20 - (قال) موسى (فعلتها إذا) حينئذ (وأنا من الضالين) عما آتاني الله من بعدها من العلم والرسالة
يقول تعالى ذكره : قال موسى لفرعون : فعلت تلك الفعلة التي فعلت : أي قتلت تلك النفس التي قتلت إذن وأنا من الضالين : يقول : وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتله عليى . والعرب تضع الضلال موضع الجهل ، والجهل موضع الضلال ، فتقول : قد جهل فلان الطريق وضل الطريق ، بمعنى واحد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وأنا من الضالين " قال : من الجاهلين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . قال ابن جريج : وفي قراءة ابن مسعود وأنا من الجاهلين .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة " وأنا من الضالين " قال : من الجاهلين .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " وأنت من الكافرين " فقال موسى : لم أكفر ، ولكن فعلتها وأنا من الضالين . وفي حرف ابن مسعود فعلتها إذا وأنا من الجاهلين .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " قال فعلتها إذا وأنا من الضالين " قبل أن يأتيني من الله شيء كان قتلي إياه ضلالة خطأ . قال : والضلالة ههنا الخطأ ، لم يقل ضلالة فيما بينه وبين الله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " قال فعلتها إذا وأنا من الضالين " يقول : وأنا من الجاهلين .
قوله تعالى : فـ" قال فعلتها إذا " أي فعلت تلك الفعلة يريد قتل القبطي ( وأنا )( إذ ) " من الضالين " أي من الجاهلين ، فنفى عن نفسه الكفر ، وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل . وكذا قال مجاهد ، " من الضالين " من الجاهلين . ابن زيد : من الجاهلين بأن الوكزة تبلغ القتل . وفي مصحف عبد الله " من الجاهلين " ويقال لمن جهل شيئاً ضل عنه . وقيل : " وأنا من الضالين " من الناسين ، قاله أبو عبيدة . وقيل : ( وأنا من الضالين )عن النبوة ولم يأتني عن الله فيه شيء ، فليس علي فيما فعلته في تلك الحالة توبيخ . وبين بهذا أن التربية فيهم لا تنافي النبوة والحلم على الناس ، وأن القتل خطأ أو في وقت لم يكن فيه شرع لا ينافي النبوة .
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام حين ناداه من جانب الطور الأيمن, وكلمه وناجاه, وأرسله واصطفاه, وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه, ولهذا قال تعالى: " أن ائت القوم الظالمين * قوم فرعون ألا يتقون * قال رب إني أخاف أن يكذبون * ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون * ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " هذه أعذار سأل الله إزاحتها عنه, كما قال في سورة طه " قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري " إلى قوله " قد أوتيت سؤلك يا موسى ".
وقوله تعالى: "ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون" أي بسبب قتل ذلك القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر "قال كلا" أي قال الله له: لا تخف من شيء من ذلك كقوله " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " "فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون" كقوله " إنني معكما أسمع وأرى " أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي " فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " كقوله في الاية الأخرى "إنا رسولا ربك" أي كل منا أرسل إليك "أن أرسل معنا بني إسرائيل" أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك, فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون, وهم معك في العذاب المهين, فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية, ونظر إليه بعين الازدراء والغمص, فقال "ألم نربك فينا وليداً" الاية, أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا, وأنعمنا عليه مدة من السنين, ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلاً, وجحدت نعمتنا عليك, ولهذا قال "وأنت من الكافرين" أي الجاحدين. قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , واختاره ابن جرير , "قال فعلتها إذاً" أي في تلك الحال "وأنا من الضالين" أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم "وأنا من الضالين" أي الجاهلين. قال ابن جريج : وهو كذلك في قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين" الاية, أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر, فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت, وإن خالفته عطبت, ثم قال موسى "وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل" أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيداً وخدماً تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك, أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم, أي ليس ما ذكرته شيئاً بالنسبة إلى ما فعلت بهم.
20- " قال فعلتها إذا وأنا من الضالين " أي قال موسى مجيباً لفرعون: فعلت هذه الفعلة التي ذكرت، وهي قتل القبطي وأنا إذ ذاك من الضالين: أي الجاهلين، فنفى عليه السلام عن نفسه الكفر، وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل قبل أن يأتيه العلم الذي علمه الله. وقيل المعنى: من الجاهلين أن تلك الوكزة تبلغ القتل. وقال أبو عبيدة: من الناسين.
20- "قال"،موسى، "فعلتها إذاً"، أي: فعلت ما فعلت حينئذ، "وأنا من الضالين"، أي: من الجاهلين، أي: لم يأتني من الله شيء. وقيل: من الجاهلين بأن ذلك يؤدي إلى قتله. وقيل: من الضالين عن طريق الصواب من غير تعمد. وقيل: من المخطئين.
20 -" قال فعلتها إذاً وأنا من الضالين " من الجاهلين وقد قرئ به ، والمعنى من الفاعلين فعل أولي الجهل والسفه ، أو من الخاطئين لأنه لم يتعمد قتله ، أو من الذاهلين عما يؤول إليه الوكز لأنه أراد به التأديب ، أو الناسين من قوله تعالى : " أن تضل إحداهما " .
20. He said: I did it then, when I was of those who are astray.
20 - Moses said: I did it then, when I was in error.