربنا ، ونكون والله من المؤمنين . هذا، إذا كان على ذا الوجه ، كان منقطعاً من الأول . قال : والرفع وجه الكلام ، لأنه إذا نصب جعلهاواو عطف . فإذا جعلهاواو عطف ، فكأنهم قد تمنوا أن لا يكذبوا ، وأن يكونوا من المؤمنين . قال : وهذا والله أعلم ، لا يكون ، لأنهم لم يتمنوا هذا، إنما تمنوا الرد، وأخبروا أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين .
وكان بعضن نحويي الكوفة يقول : لو نصب نكذب ونكون على الجواب بالواو، لكان صوابا. قال : والعرب تجيب ب الواو، وثم ، كما تجيب بالفاء . يقولون : ليت لي مالاً فأعطيك ، وليت لي مالاً وأعطيك ، وثم أعطيك . قال : وقد تكون نصبا على الصرف ، كقولك : لا يسعني شيء ويعجز عنك .
وقاك آخر منهم : لا أحب النصب في هذا، لأنه ليس بتمن منهم ، إنما هو خبر، أخبروا به عن أنفسهم . ألا ترى أن الله تعالى ذكره قد كذبهم فقال : "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه"؟ وإنما يكون التكذيب للخبر لا للتمني .
وكان بعضهم ينكر أن يكون الجواب بالواو ، وبحرف غير الفاء . وكان يقول : إنما الواو موضع حال ، لا يسعني شيء ويضيق عنك ، أي وهو يضيق عنك . قال : وكذلك الصرف في جميع العربية . قال : وأما الفاء فجواب جزاء : 6ما قمت فنأتيك ، أي : لوقمت لأتيناك . قال : فهكذا حكم الصرف والفاء . قال : وأما قوله : ولا نكذب ، ونكون فإنما جاز، لأنهم قالوا: يا ليتنا نرد، في غير الحال التي وقفنا فيها على النار. فكان وقفهم في تلك ، فتمنوا أن لا يكونوا وقفوا في تلك الحال .
قال أبو جعفر: وكأن معنى صاحب هذه المقالة في قوله هذا : ولو ترى إذ وقفوا على النار، فقالوا : قد وقفنا عليها مكذبين بآيات ربنا كفاراً، فيا ليتنا نرد إليها فنوقف عليها غير مكذبين بآيات ربنا ولا كفاراً.
وهذا تأويل يدفعه ظاهر التنزيل ، وذلك قول الله تعالى ذكره : "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون"، فأخبر الله تعالى أنهم في قيلهم ذلك كذبة والتكذيب لا يقع في التمني . ولكن صاحب هذه المقالة أظن به أنه لم يتدبر التأويل ، ولزم سنن العربية.
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أختار غيرها في ذلك : يا ليتنا نرذ فلا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بالرفع في كليهما، بمعنى : يا ليتنا نرد، ولسنا نكذب بآيات ربنا إن رددنا، ولكنا نكون من المؤمنين ، على وجه الخبر منهم عما يفعلون إن هم ردوا إلى الدنيا، لا على التمني منهم أن لا يكذبوا بآيات ربهم ويكونوا من المؤمنين . لأن الله تعالى ذكره قد أخبر عنهم أنهم لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ، وأنهم كذبة في قيلهم ذلك . ولو كان قيلهم ذلك على وجه التمني ، لاستحال تكذيبهم فيه ، لأن التمني لا يكذب ، وإنما يكون التصديق والتكذيب في الأخبار.
وأما النصب ، في ذلك ، فإني أظن بقارئه أنه توخى تأويل قراءة عبد الله التي ذكرناها عنه ، وذلك قراءته ذلك : يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ، على وجه جواب التمني بالفاء . وهو إذا قرىء بالفاء كذلك لا شك في صحة إعرابه . ومعناه في ذلك : أن تأويله إذا قرىء كذلك : لو أنا رددنا إلى الدنيا ما كذبنا بآيات ربنا، ولكنا من المؤمنين . فإن يكن الذي حكى من حكى عن العرب من السماء منهم الجواب بالواو وثم كهيئة الجواب بالفاء، صحيحاً، فلا شك في صحة قراءة من قرأ ، ذلك : "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون" نصباً على جواب التمني بالواو، على تأويل قراءة عبد الله ذلك بالفاء. وإلا فإن القراءة بذلك بعيدة المعنى من تأويل التنزيل ولست أعلم سماع ذلك من العرب صحيحاً، بل المعروف من كلامها : الجواب بالفاء، والصرف بالواو.
قوله تعالى:" ولو ترى إذ وقفوا على النار " إي إذا وقفوا غداً و إذ قد تستعمل في موضع إذا وإذا في موضع إذ وما سيكون فكأنه كان لأن خبر الله تعالى حق وصدق فلهاذ عبر بالماضي ومعنى إذ وقفوا حبسوا يقال: وقفته وقفهاً فوقف وقوفاً وقرأ ابن السميقع إذ وقفوا بفتح الواو والقاف من الوقوف " على النار " أي هم فوقها على الصراط وهي تحتهم وقيل: على بمعنى الباء أي وقفوا بقربها وهم يعانونها وقال الضحاك: جمعوا يعني على أبوابهم ويقال: وقفوا على متن جهنم والنار تحتهم في البر أن الني كلهم يوقفون على متن جهنم كأنها متن إهالة ثم ينادي مناد خذي أصحابك ودعي أصحابي وقيل: وقفوا دخلوها - أعاذا الله منها - فعلى بمعنى في أي وقفوا في النار، وجوب لو محذوف ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أبلغ في التخويف والمعنى : لو تراهم في تلك الحال لرأيت أسوأ حال ، أو لرأيت منظراً هائلاً أو لرأيت أمراً عجباً وما كان مثل هذه التقدير .
قوله تعالى : " فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " بالرفع في الأفعال الثلاثة عطفا قراءة أهل المدينة والكسائي وأبو عمرو أبو بكر عن عاصم بالضم ابن عامر على رفع نكذب ونصب ونكون وكله داخل في معنى التمني أي تمنوا الرد وإلا يكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين واختار سيبويه القطع في ولا نكذب فيكون غير داخل في التمني المعنى : ونحن لا نكذب على معنى الثبات على ترك التكذيب أي لا نكذب رددنا أولم نرد قال سيبويه: وهو مثل قوله دعني ولا أعود أي لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني واستدل أبو عمرو على خروجه من التمني بقوله: " وإنهم لكاذبون " لأن الكذب لا يكون في التمني إنما يكون في الخبر وقال من جعله داخلاً في التمني : المعنى وإنهم لكاذبون في الدنيا في إنكارهم البعث وتكذيبهم الرسل، وقرأ حمزة وحفص بنصب " نكذب " و " ونكون" جوباً للمتمني لأنه غير واجب، وهما داخلان في التمني على معنى أنهم تمنوا الرد وترك التكذيب والكون مع المؤمنين، قال أبو إسحاق: معنى" ولا نكذب " أي إن رددنا لم نكذب والنصب في نكذب و نكون بإضمار أن كمنا نصيب في جواب الاستفهام والأمر والنهي والعرض لأن جميعه غير واجب ولا واقع بعد فينصب الجواب مع الواو كأنه عطف على مصدر الأول كأنهم قالوا: يا ليتنا لنا رد وانتفاء من الكذب وكون من المؤمنين فحملاً على مصدر " نرد " لانقلاب المعنى إلى الرفع ولم يكن بد من إضمار أن فيه يتم النصب في الفعلين قرأ ابن عامر ونكون بالنصب على جواب التمني كقولك: ليتك تصير إلينا ونكرمك أي ليت مصيرك يقع وإكرامنا يقع، وأدخل الفعلين الأولين في التمني أو أراد ونحن لا نكرمك على القطع على ما تقدم ويحتمل وقرأ أبي ولا نكذب بآيات ربنا أبداً وعن وابن مسعود يا ليتنا نرد فلا نكذب بالفاء والنصيب والفار ينصب بها في الجواب كما ينصب بالواو، عن الزجاج. وأكثر البصريين لا يجيزون الجواب إلا بالفاء
يذكر تعالى حال الكفار, إذا وقفوا يوم القيامة على النار, وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال, ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال, فعند ذلك, قالوا "يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين" يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا, ليعملوا عملاً صالحاً, ولا يكذبوا بآيات ربهم, ويكونوا من المؤمنين, قال الله تعالى: "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" أي بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة, وإن أنكروها في الدنيا أو في الاخرة, كما قال قبله بيسير " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف كذبوا على أنفسهم " ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم, من صدق ما جاءتهم به الرسل في الدنيا, وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه, كقوله مخبراً عن موسى, أنه قال لفرعون "لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر" الاية, وقوله تعالى مخبراً عن فرعون وقومه "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين, الذين كانوا يظهرون الإيمان للناس ويبطنون الكفر, ويكون هذا إخباراً عما يكون يوم القيامة, من كلام طائفة من الكفار, ولا ينافي هذا كون هذه السورة مكية, والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب, فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية, وهي العنكبوت, فقال "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" وعلى هذا فيكون إخباراً عن قول المنافقين في الدار الاخرة, حين يعاينون العذاب, فظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من الكفر والنفاق والشقاق, والله أعلم, وأما معنى الإضراب, في قوله "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" فإنهم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان, بل خوفاً من العذاب الذي عاينوه, جزاء على ما كانوا عليه من الكفر, فسألوا الرجعة إلى الدنيا, ليتخلصوا مما شاهدوا من النار, ولهذا قال "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" أي في طلبهم الرجعة, رغبة ومحبة في الإيمان, ثم قال مخبراً عنهم أنهم لو ردوا إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه, من الكفر والمخالفة "وإنهم لكاذبون" أي في قولهم يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا, ونكون من المؤمنين, وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا, وما نحن بمبعوثين, أي لعادوا لما نهوا عنه, ولقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا أي ما هي إلا هذه الحياة الدنيا ثم لا معاد بعدها, ولهذا قال وما نحن بمبعوثين ثم قال "ولو ترى إذ وقفوا على ربهم" أي أوقفوا بين يديه قال "أليس هذا بالحق ؟" أي أليس هذا المعاد بحق, وليس بباطل كما كنتم تظنون, "قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون" أي بما كنتم تكذبون به, فذوقوا اليوم مسه "أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون".
قوله: 27- "ولو ترى إذ وقفوا على النار" الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من تتأتى منه الرؤية، وعبر عن المستقبل يوم القيامة بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه كما ذكره علماء المعاني، و "وقفوا" معناه حبسوا، يقال: وقفته وقفا ووقت وقوفاً، وقيل معنى: "وقفوا على النار" أدخلوها فتكون على بمعنى في، وقيل هي بمعنى الباء: أي وقفوا بالنار أي بقربها معاينين لها، ومفعول ترى محذوف، وجواب لو محذوف ليذهب السامع كل مذهب، والتقدير: لو تراهم إذ وقفوا على النار لرأيت منظراً هائلاً وحالاً فظيعاً "فقالوا يا ليتنا نرد" أي إلى الدنيا "ولا نكذب بآيات ربنا" أي التي جاءنا بها رسوله صلى الله عليه وسلم "ونكون من المؤمنين" بها العاملين بما فيها، والأفعال الثلاثة داخلة تحت التمني: أي تمنوا الرد، وأن لا يكذبوا، وأن يكونوا من المؤمنين برفع الأفعال الثلاثة كما هي قراءة الكسائي وأهل المدينة وشعبة وابن كثير وأبي عمرو. وقرأ حفص وحمزة بنصب نكذب ونكون بإضمار أن بعد الواو على جواب التمني، واختار سيبويه القطع في "ولا نكذب" فيكون غير داخل في التمني، والتقدير: ونحن لا نكذب على معنى الثبات على ترك التكذيب: أي لا نكذب رددنا أو لم نرد، قال: وهو مثل دعني ولا أعود: أي لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني. واستدل أبو عمرو بن العلاء على خروجه من التمني بقوله: "وإنهم لكاذبون" لأن الكذب لا يكون في التمني. وقرأ ابن عامر "ونكون" بالنصب وأدخل الفعلين الأولين في التمني. وقرأ أبي " ولا نكذب بآيات ربنا ". وقرأ هو وابن مسعود " يا ليتنا نرد ولا نكذب " بالفاء والنصب، والفاء ينصب بها في جواب التمني كما ينصب بالواو كما قال الزجاج، وقال أكثر البصريين: لا يجوز الجواب إلا بالفاء.
27- قوله عز وجل " ولو ترى إذ وقفوا على النار " يعني: في النار،كقوله تعالى: " على ملك سليمان " أي: في ملك سليمان، وقيل: عرضوا على النار، وجواب " لو " محذوف معناه: لو تراهم في تلك الحالة لرأيت عجبا، " فقالوا يا ليتنا نرد "،يعني: إلى الدنيا، " ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين "، قراءة العامة كلها بالرفع على معنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، ونكون من المؤمنين، وقرأ حمزة و حفص و يعقوب " ولا نكذب بآيات ربنا ونكون " بنصب الباء والنون على جواب التمني، أي: ليت ردنا وقع، وأن لا نكذب ونكون، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصب بالفاء، وقرأ ابن عامر " نكذب " بالرفع و " نكون " بالنصب لأنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا عن أنفسهم أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إن ردوا إلى الدنيا .
27- " ولو ترى إذ وقفوا على النار " جوابه محذوف أي: لو تراهم حين يوقعون على النار حتى يعاينوها، أو يطلعون عليها، أو يدخلوها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت أمراً شنيعاً. وقرئ " وقفوا "على البناء للفاعل من وقف عليها وقوفاً ." فقالوا يا ليتنا نرد " تمنياً للرجوع إلى الدنيا. " ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " استئناف كلام منهم على وجه الإثبات كقولهم: دعني ولا أعود، أي وأنا لا أعود تركتني، أو لم تتركني أو عطف على نرد أو حال من الضمير فيه فيكون في حكم التمني، وقوله: " وإنهم لكاذبون " راجع إلى ما تضمنه التمني من الوعد، ونصبهما حمزة و يعقوب و حفص على الجواب بإضمار أن بعد الواو إجراء لها مجرى الفاء. وقرأ ابن عامر برفع الأول على العطف ونصب ا لثاني على الجواب .
27. If thou couldst see when they are set before the Fire and say: Oh, would that we might return! Then would we not deny the revelations of our Lord but we would be of the believers!
27 - If thou couldst but see when they are confronted with the fire they will say: would that we were but sent back then would we not reject the signs of our lord, but would be amongst those who believe