2 - (هو الذي بعث في الأميين) العرب والامي من لا يكتب ولا يقرأ كتابا (رسولا منهم) هو محمد صلى الله عليه وسلم (يتلوا عليهم آياته) القرآن (ويزكيهم) يطهرهم من الشرك (ويعلمهم الكتاب) القرآن (والحكمة) ما فيه من الأحكام (وإن) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي وإنهم (كانوا من قبل) مجيئه (لفي ضلال مبين) بين
يقول تعالى ذكره : الله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ، فقوله هو كناية من اسم الله ، والأميون : هم العرب ، وقد بينا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأمي أمي .
وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " قال : العرب .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثوري يحدث لا أعلمه إلا عن مجاهد أنه قال " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته " : العرب .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " قال : كان هذا الحي من العرب أمة أمية ، ليس فيها كتاب يقرءونه ، فبعث الله نبيه محمداً رحمة وهدى يهديهم به .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " قال : كانت هذه الأمة أمية لا يقرءون كتاباً .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " قال : إنما سميت أمة محمد صلى الله عليه وسلم الأميين ، لأنه لم ينزل عليهم كتاباً ، وقال جل ثناؤه " رسولا منهم " يعني من الأميين ، وإنما قال منهم ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم كان أمياً ، وظهر من العرب .
وقوله : " يتلو عليهم آياته " يقول جل ثناؤه : يقرأ على هؤلاء الأميين آيات الله التي أنزلها عليه " ويزكيهم " يقول : ويطهرهم من دنس الكفر .
وقوله " ويعلمهم الكتاب " يقول : ويعلمهم كتاب الله ، وما فيه من أمر الله ونهيه ، وشرائع دينه " والحكمة " يعني بالحكمة : السنن .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ويعلمهم الكتاب والحكمة " أي السنة .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قال " ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " أيضاً كما علم هؤلاء يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة ، ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأولين ، وقرأ قول الله عز وجل " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان " [ التوبة : 100 ] ، ممن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة ، قال : وقد جعل الله فيهم سابقين ، وقرأ قول الله عز وجل ( والسابقون الأولون أولئك المقربون ) [ الواقعة : 10 ] ، وقال : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) [ الواقعة : 13 ] ، فثلة من الأولين سابقون ، وقليل سابقون ، وقليل السابقون من الآخرين ، وقرأ ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ) [ الواقعة : 27 ] ، حتى بلغ ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) [ الواقعة : 39 ] ، أيضاً قال : والسابقون من الأولين أكثر وهم الآخرين قليل ، وقرأ " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " [ الحشر : 10 ] ، قال : هؤلاء من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة .
وقوله " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " يقول تعالى ذكره : وقد كان هؤلاء الأميون من قبل أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم في جور عن قصد السبيل ، وأخذ على غير هدى مبين ، يقول : يبين لمن تأمله أنه ضلال وجور عن الحق وطريق الرشد .
قوله تعالى : " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " قال ابن عباس : الأميون العرب كلهم ، من كتب منهم ومن لم يكتم ، لأنهم لم يكونو أهل كتاب .
وقيل : الأميون الذين لا يكتبون . وكذلك كانت قريش . وروى منصور عن إبراهيم قال : الأمي الذين يقرأ ولا يكتب وقد مضى في البقرة . " رسولا منهم " يعني محمد صلى الله عليه وسلم .وما من حي من العرب إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة وقد ولدوه . قال ابن إسحاق : إلا حي تغلب ، فإن الله تعالى طهر نبيه صلى الله عليه وسلم منه لنصرانيتهم ، فلم يجعل لهم عليه ولادة . وكان أميا لم يقرأ من كتاب ولم يتعلم صلى الله عليه وسلم . قال الماوردي : فإن قيل ما وجه الامتنان بأن بعث نبيا أميا ؟ فالجواب عنه من ثلاث أوجه : أحدها - لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء . الثاني - لمشاكلة حاله لأحوالهم، فيكون أقرب إلى موافقتهم . الثالث - لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعى إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها .
قلت : وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته.
قوله تعالى :" يتلو عليهم آياته " يعني القرآن " ويزكيهم " أي يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان ، قاله ابن عباس . وقيل : يطهرهم من دنس الكفر والذنوب ، قاله ابن جريج ومقاتل .وقال السدي : يأخذ زكاة أموالهم " ويعلمهم الكتاب " يعني القرآن "والحكمة " السنة ،قاله الحسن وقال ابن عباس : الكتاب الخط بالقلم ، لأن الخط فشا في العرب بالشرع لما أمروا بقييده بالخط .وقالم مالك بن أنس : الحكمة الفقه في الدين . وقد مضى القول في هذا في البقرة ." وإن كانوا من قبل " أين من قبله وقبل أن يرسل إليهم . " لفي ضلال مبين " أي في ذهاب عن الحق .
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات وما في الأرض, أي من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها, كما قال تعالى: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده" ثم قال تعالى: "الملك القدوس" أي هو مالك السموات والأرض المتصرف فيهما بحكمه, وهو المقدس, أي المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال "العزيز الحكيم" تقدم تفسيرهما غير مرة. وقوله تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم" الأميون هم العرب, كما قال تعالى: "وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد" وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم, ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر, كما قال تعالى في قوله: "وإنه لذكر لك ولقومك" وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به, وكذا قال تعالى: " وأنذر عشيرتك الأقربين " وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً" وقوله: "لأنذركم به ومن بلغ" وقوله تعالى إخباراً عن القرآن: "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده" إلى غير ذلك من الايات الدالة على عموم بعثته, صلوات الله وسلامه عليه, إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم, وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام بالايات والأحاديث الصحيحة, ولله الحمد والمنة.
وهذه الاية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم, حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم, يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة, فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة على حين فترة من الرسل وطموس من السبل, وقد اشتدت الحاجة إليه, وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب, أي نزراً يسيراً ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام, ولهذا قال تعالى: "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" وذلك أن العرب كانوا قديماً متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام, فبدلوه وغيروه وقلبوه وخالفوه واستبدلوا بالتوحيد شركاً وباليقين شكاً, وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله, وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها, فبعث الله محمداً صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق, فيه هدايتهم والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم, والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ورضا الله عنهم, والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله تعالى حاكم فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب في الأصول والفروع, وجمع له تعالى وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله وأعطاه ما لم يعط أحداً من الأولين ولا يعطيه أحداً من الاخرين, فصلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.
وقوله تعالى: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم" قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله, حدثنا سليمان بن بلال عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" قالوا: من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثاً, وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال ـ أو رجل ـ من هؤلاء" ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق, عن ثور بن زيد الديلي عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة به, ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية وعلى عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس, لأنه فسر قوله تعالى: "وآخرين منهم" بفارس, ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم, يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى اتباع ما جاء به, ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله تعالى: "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" قال: هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي, حدثنا الوليد بن مسلم, حدثنا أبو محمد عيسى ابن موسى عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" ثم قرأ: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" يعني بقية من بقي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: "وهو العزيز الحكيم" أي: ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره, وقوله تعالى: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" يعني ما أعطاه الله محمداً صلى الله عليه وسلم من النبوة العظيمة وما خص به أمته من بعثته صلى الله عليه وسلم إليهم.
2- "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم" المراد بالأميين العرب، من كان يحسن الكتابة منهم ومن لا يحسنها، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب، والأمي في الأصل الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، وكان غالب العرب كذلك، وقد مضي بيان معنى الأمي في سورة البقرة، ومعنى منهم من أنفسهم ومن جنسهم ومن جملتهم وما كان حي من أحياء العرب إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، ووجه الامتنان بكونه منهم أن ذلك أقرب إلى الموافقة لأن الجنس أميل إلى جنسه وأقرب إليه " يتلو عليهم آياته " يعني القرآن مع كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولا تعلم ذلك من أحد، والجملة صفة لرسولاً، وكذا قوله: "ويزكيهم" قال ابن جريح ومقاتل: أي يطهرهم من دنس الكفر والذنوب، وقال السدي: يأخذ زكاة أموالهم، وقيل يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان "ويعلمهم الكتاب والحكمة" هذه صفة ثالثة لرسولا، والمراد بالكتاب القرآن، وبالحكمة السنة، كذا قال الحسن. وقيل الكتاب الخط بالقلم، والحكمة الفقه في الدين، كذا قال مالك بن أنس "وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" أي وإن كانوا من قبل بعثته فيهم في شرك وذهاب عن الحق.
2- "هو الذي بعث في الأميين"، يعني العرب كانت أمة أمية لا تكتب ولا تقرأ "رسولاً منهم"، يعني محمد صلى الله عليه وسلم نسبه نسبهم ولسانه لسانهم ليكون أبلغ في إقامة الحجة عليهم " يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين "، أي ما كانوا قبل بعثة الرسول إلا في ضلال مبين يعبدون الأوثان.
2-" هو الذي بعث في الأميين " أي في العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون . " رسولاً منهم " من جملتهم أمياً مثلهم . " يتلو عليهم آياته " من كونه أمياً مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم " ويزكيهم " من خبائث العقائد والأعمال " ويعلمهم الكتاب والحكمة " القرآن والشريعة ، أو معالم الدين من المنقول والمعقول ، ولو لم يكن له سواه معجزة لكفاه . " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " من الشرك وخبث الجاهلية ، وهو بيان لشدة احتياجهم إلى نبي يرشدهم ،وإزاحة لما يتوهم أن الرسول تعلم ذلك من معلم ، و " إن " هي المخففة واللام تدل عليها .
2. He it is Who hath sent among the unlettered ones a messenger of their own, to recite unto them His revelations and to make them grow, and to teach them the Scripture and Wisdom, though heretofore they were indeed in error manifest,
2 - It is He Who has sent amongst the Unlettered an apostle from among themselves, to rehearse to them His Signs, to sanctify them, and to instruct them, and to instruct them in Scripture and Wisdom, although they had been, before in manifest error;