21 - (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما) وعلما (وجعلني من المرسلين)
وقوله " ففررت منكم لما خفتكم" ، يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل موسى لفرعون: " ففررت منكم " معشر الملأ من قولم فرعون " لما خفتكم " أن تقتلوني بقتلي القتيل منكم " فوهب لي ربي حكما " يقول : فوهب لي ربي نبوة وهي الحكم .
كما حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " فوهب لي ربي حكما " والحكم : النبوة .
وقوله " وجعلني من المرسلين " يقول : وألحقني بعداد من أرسله إلى خلقه ، مبلغا عنه رسالته إليهم بإرساله إياي إليك يا فرعون .
قوله تعالى : " ففررت منكم لما خفتكم " أي خرجت من بينكم إلى مدين كما في سورة ( القصص ) : " فخرج منها خائفا يترقب " [ القصص : 21] وذلك حين القتل . " فوهب لي ربي حكما " يعني النبوة ، عن السدي وغيره . الزجاج : تعليم التوراة التي فيها حكم الله وقيل : علماً وفهماً . " وجعلني من المرسلين " .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
21- "ففررت منكم لما خفتكم" أي خرجت من بينكم إلى مدين كما في سورة القصص "فوهب لي ربي حكماً" أي نبوة أو علماً وفهماً. وقال الزجاج: المراد بالحكم تعليمه التوراة التي فيها حكم الله "وجعلني من المرسلين".
21- "ففررت منكم لما خفتكم"، إلى مدين، "فوهب لي ربي حكماً"، يعني النبوة، وقال مقاتل: يعني العلم والفهم، "وجعلني من المرسلين".
21 -" ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً " حكمة . " وجعلني من المرسلين " رد أولاً بذلك ما وبخه به قدحاً في نبوته ثم كر على ما عد عليه من النعمة ولم يصرح برده لأنه كان صدقاً غير قادح في دعواه ، بل نبه على أنه كان في الحقيقة نقمة لكونه مسبباً عنها فقال :
21. Then I fled from you when I feared you, and my Lord vouchsafed me a command and appointed me (of the number) of those sent (by Him).
21 - So I fled from you (all) when I feared you; but my Lord has (since) invested me with judgment (and wisdom) and appointed me as one of the apostles.