20 - (إلا) لكن فعل ذلك (ابتغاء وجه ربه الأعلى) أي طلب ثواب الله
قوله : " إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " .
فنزلت :" وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء" أي لكن ابتعاء، فهو استثناء منقطع، فلذلك نصبت. كقولك: ما في الدار أحد إلا حماراً. ويجوز الرفع. وقرأ يحيى بن وثاب (إلا ابتغاء وجه ربه) بالرفع، على لغة من يقول: يجوز الرفع في المستثنى. وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي حازم:
أضحت خلاء قفاراً لا أنيس بها إلا الجآذر والظلمان تختلف
وقول القائل:
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
وفي التنزيل :" ما فعلوه إلا قليل منهم"[النساء:66] وقد تقدم." وجه ربه الأعلى" أي مرضاته وما يقرب منه. و(الأعلى) من نعت الرب الذي استحق صفات العلو. ويجوز أن يكون(ابتغاء وجه ربه) مفعولاً له عل المعنى، لأن معنى الكلام: لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه، لا لمكافأة نعمته.
قال قتادة : "إن علينا للهدى" أي نبين الحلال والحرام, وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى الله وجعله كقوله تعالى: "وعلى الله قصد السبيل" حكاه ابن جرير , وقوله تعالى: " وإن لنا للآخرة والأولى " أي الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما وقوله تعالى: "فأنذرتكم ناراً تلظى" قال مجاهد : أي توهج. قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن سماك بن حرب , سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: أنذرتكم النار حتى لو أن رجلاً كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا, قال: حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه " . وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثني شعبة , حدثني أبو إسحاق , سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه". رواه البخاري .
وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل, ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً". وقوله تعالى: "لا يصلاها إلا الأشقى" أي لا يدخلها دخولاً يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى ثم فسره فقال: "الذي كذب" أي بقلبه "وتولى" أي عن العمل بجوارحه وأركانه.
قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا عبد ربه بن سعيد عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار إلا شقي قيل: ومن الشقي ؟ قال: الذي لا يعمل بطاعة ولا يترك لله معصية".
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس وسريج قالا: حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى قالوا: ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" رواه البخاري عن محمد بن سنان عن فليح به.
وقوله تعالى: "وسيجنبها الأتقى" أي وسيزحزح عن النار التقي النقي ثم فسره بقوله: "الذي يؤتي ماله يتزكى" أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا "وما لأحد عنده من نعمة تجزى" أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً, فهو يعطي في مقابلة ذلك وإنما دفعه ذلك "ابتغاء وجه ربه الأعلى" أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الاخرة في روضات الجنات قال الله تعالى:"ولسوف يرضى" أي ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات, وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الايات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه, حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك, ولا شك أنه داخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها العموم, وهو قوله تعالى: " وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى " ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة, فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالاً لأمواله في طاعة مولاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم, ولم يكن لأحد من الناس عنده منة يحتاج إلى أن يكافئه بها, ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل, ولهذا قال له عروة بن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية: أما والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك, وكان الصديق قد أغلظ له في المقالة, فإن كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل فكيف بمن عداهم, ولهذا قال تعالى: " وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى* ولسوف يرضى ". وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة يا عبد الله هذا خير فقال أبو بكر : يا رسول الله ما على من يدعى منها ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد ؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم" , آخر تفسير سورة الليل ولله الحمد والمنة.
20- "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى" قرأ الجمهور "إلا ابتغاء" بالنصب ويجوز أن يكون منصوباً على أنه مفعول له على المعنى: أي لا يؤتي إلا لابتغاء وجه ربه الأعلى، ويجوز أن يكون منصوباً على أنه مفعول على التأويل: أي ما أعطيتك ابتغاء جزائك بل ابتغاء وجه الله، وقرأ يحيى بن وثاب بالرفع على البدل من محل نعمة، لأن محلها الرفع إما على الفاعلية وإما على الابتداء، ومن مزيدة، والرفع لغة تميم، لأنهم يجوزون البدل في المنقطع ويجرونه مجرى المتصل. قال مكي: وأجاز الفراء الرفع في ابتغاء على البدل من موضع نعمة، وهو بعيد. قال شهاب الدين: كأنه لم يطلع عليها قراءة، واستبعاده هو البعيد فإنها لغة فاشية، وقرأ الجمهور أيضاً ابتغاء بمالد، وقرأ ابن أبي عبلة بالقصر والأعلى نعت للرب.
20- "إلا"، لكن "ابتغاء وجه ربه الأعلى"، يعني: لا يفعل ذلك مجازاة لأحد بيد له عنده، ولكنه يفعله وجه ربه الأعلى وطلب رضاه.
20-" إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " استثناء منقطع أو متصل عن محذوف مثل لا يؤتى إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة .
20. Except as seeking (to fulfil) the purpose of his Lord Most High.
20 - But only the desire to seek for the Countenance of their Lord Most High;