23 - (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها) منعموها مثل قول قومك (إنا وجدنا آباءنا على أمة) ملة (وإنا على آثارهم مقتدون) متبعون
يقول تعالى ذكره : وهكذا كما فعل هؤلاء المشركون من قريش فعل من قبلهم من أهل الكفر بالله ، وقالوا مثل قولهم ، لم نرسل من قبلك يا محمد في قرية ، يعني إلى أهلها رسلاً تنذرهم عقابنا على كفرهم بنا فأنذروهم وحذروهم سخطنا ، وحلول عقوبتنا بهم " إلا قال مترفوها " ، وهو رؤساؤهم وكبراؤهم .
كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " إلا قال مترفوها " قال رؤساؤهم وأشرافهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها " قادتهم ورؤوسهم في الشرك .
وقوله : " إنا وجدنا آباءنا على أمة " يقول : قالوا : إنا وجدنا آباءنا على ملة ودين " وإنا على آثارهم " يعني : وإنا على منهاجهم وطريقتهم مقتدون بفعلهم نفعل كالذي فعلوا ، ونعبد ما كانوا يعبدون ، يقول جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم : فإنما سلك مشركو قومك منهاج من قبلهم من إخوانهم من أهل الشرك بالله في إجابتهم إياك بما أجابوك به ، وردهم ما ردوا عليك من النصيحة ، واحتجاجهم بما احتجوا به لمقامهم على دينهم الباطل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " وإنا على آثارهم مقتدون " قال : بفعلهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وإنا على آثارهم مقتدون " فاتبعوهم على ذلك .
قوله تعالى : " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون "
يقول تعالى منكراً على المشركين في عبادتهم غير الله بلا برهان ولا دليل ولا حجة "أم آتيناهم كتاباً من قبله" أي من قبل شركهم "فهم به مستمسكون" أي فيما هم فيه ليس الأمر كذلك, كقوله عز وجل: "أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا به يشركون" أي لم يكن ذلك. ثم قال تعالى: "بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون" أي ليس لهم مستند فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الاباء والأجداد بأنهم كانوا على أمة, والمراد بها الدين ههنا. وفي قوله تبارك وتعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة" وقولهم: "وإنا على آثارهم" أي وراءهم "مهتدون" دعوى منهم بلا دليل. ثم بين جل وعلا أن مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم ونظراؤهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل, تشابهت قلوبهم فقالوا مثل مقالتهم "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون" وهكذا قال ههنا: "وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" ثم قال عز وجل: "قل" أي يا محمد لهؤلاء المشركين " أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون " أي لو علموا وتيقنوا صحة ما جئتم به لما انقادوا لذلك لسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله. قال الله تعالى: "فانتقمنا منهم" أي من الأمم المكذبة بأنواع من العذاب كما فصله تبارك وتعالى في قصصهم "فانظر كيف كان عاقبة المكذبين" أي كيف بادوا وهلكوا وكيف نجى الله المؤمنين.
ثم أخبر سبحانه أن غير هؤلاء من الكفار قد سبقهم إلى هذه المقالة وقال بها فقال: 23- "وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" مترفوها: أغنياؤها ورؤساؤها، قال قتادة: مقتدون متبعون، ومعنى الاهتداء والاقتداء متقارب، وخصص المترفين تنبيهاً على أن التنعم هو سبب إهمال النظر.
23. " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها "، أغنياؤها ورؤساؤها، " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون "، بهم.
23-" وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم ، وأن مقدميهم أيضاً لم يكن لهم سند منظور إليه ، وتخصيص المترفين إشعار بأن التنعم وحب البطالة صرفهم عن النظر إلى التقليد .
23. And even so We sent not a warner before thee (Muhammad) into any township but its luxurious ones said: Lo! we found our fathers following a religion, and we are following their footprints.
23 - Just in the same way, whenever We sent a Warner before thee to any people, the wealthy ones among them said: We found our fathers following a certain religion, and we will certainly follow in their footsteps.