23 - (ولقد آتينا موسى الكتاب) التوراة (فلا تكن في مرية) شك (من لقائه) وقد التقينا ليلة الاسراء (وجعلناه) موسى أو الكتاب (هدى) هاديا (لبني إسرائيل)
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التوراة، كما آتيناك الفرقان يا محمد " فلا تكن في مرية من لقائه " يقول: فلا تكن في شك من لقائه، فكان قتادة يقول: معنى ذلك: فلا تكن في شك من أنك لقيته، أو تلقاه ليلة أسري بك، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية الرياحي، قال: حدثنا ابن عم نبيكم، يعني ابن عباس، قال: قال نبي الله الله صلى الله عليه وسلم: " أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً آدم طوالاً جعداً، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس، ورأيت مالكاً خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه، فلا تكن في مرية من لقائه أنه قد رأى موسى ولقي موسى ليلة أسري به ".
وقوله " وجعلناه هدى لبني إسرائيل " يقول تعالى ذكره: وجعلنا موسى هدى لبني إسرائيل، يعني: رشاداً لهم يرشدون باتباعه، ويصيبون الحق بالاقتداء به، والائتمام بقوله.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وجعلناه هدى لبني إسرائيل " قال: جعل الله موسى هدى لنبي إسرائيل.
قوله تعالى: "ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه" أي فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى، قاله ابن عباس. وقد لقيه ليلة الإسراء. قتادة: المعنى فلا تكن في شك من أنك ليقته ليلة الإسرا. والمعنى واحد. وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة، وستلقاه فيها. وقيل: فلا تكن في شك في لقاء موسى الكتاب بالقبول، قاله مجاهد والزجاج. وعن الحسن أنه قال في معناه: "ولقد آتينا موسى الكتاب" فأوذي وكذب، فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى، فالهاء عائدة على محذوف، والمعنى من لقاء ما لاقى. النحاس: وهذا قول غريب، إلا أنه من رواية عمر بن عبيد. وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: قل يتوفاكم ملك الموتت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه، فجاء معترضاً بني "ولقد آتينا موسى الكتاب" وبين "وجعلناه هدى لبني إسرائيل". والضمير في وجعلناه فيه وجهان: أحدهما: جعلنا موسى، قاله قتادة. الثاني: جعلنا الكتاب، قاله الحسن.
يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه آتاه الكتاب, وهو التوراة, وقوله تعالى: "فلا تكن في مرية من لقائه" قال قتادة : يعني به ليلة الإسراء, ثم روي عن أبي العالية الرياحي قال: حدثني ابن عم نبيكم, يعني ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة, ورأيت عيسى رجلاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض, سبط الرأس, ورأيت مالكاً خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه ""فلا تكن في مرية من لقائه" أنه قد رأى موسى ولقي موسى ليلة أسري به.
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , حدثنا الحسن بن علي الحلواني , حدثنا روح بن عبادة . حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية , عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "وجعلناه هدى لبني إسرائيل" قال: جعل موسى هدى لبني إسرائيل, وفي قوله "فلا تكن في مرية من لقائه" قال: من لقاء موسى ربه عز وجل. وقوله تعالى: "وجعلناه" أي الكتاب الذي آتيناه "هدى لبني إسرائيل" كما قال تعالى في سورة الإسراء " وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا من دوني وكيلا ".
وقوله: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" أي لما كانوا صابرين على أوامر الله, وترك زواجره, وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به, كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله, ويدعون إلى الخير, ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا, سلبوا ذلك المقام, وصارت قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه, فلا عملاً صالحاً ولا اعتقاداً صحيحاً, ولهذا قوله تعالى: "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب" قال قتادة وسفيان : لما صبروا عن الدنيا وكذلك قال الحسن بن صالح قال سفيان : هكذا كان هؤلاء, ولا ينبغي للرجل أن يكون إماماً يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا قال وكيع : قال سفيان : لا بد للدين من العلم, كما لا بد للجسد من الخبز. وقال ابن بنت الشافعي : قرأ أبي على عمي أو عمي على أبي : سئل سفيان عن قول علي رضي الله عنه: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ألم تسمع قوله "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا" قال: لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوساء. قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ولهذا قال تعالى: " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر " الاية, كما قال هنا "إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" أي من الاعتقادات والأعمال.
قوله: 23- "ولقد آتينا موسى الكتاب" أي التوراة "فلا تكن" يا محمد "في مرية" أي شك وريبة "من لقائه" قال الواحدي: قال المفسرون: وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيلقى موسى قبل أن يموت، ثم لقيه في السماء أو في بيت المقدس حين أسري به. وهذا قول مجاهد والكلبي والسدي. وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه فيها. وقيل فلا تكن في شك من لقاء موسى للكتاب قاله الزجاج: وقال الحسن: إن معناه: ولقد آتينا موسى الكتاب فكذ وأوذي، فلا تكن في شك من أنه سليقاك ما لقيه من التكذيب والأذى فيكون الضمير في لقائه على هذا عائداً على محذوف، والمعنى: من لقاء ما لاقى موسى. قال النحاس: وهذا قول غريب. وقيل في الكلام تقدير وتأخير، والمعنى: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، فلا تكن في مرية من لقائه، فجاء معترضاً بين "ولقد آتينا موسى الكتاب" وبين "وجعلناه هدىً لبني إسرائيل" وقيل الضمير راجع إلى الكتاب الذي هو الفرقان كقوله: "وإنك لتلقى القرآن" والمعنى: إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ونظيره، وما أبعد هذا، ولعل الحامل لقائله عليه قوله: "وجعلناه هدىً لبني إسرائيل" فإن الضمير راجع إلى الكتاب، وقيل إن الضمير في لقائه عائد إلى الرجوع المفهوم من قوله: "ثم إلى ربكم ترجعون" أي لا تكن في مرية من لقاء الرجوع وهذا بعيد أيضاً.
واختلف في الضمير في قوله وجعلناه فقيل هو راجع إلى الكتاب: أي جعلنا التوراة هدىً لبني إسرائيل، قاله الحسن وغيره. وقال قتادة: إنه راجع إلى موسى: أي وجعلنا موسى هدىً لبني إسرائيل.
23- "ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه"، يعني: فلا تكن في شك من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس وغيره.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن بشار، أخبرنا غندر، عن شعبة، عن قتادة رحمه الله قال: وقال لي حذيفة، أخبرنا يزيد بن زريع، أخبرنا سعيد عن قتادة، عن أبي العالية قال: أخبرنا ابن عم نبيكم -يعني ابن عباس- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسري بي موسى رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلاً مربوعاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض، سبط/ الرأس، ورأيت مالكاً خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله إياه فلا تكن في مرية من لقائه".
أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، خبرنا عبد الله المحاملي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزاز، أخبرنا محمد بن يونس، أخبرنا عمر بن حبيب القاضي، أخبرنا سليمان التيمي، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أسري بي إلى السماء رأيت موسى يصلي في قبره".
وروينا في المعراج أنه رآه في السماء السادسة ومراجعته في أمر الصلاة.
قال السدي: فلا تكن في مرية من لقائه، أي: من تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول.
23ـ " ولقد آتينا موسى الكتاب " كما آتيناك . " فلا تكن في مرية " في شك . " من لقائه " من لقائك الكتاب كقوله : " إنك لتلقى القرآن " فإنا آتيناك من الكتاب مثل ما آتيناه منه فليس ذلك ببدع لم يكن قط حتى ترتاب فيه ، أو من لقاء موسى للكتاب أو من لقائك موسى . " وعنه عليه الصلاة والسلام رأيت ليلة أسري بي موسى صلى الله عليه وسلم رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة " .
" وجعلناه " أي المنزل على موسى . " هدًى لبني إسرائيل " .
23. We verily gave Moses the Scripture; so be not ye in doubt of his receiving it; and We appointed it a guidance for the Children of Israel.
23 - We did indeed aforetime give the Book to Moses: be not then in doubt of its reaching (thee): and We made it a guide to the Children of Israel.