22 - (و) اذكر (يوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا) توبيخا (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) أنهم شركاء الله
قال أبو جعفر يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء المفترين على الله كذبا والمكذبين بآياته ، لا يفلحون اليوم في الدنيا، ولا يوم نحشرهم جميعاً-يعني : ولا في الآخرة.
ففي الكلام محذوف قد استغني بذكر ما ظهر عما حذف . وتأويل الكلام : إنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا، "ويوم نحشرهم جميعا"، فقوله : "ويوم نحشرهم"، مردود على المراد في الكلام . لأنه وإن كان محذوفا منه ، فكأنه فيه ، لمعرفة السامعين بمعناه ، "ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم"، يقول : ثم نقول ، إذا حشرنا هؤلاء المفترين على الله الكذب ، بادعائهم له في سلطانه شريكا، والمكذبين بآياته ورسله ، فجمعنا جميعهم يوم القيامة، "أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون"، أنهم لكم آلهة من دون الله ، افتراء وكذباً، وتدعونهم من دونه أرباباً؟ فأتوا بهم إن كنتم صادقين!
ثم استأنف فقال: " ويوم نحشرهم جميعا" على معنى واذكر يوم نحشرهم وقيل معناه أنه لا يفلح الظالمون في الدنيا ولا يوم نحشرهم فلا يوقف على هذا التقدير على قوله الظالمون لأنه متصل وقيل : هو متعلق بما بعده وهو انظر أي انظر كيف كذبوا يوم نحشرهم أي كيف يكذبون يوم نحشرهم " ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم " سؤال إفضاح لا إفصاح " الذين كنتم تزعمون " أي في أهم شفعاء لهم عند الله بزعمكم ، وأنها تقربكم منه زلفى وهذا توبيخ له مقال ابن عباس: كل زعم في القرآن فهو كذب .
يقول تعالى مخبراً عن المشركين "ويوم نحشرهم جميعاً" يوم القيامة, فيسألهم عن الأصنام والأنداد, التي كانوا يعبدونها من دونه, قائلاً لهم "أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون" كقوله تعالى في سورة القصص "ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون" وقوله تعالى: "ثم لم تكن فتنتهم" أي حجتهم وقال عطاء الخراساني عنه: أي معذرتهم, وكذا قال قتادة. وقال ابن جريج, عن ابن عباس: أي قيلهم وكذا قال الضحاك وقال عطاء الخراساني, "ثم لم تكن فتنتهم" بليتهم حين ابتلوا "إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين" وقال جرير: والصواب ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم, اعتذاراً عما سلف منهم من الشرك بالله, " إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا أبو يحيى الرازي, عن عمرو ابن أبي قيس, عن مطرف, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: يا ابن عباس, سمعت الله يقول "والله ربنا ما كنا مشركين" قال أما قوله "والله ربنا ما كنا مشركين" فإنهم رأوا أنه لا يدخل الجنة, إلا أهل الصلاة, فقالوا: تعالوا فلنجحد فيجحدون, فيختم الله على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم, ولا يكتمون الله حديثاً, فهل في قلبك الان شيء ؟ إنه ليس من القرآن إلا ونزل فيه شيء ولكن لا تعلمون وجهه. وقال الضحاك عن ابن عباس: هذه في المنافقين, وفيه نظر, فإن هذه الاية مكية, والمنافقون إنما كانوا بالمدينة, والتي نزلت في المنافقين آية المجادلة "يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له", الاية, وهكذا قال في حق هؤلاء "انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون" كقوله " ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله قالوا ضلوا عنا " الاية. وقوله "ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها" أي يجيئون ليستمعوا قراءتك, ولا تجزي عنهم شيئاً لأن الله " وجعلنا على قلوبهم أكنة " أي أغطية, لئلا يفقهوا القرآن "وفي آذانهم وقراً" أي صمماً عن السماع النافع لهم, كما قال تعالى: "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" الاية, وقوله "وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها" أي مهما رأوا من الايات والدلالات والحجج البينات والبراهين, لا يؤمنوا بها فلا فهم عندهم ولا إنصاف, كقوله تعالى: "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم" الاية. وقوله تعالى: " حتى إذا جاؤوك يجادلونك " أي يحاجونك ويناظرونك, في الحق بالباطل, "يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين" أي ما هذا الذي جئت به, إلا مأخوذاً من كتب الأوائل, ومنقول عنهم, وقوله "وهم ينهون عنه وينأون عنه" في معنى ينهون عنه قولان, (أحدهما): أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق وتصديق الرسول والانقياد للقرآن, "وينأون عنه" أي ويبعدون هم عنه, فيجمعون بين الفعلين القبيحين, لا ينتفعون ولا يدعون أحداً ينتفع, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وهم ينهون عنه" يردون الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم, أن يؤمنوا به. وقال محمد بن الحنفية: كان كفار قريش لا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم وينهون عنه, وكذا قال قتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد, وهذا القول أظهر, والله أعلم, وهو اختيار ابن جرير (والقول الثاني) رواه سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت, عمن سمع ابن عباس يقول في قوله "وهم ينهون عنه" قال: نزلت في أبي طالب, كان ينهى الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذى, وكذا قال القاسم بن مخيمرة, وحبيب بن أبي ثابت, وعطاء بن دينار, وغيره, أنها نزلت في أبي طالب وقال سعيد بن أبي هلال: نزلت في عمومة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا عشرة, فكانوا أشد الناس معه في العلانية, وأشد الناس عليه في السر, رواه ابن أبي حاتم, وقال محمد بن كعب القرظي "وهم ينهون عنه" أي ينهون الناس عن قتله, وقوله "وينأون عنه" أي يتباعدون منه "وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون" أي وما يهلكون بهذا الصنيع, ولا يعود وباله إلا عليهم, وهم لا يشعرون.
قوله: 22- "ويوم نحشرهم" قرأ الجمهور بالنون في الفعلين، وقرئ بالياء فيهما، وناصب الظرف محذوف مقدر متأخراً: أي يوم نحشرهم كان كيت وكيت، والاستفهام في "أين شركاؤكم" للتقريع والتوبيخ للمشركين. وأضاف الشركاء إليهم، لأنها لم تكن شركاء لله في الحقيقة بل لما سموها شركاء أضيفت إليهم، وهي ما كانوا يعبدونه من دون الله أو يعبدونه مع الله. قوله: "الذين كنتم تزعمون" أي تزعمونها شركاء، فحذف المفعولان معاً، ووجه التوبيخ بهذا الاستفهام أن معبوداتهم غابت عنهم في تلك الحال أو كانت حاضرة ولكن لا ينتفعون بها بوجه من الوجوه، فكان وجودها كعدمها.
22- " ويوم نحشرهم جميعاً "، أي: العابدين والمعبودين، يعني: يوم القيامة، قرأ يعقوب " يحشرهم " هاهنا، وفي سبأ بالياء، ووافق حفص في سبأ، وقرأ الآخرون بالنون،" ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون "، أنها تشفع لكم عند ربكم.
22- " ويوم نحشرهم جميعاً " منصوب بمضمر تهويلاً للأمر. " ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم " أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء الله، وقرأ يعقوب (يحشرهم) ويقول بالباء. " الذين كنتم تزعمون " أي تزعمونهم شركاء، فحذف المفعولان والمراد من الاستفهام التوبيخ، ولعله يحال بينهم وبين آلهتهم حينئذ ليفقدوها في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها. ويحتمل أن يشاهدوهم ولكن لما لم ينفعوهم فكأنهم غيب عنهم .
22. And on the Day We gather them together We shall say unto those who ascribed partners (unto Allah): Where are (now) those partners of your make believe?
22 - One day shall we gather them all together: we shall say to those who ascribed partners (to us): where are the partners whom ye (invented and) talked about?