27 - قال تعالى فيهم (فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون) أي أقبح جزاء عملهم
قال الله جل ثناؤه " فلنذيقن الذين كفروا " بالله من مشركي قريش الذين قالوا هذا القول عذاباً شديداً في الآخرة " ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون " يقول : ولنثيبنهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا .
قوله تعالى : " فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا " قد تقدم أن الذوق يكون محسوساً ، ومعنى العذاب الشديد : ما يتوالى فلا ينقطع . وقيل : هو العذاب في جميع أجزائهم . " ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون " أي ولنجزينهم في الآخرة جزاء قبح أعمالهم التي عملوها في الدنيا . وأسوأ الأعمال الشرك .
يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته وهو الحكيم في أفعاله بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن "فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم" أي حسنوا لهم أعمالهم في الماضي وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين كما قال تعالى: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون". وقوله تعالى: "وحق عليهم القول" أي كلمة العذاب كما حق على أمم قد خلت من قبلهم ممن فعل كفعلهم من الجن والإنس "إنهم كانوا خاسرين" أي استووا هم وإياهم في الخسار والدمار. وقوله تعالى: "وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن" أي تواصوا فيما بينهم أن لا يطيعوا للقرآن ولا ينقادوا لأوامره "والغوا فيه" أي إذا تلي لا تسمعوا له كما قال مجاهد والغوا فيه يعني بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله, وقال الضحاك عن ابن عباس "والغوا فيه" عيبوه, وقال قتادة: اجحدوا به وأنكروه وعادوه "لعلكم تغلبون" هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بخلاف ذلك فقال تعالى: " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " ثم قال عز وجل منتصراً للقرآن ومنتقماً ممن عاداه من أهل الكفران "فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً" أي في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعهم " ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون " أي بشر أعمالهم وسيء أفعالهم " ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون * وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين " قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن مالك بن الحصين الفزاري عن أبيه عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى: " الذين أضلانا " قال إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه. وهكذا روى العوفي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك. وقال السدي عن علي رضي الله عنه فإبليس يدعو به كل صاحب شرك وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة فإبليس الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه وابن آدم الأول كما ثبت في الحديث "ما قتلت نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل". وقولهم: "نجعلهما تحت أقدامنا" أي أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذاباً منا ولهذا قالوا "ليكونا من الأسفلين" أي في الدرك الأسفل من النار كما تقدم في الأعراف في سؤال الأتباع من الله تعالى أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم "قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" أي أنه تعالى قد أعطى كلاً منهم ما يستحقه من العذاب والنكال بحسب عمله وإفساده كما قال تعالى "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون".
ثم توعدهم سبحانه على ذلك فقال: 27- "فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً" وهذا وعيد لجميع الكفار، ويدخل فيهم الذين السياق معهم دخولاً أولياً "ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون" أي ولنجزينهم في الآخرة جزاء أقبح أعمالهم التي عملوها في الدنيا. قال مقاتل: وهو الشرك. وقيل المعنى: أنه يجازيهم بمساوئ أعمالهم لا بمحاسنها كما يقع منهم من صلة الأرحام وإكرام الضيف، لأن ذلك باطل لا أجر له مع كفرهم.
27. " فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوأ الذي "، يعني بأسوأ الذي، أي: بأقبح الذي، " كانوا يعملون "، في الدنيا وهو الشرك بالله.
27-" فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً " المراد بهم هؤلاء القائلون ، أو عامة الكفار . " ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون " سيئات أعمالهم وقد سبق مثله .
27. But verily We shall cause those who disbelieve to taste an awful doom, and verily We shall requite them the worst of what they used to do.
27 - But We certainly give the Unbelievers a taste of a severe Penalty, and We will requite them for the worst of their deeds.