20 - (والله يقضي بالحق والذين يدعون) يعبدون أي كفار مكة بالياء والتاء (من دونه) وهم الأصنام (لا يقضون بشيء) فكيف يكونون شركاء الله (إن الله هو السميع) لأقوالهم (البصير) بأفعالهم
وقوله : " والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء " يقول : والأوثان والآلهة التي يعبدها هؤلاء المشركون بالله من قومك من دونه لا يقضون بشيء ، لأنها لا تعلم شيئاً ، ولا تقدر على شيء . يقول جل ثناؤه لهم : فاعبدوا الذي يقدر على كل شيء ، ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، فيجزي محسنكم بالإحسان والمسيء بالإساءة ، لا ما لا يقدر على شيء ولا يعلم شيئاً ، فيعرف المحسن من المسيء ، فيثيب المحسن ويعاقب المسيء .
وقوله : " إن الله هو السميع البصير " يقول : إن الله هو السميع لما تنطق به ألسنتكم أيها الناس ، البصير بما تفعلون من الأفعال ، محيط بكل ذلك محصيه عليكم ، ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء .
واختلف القراء في قراءة قوله : " والذين يدعون من دونه " فقرأ ذلك عامة قراء المدينة < والذين تدعون من دونه > بالتاء على وجه الخطاب . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة بالباء على وجه الحبر .
و الصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأالقارىء فمصيب .
قوله تعالى : " والله يقضي بالحق " أي يجازي من غض بصرره عن المحارم ، ومن نظر إليها ، ومن عزم على مواقعة الفواحش إذا قدر عليها . " والذين يدعون من دونه " يعني الأوثان " لا يقضون بشيء " لأنها لا تعلم شيئاً ولا تقدر عليه ولا تملك . وقراءة العامة بالياء على لخبر عن الظالمين وهي اختيار أبي عبيد و أبي حاتم . وقرأ نافع و شيبة و هشام : ( تدعون ) بالتاء ) " إن الله هو السميع البصير " ( هو) زائدة فاصلة . ويجوز أن تكون في موضع رفع بالابتداء وما بعدها خبر والجملة إن .
يوم الازفة اسم من أسماء يوم القيامة وسميت بذلك لاقترابها كما قال تعالى: " أزفت الآزفة * ليس لها من دون الله كاشفة " وقال عز وجل: "اقتربت الساعة وانشق القمر" وقال جل وعلا: "اقترب للناس حسابهم" وقال: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" وقال جل جلاله: "فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا" الاية. وقوله تبارك وتعالى: "إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين" قال قتادة وقفت القلوب في الحناجر من الخوف فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها, وكذا قال عكرمة والسدي وغير واحد, ومعنى كاظمين أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً" وقال ابن جريج "كاظمين" أي باكين. وقوله سبحانه وتعالى: "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع" أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ولا شفيع يشفع فيهم بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير. وقوله تعالى: "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء جليلها وحقيرها, صغيرها وكبيرها, دقيقها ولطيفها ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء ويتقوه حق تقواه, ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم وفيهم المرأة الحسناء أو تمر به وبهم المرأة الحسناء فإذا غفلوا لحظ إليها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظ فإذا فطنوا غض, وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها. رواه ابن أبي حاتم, وقال الضحاك "خائنة الأعين" هو الغمز وقول الرجل رأيت ولم ير. أو لم أر وقد رأى. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريد الخيانة أم لا ؟ وكذا قال مجاهد وقتادة, وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "وما تخفي الصدور" يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا ؟ وقال السدي "وما تخفي الصدور" أي من الوسوسة.
وقوله عز وجل: "والله يقضي بالحق" أي يحكم بالعدل, قال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: "والله يقضي بالحق" قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة "إن الله هو السميع البصير" وهذا الذي فسر به ابن عباس رضي الله عنهما هذه الاية كقوله تبارك وتعالى: " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " وقوله جل وعلا: "والذين يدعون من دونه" أي من الأصنام والأوثان والأنداد "لا يقضون بشيء" أي لا يملكون شيئاً ولا يحكمون بشيء "إن الله هو السميع البصير" أي سميع لأقوال خلقه بصير بهم فيهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الحاكم العادل في جميع ذلك.
20- "والله يقضي بالحق" فيجازي كل أحد بما يستحقه من خير وشر "والذين تدعون من دونه" أي تعبدونهم من دون الله "لا يقضون بشيء" لأنهم لا يعلمون شيئاً ولا يقدرون على شيء: قرأ الجمهور "يدعون" بالتحتية يعني الظالمين، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم، وقرأ نافع وشيبة وهشام بالفوقية على الخطاب لهم "إن الله هو السميع البصير" فلا يخفى عليه من المسموعات والمبصرات خافية.
وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله: "أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" قال: هي مثل التي في البقرة "كنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم" كانوا أمواتاً في صلب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم أماتهم ثم يحييهم بعد الموت. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كنتم تراباً قبل أن يخلقكم، فهذه ميتة، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة، فهما موتتان وحياتان كقوله: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم" الآية. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "يوم التلاق" قال: يوم القيامة يلتقي فيه آدم وآخر ولده. وأخرج عنه أيضاً قال: "يوم التلاق" يوم الآزفة، ونحو هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية عنه أيضاً قال: ينادي مناد بين يدي الساعة: يا أيها الناس أتتكم الساعة، فيسمعها الأحياء والأموات، وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار". وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال "يجمع الله الخلق يوم القيامة بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط، فأول ما يتكلم أن ينادي مناد "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار". "اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب" فأول ما يبديه من الخصومات الدماء". وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" قال: الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها، وإذا غفلوا لحظ إليها، وإذا نظروا غض بصره عنها، وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أن ينظر إلى عورتها. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب عنه في الآية قال: إذا نظر إليها يريد الخيانة أم لا "وما تخفي الصدور" قال: إذا قدر عليها أيزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالتي تليها "والله يقضي بالحق" قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة. وأخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد قال: "لما كان يوم فتح مكة أمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم وإن وجتموهم متعلقين بأستار الكعبة، منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فاختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به، فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى بيعته، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقول إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ فقالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك؟ فقال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين".
20. " والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه "، [يعني الأوثان]، " لا يقضون بشيء "، لأنها لا تعلم شيئاً ولا تقدر على شيء، قرأ نافع [وابن عامر]: (( تدعون ))، بالتاء، وقرأ الآخرون بالياء. " إن الله هو السميع البصير ".
20-" والله يقضي بالحق " لأنه المالك الحاكم على الإطلاق فلا يقضي بشيء إلا وهو حقه " والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء " تهكم بهم لأن الجماد لا يقال فيه إنه يقضي أو لا يقضي . وقرأ نافع و هشام بالتاء على الالتفات أو إضمار قل " إن الله هو السميع البصير " تقرير لعلمه بـ" خائنة الأعين " وقضائه بالحق ووعيد لهم ما يقولون ويفعلون ، وتعريض بحال ما " يدعون من دونه " .
20. Allah judgeth with truth, while those to whom they cry instead of Him judge not at all. Lo! Allah, He is the Nearer, the Seer.
20 - And God will judge with (justice and) Truth: but those whom (men) invoke besides Him, will not (be in a position) to judge at all. Verily it is God (alone) who hears and sees (all things).