25 - (فأخذه الله) أهلكه بالغرق (نكال) عقوبة (الآخرة) أي هذه الكلمة (والأولى) أي قوله قبلها ما علمت لكم من إلاه غيري وكان بينهما أربعون سنة
يعني تعالى ذكره بقوله " فأخذه الله " فعاقبه الله " نكال الآخرة والأولى " يقول : عقوبة الآخرة من كلمتيه ، وهي قوله " أنا ربكم الأعلى " ، والأولى قوله " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر ، وسئل عن هذا ، فقال : كان بينهما أربعون سنة ، بين قوله " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] ، وقوله " أنا ربكم الأعلى " ، قال : هما كلمتاه ، " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قيل له : من ذكره ؟ قال : أبو حصين ، فقيل له : عن أبي الضحى عن ابن عباس ؟ قال : نعم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : أما الأولى فحين قال : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] وأما الآخرة فحين قال : " أنا ربكم الأعلى " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا محمد بن أبي الوضاح ، عن عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، في قوله " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : هو قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] ، وكان بينهما أربعون سنة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن إسماعيل السدي ، عن الشعبي ، بمثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن زكريا ، عن عامر " نكال الآخرة والأولى " قال : هما كلمتاه : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] " أنا ربكم الأعلى " .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " نكال الآخرة والأولى " : فذلك قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] والآخرة في قوله " أنا ربكم الأعلى " .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال ثنا ابن ثور عن معمر ، قال : أخبرني من سمع مجاهدا يقول : كان بين قول فرعون " ما علمت لكم من إله غيري " (القصص : 38 ) وبين قوله " أنا ربكم الأعلى " أربعون سنة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " نكال الآخرة والأولى " أما الأولى فحين قال فرعون : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] ، وأما الآخرة فحين قال : " أنا ربكم الأعلى " ، فأخذه الله بكلمتيه كلتيهما ، فأغرقه في اليم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : اختلفوا فيها ، فمنهم من قال : نكال الآخرة من كلمتيه والأولى ، قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] ، وقوله : " أنا ربكم الأعلى " .
وقال آخرون : عذاب الدنيا ، وعذاب الآخرة ، عجل الله له الغرق ، مع أعد له من العذاب في الآخرة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن خيثمة الجعفي ، قال : كان بين كلمتي فرعون أربعون سنة قوله " أنا ربكم الأعلى " ، وقوله " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن ثوير ، عن مجاهد ، قال : مكث فرعون في قومه بعد ما قال " أنا ربكم الأعلى " أربعين سنة .
وقال آخرون : بل عني بذلك : فأخذه الله نكال الدنيا والآخرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : الدنيا والآخرة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : عقوبة الدنيا والآخرة ، وهو قول قتادة .
وقال آخرون : الأولى عصيانه ربه وكفره به ، والآخرة قوله " أنا ربكم الأعلى " .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : الأولى تكذيبه وعصيانه ، والآخرة قوله " أنا ربكم الأعلى " ، ثم قرأ " فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى " ، فهي الكلمة الآخرة .
وقال آخرون : بل عني بذلك أنه أخذه بأول عمله وآخره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : أول عمله وآخره .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : أول أعماله وآخرها .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الكلبي : " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : نكال الآخرة من المعصية والأولى .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قوله " نكال الآخرة والأولى " قال : عمله للآخرة والأولى .
قوله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى" أي نكال قوله: " ما علمت لكم من إله غيري" [ القصص:38] وقوله بعد: ((أنا ربكم الأعلى)) قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة. وكان بين الكلمتين أربعون سنة، قاله ابن عباس. والمعنى: أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة، فعذبه بكلمتيه. وقيل: نكال الأولى: هو ان اغرقه، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة. وقاله قتادة وغيره. وقال مجاهد: هو عذاب اول عمره وآخره. وقيل: الآخرة قوله ((أنا ربكم الأعلى)) والأولى تكذيبه لموسى. عن قتادة أيضاً. و((نكال)) منصوب على المصدر المؤكد في قول الزجاج، لأن معنى أخذه الله : نكل الله به، فأخرج نكال مكان مصدر من معناه، لا من لفظهز وقيل: نصب بنزع حرف الصفة، أي للنكال. والنكال:اسم لما جعل نكالاً للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به. يقال: نكل فلان بفلان: إذا أثخنه عقوبة. والكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد. وقد مضى في سورة المزمل والحمد لله.
يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون, وأيده الله بالمعجزات, ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر, وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به, ولهذا قال في آخر القصة: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" فقوله تعالى: "هل أتاك حديث موسى" أي هل سمعت بخبره "إذ ناداه ربه" أي كلمه نداء "بالواد المقدس" أي المطهر "طوى" وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه, فقال له: "اذهب إلى فرعون إنه طغى" أي تجبر وتمرد وعتا "فقل هل لك إلى أن تزكى" أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع "وأهديك إلى ربك" أي أدلك إلى عبادة ربك "فتخشى" أي فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير " فأراه الآية الكبرى " يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلاً واضحاً على صدق ما جاءه به من عند الله "فكذب وعصى" أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة, وحاصله أنه كفر بقلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به, لأن المعرفة علم القلب والإيمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له.
وقوله تعالى: "ثم أدبر يسعى" أي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات "فحشر فنادى" أي في قومه "فقال أنا ربكم الأعلى" قال ابن عباس ومجاهد : وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال الله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي انتقم الله منه انتقاماً جعله به عبرة ونكالاً لأمثاله من المتمردين في الدنيا "ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" كما قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون" وهذا هو الصحيح في معنى الاية أن المراد بقوله: " نكال الآخرة والأولى " أي الدنيا والاخرة, وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية, وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الأول, وقوله: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" أي لمن يتعظ وينزجر.
25- "فأخذه الله نكال الآخرة والأولى" النكال نعت مصدر محذوف: أي أخذه أخذ نكال، أو هو مصدر لفعل محذوف: أي أخذه الله فنكله نكال الآخرة والأولى، أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة، والمراد بنكال الآخرة عذاب النار ونكال الأولى عذاب الدنيا بالغرق. وقال مجاهد: عذاب أول عمره وآخره. وقال قتادة: الآخرة قوله: " أنا ربكم الأعلى " والأولى تكذيبه لموسى. وقيل الآخرة قوله: "أنا ربكم الأعلى" والأول قوله: "ما علمت لكم من إله غيري" وكان بين الكلمتين أربعون سنة، ويجوز أن يكون انتصاب نكال على أنه مفعول له: أي أخذه الله لأجل نكال، ويجوز أن ينتصب بنزع الخافض: أي بنكال. ورجح الزجاج أنه مصدر مؤكد، قال: لأن معنى أخذه الله: نكل الله به، فأخرج من معناه لا من لفظه. وقال الفراء: أي أخذه الله أخذاً نكالاً: أي للنكال والنكال اسم لما جعل نكالاً للغير: أي عقوبة له، يقال نكل فلان بفلان: إذا عاقبه. وأصل الكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد.
25- "فأخذه الله نكال الآخرة والأولى"، قال الحسن وقتادة: عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار.
وقال مجاهد وجماعة من المفسرين: أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله: "ما علمت لكم من إله غيري" (القصص- 38)، وقوله: "أنا ربكم الأعلى"، وكان بينهما / أربعون سنة.
25-" فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أخذاً منكلاً لمن رآه ، أو سمعه في الآخرة بالإحراق وفي الدنيا بالإغراق ، أو على كلمته " الآخرة " وهي هذه وكلمته الأولى وهو قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " أو للتنكيل فيهما ، أو لهما ويجوز أن يكون مصدراً مؤكداً مقدراً بفعله .
25. So Allah seized him (and made him) an example for the after (life) and for the former.
25 - But God did punish him, (and made an) example of him, in the Hereafter, as in this life.