ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة) بالتنوين (سنين) عطف بيان لثلاثمائة وهذه السنون الثلاثمائة عند أهل الكتاب شمسية وتزيد القمرية عليها عند العرب تسع سنين وقد ذكرت في قوله (وازدادوا تسعا) أي تسع سنين فثلاثمائة الشمسية ثلثمائة وتسع قمرية
اختلف أهل التأويل في معنى قوله : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا" فقال بعضهم : ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن أهل الكتاب أنهم يقولون ذلك كذلك ، واستشهدوا على صحة قولهم ذلك بقوله : " قل الله أعلم بما لبثوا" وقالوا: لو كان ذلك خبرامن الله عن قدرلبثهم في الكهف ، لم يكن لقوله : " قل الله أعلم بما لبثوا" وجه مفهوم ، وقد أعلم الله خلقه مبلغ لبثهم فيه وقدره. ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا " هذا قول أهل الكتاب ، فرده الله عليهم فقال : " قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض "
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله " ولبثوا في كهفهم " قال في حرف ابن مسعود وقالوا : ولبثوا، يعني أنه قال الناس ، ألا ترى أنه قال " قل الله أعلم بما لبثوا" .
حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب عن مطر الوراق ، في قول الله : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين " قال : إنما هو شيء قالله اليهود، فرده الله عليهم وقال : " قل الله أعلم بما لبثوا ".
وقال آخرون : بل ذلك خبر من الله عن مبلغ ما لبثوا في كهفهم . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن ضمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قالى: ثنا ورقاء ، جميعا، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا" قال : عدد ما لبثوا
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد بنحوه ، وزاد فيه " قل الله أعلم بما لبثوا"
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا" قال : وتسع سنين .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ، بنحوه .
حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا أبو أسامة ، قال : ثني الأجلح ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : نزلت هذه الآية " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة" فقالوا : أياما أوأشهرا أو سنين ؟ فانزل الله " سنين وازدادوا تسعا" .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " ولبثوا في كهفهم " قال : بين جبلين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله عز ذكره : ولبث أصحاب الكهف في كهفهم رقودا إلى أن بعثهم الله ، ليتساءلوا بينهم ، وإلى أن أعثر عليهم من أعثر، ثلاث مئة سنين وتسع سنين ، وذلك أن الله بذلك أخبر في كتابه . وأما الذي ذكرعن ابن مسعود أنه قرأ وقالوا : ولبثوا في كهفهم وقول من قال ذلك من قول أهل الكتاب ، وقد رد الله ذلك عليهم ، فإن معناه في ذلك إن شاء الله كان أن أهل الكتاب قالوا فيما ذكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن للفتية من لدن دخلوا الكهف إلى يومنا ثلاث مئة سنين وتسع سنين ، فرد الله ذلك عليهم ، وأخبر نبيه أن ذلك قدر لبثهم في الكهف من لدن أووا إليه إلى أن بعثهم ليتساءلوا بينهم ، ثم قال جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد: الله أعلم بما لبثوا بعد أن قبض أرواحهم ، من بعد أن بعثهم من رقدتهم إلى يومهم هذا، لا يعلم بذلك غير الله ، وغير من أعلمه الله ذلك . فإن قال قائل : وما يدل على أن ذلك كذلك ؟ قيل : الدال على ذلك أنه جل ثناؤه ابتدأ الخبرعن قدر لبثهم في كهفهم ابتداء، فقال " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا" ولم يضع ح دليلا على أن ذلك خبر منه عن قول قوم قالوه ، وغير جائز أن يضاف خبره عن شيء إلى أنه خبر عن غيره بغير برهان ، لأن ذلك لو جاز جاز في كل أخباره ، وإذا جاز ذلك في أخباره جاز في أخبار غيره أن يضاف إليه أنها أخباره ، وذلك قلب أعيان الحقائق وما لا يخيل فساده .
قوله تعالى : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا " هذا خير من الله تعالى عن مدة لبثهم .وفي قراءة ابن مسعود ( وقالوا لبثوا ) قال الطبري : إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مى لهم من المدة بعد الإعثار عليهم إلى مدة النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : إنهم لبثوا ثلثمائة سنة وتسع سنين ، فأخبر الله تعالى نبيه أن هذه المدة في كونهم نياماً ، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر . وفأمر الله تعالى أن يرد علم ذلك إليه . قال ابن عطية : فقوله على هذا ( لبثوا ) الأول يريد في نوم الكهف ، و(لبثوا ) الثاني يريد بعد الإعثار إلى مدة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأو إلى وقت عدمهم بالبلاء . مجاهد : إلى وقت نزول القرآن . الضحاك : إلى أن ماتوا . وقال بعضهم : إنه لما قال : " وازدادوا تسعا" لم يدر الناس أهي ساعات أم أيام أم جمع أم شهور أن أعوام . واختلف بنو إسرائيل بحسب ذلك ، فأمر الله تعالى برد العلم إليه في التسع ، فهي على هذا مبهمة . وظاهر كلام العرب المفهوم منه أنها أعوام ، والظاهر من أمرهم أنهم قاموا ودخلوا الكهف بعد عيسى بيسير وقد بقيت من الحواريين بقية . وقيل غير هذا على ما يأتي . قال القشيري : لا يفهم من التسع تسع ليال وتسع ساعات لسبق ذكر السنين ، كما تقول : عندي مائة درهم وخمسة ، والمفهوم منه خمسة دراهم . وقال أبو علي (وازدادوا تسعا ) أي ازدادوا لبث تسع ، فحذف . وقال الضحاك ، لما نزلت " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة " قالوا سنين أن شهور أم جمع أم أيام ، فأنزل الله عز وجل : " سنين " وحكى النقاش ما معناه أنهم لبثوا ثلثمائة سنة شمسية بحساب الأيام ، فلما كان الإخبار هنا للنبي العربي ذكرت التسع ، إذ المفهوم عنده من السنين القمرية ، وهذه الزيادة هي ما بين الحسابين . ونحوه ذكر الغزنوي . أي باختلاف سني الشمس والقمر ، لأنه يتفاوت في كل ثلاث وثلاثين وثلث سنة سنة فيكون في ثلثمائة تسع سنين . وقرأ الجمهور ( ثلثمائة سنين ) بتنوين مائة ونحب سنين ، على هذا بدلاً أو عطف بيان . وقيل : على التفسير والتمييز . و(سنين ) في موضع سنة . وقرأ حمزة و الكسائي بإضافة مائة إلى سنين ، وترك التنوين ، كأنهم جعلوا سنين بمنزلة سنة إذا المعننى بهما واحد . قال أبو علي : هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الأحاد نحو ثلثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى الجموع. وفي مصحف عبد الله(ثلمائة سنة ) وقرأ الضحاك ( ثلثماءة سنون )بالواو .وقرأ أبو عمرو بخلاف (تسعاً) بفتح التاء وقرأ الجمهور بكسرها .وقال الفراء و الكسائي و أبو عبيدة : التقدير ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة .
هذا خبر من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم منذ أرقدهم إلى أن بعثهم الله وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان, وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية, وهي الثلثمائة سنة بالشمسية, فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين, فلهذا قال: بعد ثلثمائة وازدادوا تسعاً. وقوله: "قل الله أعلم بما لبثوا" أي إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم في ذلك وتوقيف من الله تعالى فلا تتقدم فيه بشيء, بل قل في مثل هذا "الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض" أي لا يعلم ذلك إلا هو ومن أطلعه عليه من خلقه, وهذا الذي قلناه عليه غير واحد من علماء التفسير كمجاهد وغير واحد من السلف والخلف.
وقال قتادة في قوله: " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين " الاية, هذا قول أهل الكتاب, وقد رده الله تعالى بقوله: "قل الله أعلم بما لبثوا" قال: وفي قراءة عبد الله وقالوا: "ولبثوا", يعني أنه قاله الناس, وهكذا قال كما قال قتادة مطرف بن عبد الله , وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر, فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلثمائة سنة من غير تسع, يعنون بالشمسية, ولو كان الله قد حكى قولهم لما قال: وازدادوا تسعاً, والظاهر من الاية إنما هو إخبار من الله لا حكاية عنهم, وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله, ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة, ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور, فلا يحتج بها, والله أعلم.
وقوله: "أبصر به وأسمع" أي أنه لبصير بهم سميع لهم, قال ابن جرير : وذلك في معنى المبالغة في المدح, كأنه قيل: ما أبصره وأسمعه, وتأويل الكلام ما أبصر الله لكل موجود, وأسمعه لكل مسموع, لا يخفى عليه من ذلك شيء. ثم روي عن قتادة في قوله: "أبصر به وأسمع" فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع. وقال ابن زيد "أبصر به وأسمع" يرى أعمالهم ويسمع ذلك منهم سميعاً بصيراً. وقوله: "ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحداً" أي أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر, الذي لا معقب لحكمه, وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير, تعالى وتقدس.
25- " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا " قرأ الجمهور بتنوين مائة ونصب سنين، فيكون سنين على هذه القراءة بدلاً أو عطف بيان. وقال الفراء وأبو عبيدة والزجاج والكسائي: فيه تقديم وتأخير، والتقدير سنين ثلثمائة. ورجح الأول أبو علي الفارسي. وقرأ حمزة والكسائي بإضافة مائة إلى سنين، وعلى هذه القراءة تكون سنين تمييزاً على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز كقوله تعالى: "بالأخسرين أعمالاً" قال الفراء: ومن العرب من يضع سنين موضع سنة. قال أبو علي الفارسي: هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى المجموع وفي مصحف عبد الله ثلثمائة سنة. وقال الأخفش: لا تكاد العرب تقول مائة سنين. وقرأ الضحاك ثلثمائة سنون بالواو، وقرأ الجمهور "تسعاً" بكسر التاء، وقرأ أبو عمرو بفتحها، وهذا إخبار من الله سبحانه بمدة لبثهم. قال ابن جرير: إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدة بعد الإعثار عليهم، فقال بعضهم: إنهم لبثوا ثلثمائة سنة وتسع سنين، فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن هذه المدة في كونهم نياماً، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر.
25 - قوله عز وجل : " ولبثوا في كهفهم " ، يعني : أصحاب الكهف . قال بعضهم : هذا خبر عن أهل الكتاب أنهم قالوا ذلك . ولو كان خبراً من عند الله عز وجل عن قدر لبثهم لم يكن لقوله " قل الله أعلم بما لبثوا " وجه ، وهذا قول قتادة . ويدل عليه قراءة ابن مسعود " ولبثوا في كهفهم " ثم رد الله تعالى عليهم فقال : " قل الله أعلم بما لبثوا " .
وقال الآخرون : هذا إخبار من الله تعالى عن قدر لبثهم في الكهف وهو الأصح .
[ وأما قوله : " قل الله أعلم بما لبثوا " فمعناه : أن الأمر من مدة لبثهم ] كما ذكرنا ، فإن نازعوك فيها فأجبهم ، وقل : الله أعلم بما لبثوا ، أي : هو أعلم منكم ، وقد أخبرنا بمدة مكثهم .
وقيل: إن أهل الكتاب قالوا : إن هذه المدة من لدن دخلوا الكهف إلى يومنا هذا ثلثمائة وتسع سنين ، فرد الله عليهم وقال : " قل الله أعلم بما لبثوا " يعني : بعد قبض أرواحهم إلى يومنا هذا لا يعلمه إلا الله .
قوله تعالى : " ثلاث مائة سنين " قرأ حمزة و الكسائي ( ثلثمائة ) بلا تنوين ، وقرأ الآخرون بالتنوين .
فإن قيل : لم قال ثلثمائة سنين [ ولم يقل سنة ] .
قيل : نزل قوله : " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة " ـ فقالوا : أياماً أو شهوراً أو سنين ؟ فنزلت ( سنين ) .
قال الفراء : ومن العرب من يضع سنين في موضع سنة .
وقيل : معناه ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة .
" وازدادوا تسعاً " ، قال الكلبي : قالت نصارى نجران أما ثلثمائة فقد عرفنا ، وأما التسع فلا علم لنا بها فنزلت .
25."ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً" يعني لبثهم فيه أحياء مضروبا ً على آذانهم ، وهو بيان لما أجمل قبل .وقيل إنه حكاية كلام أهل الكتاب فإنهم اختلفوا في مدة لبثهم كما اختلفوا في عدتهم فقال بعضهم ثلاثمائة وقال بعضهم ثلثمائة وتسع سنين.وقرأ حمزة و الكسائي ثلاثمائة سنين بالإضافة على وضع الجمع موضع الواحد، ويحسنه ها هنا أن علامة الجمع فيه جبر لما حذف من الواحد وأن الأصل في العدد إضافته إلى الجمع ومن لم يضف أبدل السنين من ثلثمائة .
25. And (it is said) they tarried in their Cave three hundred years and add nine.
25 - So they stayed in their cave three hundred years, and (some) add nine (more)