24 - (هل أتاك) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (حديث ضيف إبراهيم المكرمين) وهي ملائكة إثنا عشر أو عشرة أو ثلاثة منهم جبريل
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، يخبره أنه محل بمن تمادى في غيه ، وأصر على كفره ، فلم يتب منه من كفار قومه ما أحل بمن قبلهم من الأمم الخالية ومذكرا قومه من قريش بإخباره إياهم أخبارهم وقصصهم وما فعل بهم : هل أتاك يا محمد حديث ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين .
يعني بقوله " المكرمين " كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " ضيف إبراهيم المكرمين " قال : أكرمهم إبراهيم وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ .
قوله تعالى " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين " ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ليبين بها أنه أهلك المكذب بآياته كما فعل بقوم لوط هل أتاك أي ألم يأتك وقيل هل بمعنى قد كقوله تعالى " هل أتى على الإنسان حين من الدهر "
وقد مضى الكلام في ضيف إبراهيم في هود والحجر "المكرمين" أي عند الله دليله قوله تعالى " بل عباد مكرمون " قال ابن عباس : يريد جبريل وميكائيل وإسرافيل زاد عثمان بن حصين ورفائيل عليه الصلاة والسلام وقال محمد بن كعب كان جبريل ومعه تسعة وقال عطاءوجماعة كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل ومعهما ملك آخر . قال ابن عباس : سماهم مكرمين لأنهم غير مذعورين . وقال مجاهد سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه . قال عبد الوهاب قال لي علي بن عياض : عندي هريسة ما رأيك فيها ؟ قلت : ما أحسن رأيي فيها قال : امض بنا فدخلت الدار فنادى الغلام فإذا هو غائب فما راعني إلا به ومعه القمقمة والطست وعلى عاتقه المنديل فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون لو علمت يا أبا الحسن أن الأمر هكذا قال : هون عليك فإنك عندنا مكرم والمكرم إنما يخدم بالنفس انظر إلى قوله تعالى " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين "
هذه القصة قد تقدمت في سورة هود والحجر أيضاً فقوله: "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" أي الذين أرصد لهم الكرامة, وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل, وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل. وقوله تعالى: "قالوا سلاماً قال سلام" الرفع أقوى وأثبت من النصب, فرده أفضل من التسليم ولهذا قال تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فالخليل اختار الأفضل, وقوله تعالى: "قوم منكرون" وذلك أن الملائكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قدموا عليه في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ولهذا قال: "قوم منكرون" وقوله عز وجل: "فراغ إلى أهله" أي انسل خفية في سرعة "فجاء بعجل سمين" أي من خيار ماله, وفي الاية الأخرى: "فما لبث أن جاء بعجل حنيذ" أي مشوي على الرضف "فقربه إليهم" أي أدناه منهم " قال ألا تأكلون " تلطف في العبارة وعرض حسن, وهذه الاية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة, ولم يمتن عليهم أولاً فقال: نأتيكم بطعام بل جاء به بسرعة وخفاء, وأتى بأفضل ما وجد من ماله, وهو عجل فتي سمين مشوي, فقربه إليهم لم يضعه وقال اقتربوا, بل وضعه بين أيديهم ولم يأمرهم أمراً يشق على سامعه بصيغة الجزم بل قال: "ألا تأكلون" على سبيل العرض والتلطف, كما يقول القائل اليوم إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق فافعل.
وقوله تعالى: "فأوجس منهم خيفة" هذا محال على ما تقدم في القصة في السورة الأخرى وهي قوله تعالى: " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت " أي استبشرت بهلاكهم لتمردهم وعتوهم على الله تعالى, فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ههنا: "وبشروه بغلام عليم" فالبشارة له هي بشارة لها. لأن الولد منهما فكل منهما بشر به. وقوله تعالى: "فأقبلت امرأته في صرة" أي في صرخة عظيمة ورنة, قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها " يا ويلتى " "فصكت وجهها" أي ضربت بيدها على جبينها قاله مجاهد وابن سابط, وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لطمت أي تعجباً كما تتعجب النساء من الأمر الغريب "وقالت عجوز عقيم" أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيماً لا أحبل ؟ "قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم" أي عليم بما تستحقون من الكرامة حكيم في أقواله وأفعاله.
قوله: 24- "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" ذكر سبحانه قصة إبراهيم ليبين أنه أهلك بسبب التكذيب من أهلك. وفي الاستفهام تنبيه على أن هذا الحديث ليس مما قد علم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه إنما علمه بطريق الوحي. وقيل إن هل بمعنى قد، كما في قوله: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر" والضيف مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة، وقد تقدم الكلام على قصة ضيف إبراهيم في سورة هود وسورة الحجر، والمراد بكونهم مكرمين: أنهم مكرمون عند الله سبحانه لأنه ملائكة جاءوا إليه في صورة بني آدم، كما قال تعالى في وصفهم في آية أخرى "بل عباد مكرمون" وقيل هم جبريل وميكائيل وإسرافيل. وقال مقاتل ومجاهد: أكرمهم إبراهيم وأحسن إليهم وقام على رؤوسهم، وكان لا يقوم على رؤوس الضيف، وأمر امراته أن تخدمهم. وقال الكلبي: أكرمهم بالعجل.
24. قوله عز وجل: " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم "، ذكرنا عددهم في سورة هود، " المكرمين "، [قيل: سماهم مكرمين] لأنهم كانوا ملائكة كراماً عند الله، وقد قال الله تعالى في وصفهم: " بل عباد مكرمون " (الأنبياء-26)، وقيل: لأنهم كانوا ضيف إبراهيم وكان إبراهيم أكرم الخليقة، وضيف الكران مكرمون.
وقيل: لأن إبراهيم عليه السلام أكرمهم بتعجيل قراهم، والقيام بنفسه عليهم بطلاقة الوجه.
وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : خدمته إياهم بنفسه.
وروي عن ابن عباس: سماهم مكرمين لأنهم جاؤوا غير مدعوين. وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ".
24-" هل أتاك حديث ضيف إبراهيم " فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه أوحي إليه ، والضيف في الأصل مصدر ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد . قيل كانوا اثني عشر ملكاً . وقيل ثلاثة جبريل و ميكائيل و إسرافيل ، وسماهم ضيفاً لأنهم كانوا في صورة الضيف . " المكرمين " أي مكرمين عند الله أو عند إبراهيم إذ خدمهم بنفسه و زوجته .
24. Hath the story of Abraham's honored guests reached thee (O Muhammad)?
24 - Has the story reached thee, of the honored guests of Abraham?