22 - (إلا المصلين) أي المؤمنين
وقوله " إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون " يقول : إلا الذين يطيعون الله بأداء ما افترض عليهم من الصلاة، وهم على أداء ذلك مقيمون لا يضيعون منها شيئا ، فإن أولئك غير داخلين في عداد من خلق هلوعا ، وهو مع ذلك بربه كافر لا يصلي لله .
وقيل : عنى بقول " إلا المصلين " المؤمنون الذين كانوا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل عني به كل من صلى الخمس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ،قال : ثنا عند الرحمن و مؤمل ، قالا : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم "الذين هم على صلاتهم دائمون " قال : المكتوبة .
حدثني زريق بن السخب ، قال : ثنا معاوية بن عمرو ، قال : ثنا زائدة ، عن منصور ، عن إبراهيم " الذين هم على صلاتهم دائمون " قال : الصلوات الخمس .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله " إن الإنسان خلق هلوعا " إلى قوله " دائمون " ذكر لنا أن دانيال نعت أنة محمد صلى الله عليه وسلم قال : يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا ، أو عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم ، أو ثمود ما أخذتهم الصيحة، فعليكم بالصلاة فإنها خلق للمؤ منين حسن .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم " على صلاتهم دائمون " قال : الصلاة المكتوب.
حدثني يونس ،قال : أخبرنا ابن الوهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " الذين هم على صلاتهم دائمون " قال : هؤلاء المؤمنون الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم على صلاتهم دائمون .
قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا حيوة عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير أنه سأل عقبة بن عامر الجهني ، عن " الذين هم على صلاتهم دائمون " قال : هم الذين إذا صلوأ لم يلتفتوا خلفهم ، ولا عن أيمانهم ، ولاعن سمائلهم .
حدثني العباس بن الوليد ، قال : أخبرني أبي ، قال: ثنا الأوزاعي ، قال :ثني يحيى بن أبي كثير ، قال : ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : " حدثتني عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال :حذوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا قالت وكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما داوم عليه " ، قال : يقول أبو سلمة : إن الله يقول " الذين هم على صلاتهم دائمون " .
قوله تعالى: "إلا المصلين" دل على أن ما قبله في الكفار، فالإنسان اسم جنس بدليل الاستثناء الذي يعقبه، كقوله تعالى: "إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا" العصر:2-3 . قال النخعي: المراد بالمصلين الذين يؤدون الصلاة المكتوبة. ابن مسعود: الذين يصلونهم لوقتها، فأما تركها فكفر . وقيل: هم الصحابة. وقيل: هم المؤمنون عامة، فإنهم يغلبون فرط الجزع يثقتهم بربهم ويقينهم.
يقول تعالى مخبراً عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة "إن الإنسان خلق هلوعاً" ثم فسره بقوله: "إذا مسه الشر جزوعاً" أي إذا مسه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب, وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير "وإذا مسه الخير منوعاً" أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره, ومنع حق الله تعالى فيها. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا موسى بن علي بن رباح , سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شر ما في رجل: شح هالع وجبن خالع" ورواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز عنده سواه ثم قال تعالى: "إلا المصلين" أي الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم, إلا من عصمه الله ووفقه وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه وهم المصلون.
"الذين هم على صلاتهم دائمون" قيل: معناه يحافظون على أوقاتها وواجباتها, قاله ابن مسعود ومسروق وإبراهيم النخعي , وقيل: المراد بالدوام ههنا السكون والخشوع كقوله تعالى: " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون " قاله عقبة بن عامر : ومنه الماء الدائم وهو الساكن الراكد, وهذا يدل على وجوب الطمأنينة في الصلاة فإن الذي لا يطمئن في ركوعه وسجوده ليس بدائم على صلاته, لأنه لم يسكن فيها ولم يدم بل ينقرها نقر الغراب فلا يفلح في صلاته, وقيل: المراد بذلك الذين إذا عملوا عملاً داوموا عليه وأثبتوه كما جاء في
الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" وفي لفظ "ما دام عليه صاحبه" قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً داوم عليه, وفي لفظ أثبته, وقال قتادة في قوله تعالى: "الذين هم على صلاتهم دائمون" ذكر لنا أن دانيال عليه السلام نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال: يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا, أو قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم, أو ثمود ما أخذتهم الصيحة, فعليكم بالصلاة فإنها خلق للمؤمنين حسن.
وقوله تعالى: "والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم" أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات, وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الذاريات. وقوله تعالى: "والذين يصدقون بيوم الدين" أي يوقنون بالمعاد والحساب والجزاء فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب. ولهذا قال تعالى: "والذين هم من عذاب ربهم مشفقون" أي خائفون وجلون "إن عذاب ربهم غير مأمون" أي لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره إلا بأمان من الله تبارك وتعالى. وقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون" أي يكفونها عن الحرام ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله فيه ولهذا قال تعالى: "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" أي من الإماء "فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" وقد تقدم تفسير هذا في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" بما أغنى عن إعادته ههنا. وقوله تعالى: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا, وإذا عاهدوا لم يغدروا, وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين كما ورد في الحديث الصحيح "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وفي رواية "إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر" وقوله تعالى: "والذين هم بشهاداتهم قائمون" أي محافظون عليها لا يزيدون فيها ولا ينقصون منها ولا يكتمونها "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".
ثم قال تعالى: "والذين هم على صلاتهم يحافظون" أي على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها, فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها كما تقدم في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" سواء ولهذا قال هناك: "أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون" وقال ههنا: "أولئك في جنات مكرمون" أي مكرمون بأنواع الملاذ والمسار.
22- "إلا المصلين" أي المقيمين للصلاة، وقيل المراد بهم أهل التوحيد: يعني أنهم ليسوا على تلك الصفات من الهلع، والجزع، والمنع، وأنهم على صفات محمودة وخلال مرضية، لأن إيمانهم وما تمسكوا به من التوحيد ودين الحق يزجرهم عن الاتصاف بتلك الصفات، ويحملهم على الاتصاف بصفات الخير.
ثم استثنى فقال: 22- "إلا المصلين"، استثنى الجمع من الوحدان لأن الإنسان في معنى الجمع كقوله: " إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا ".
22-" إلا المصلين " استثناء للوصوفين بالصفات المذكورة بعد من المطبوعين على الأحوال المذكورة قبل لمضادة تلك الصفات لها من حيث إنها داله على الاستغراق في طاعة الحق والإشفاق على الخلق والإيمان بالجزاء والخوف من العقوبة وكسر الشهوة وإيثار الآجل على العاجل وتلك ناشئة من الانهماك في حب العاجل وقصور النظر عليها .
22. Save worshippers
22 - Not so those devoted to Prayer;