19 - (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) عمل عملها اللائق بها (وهو مؤمن) حال (فأولئك كان سعيهم مشكورا) عند الله أي مقبولا مثابا عليه
يقول تعالى ذكره : من أراد الاخرة وإياها طلب ، ولها عمل عملها، الذي هو طاعة الله وما يرضيه عنه. وأضاف السعي إلى الهاء والألف ، وهي كناية عن الاخرة، فقال : وسعى للآخرة سعي الاخرة، ومعناه : وعمل لها عملها لمعرفة السامعين بمعنى ذلك ، وأن معناه : وسعى لها سعيه لها وهو مؤمن ، يقول : هو مؤمن مصدق بثواب الله ، وعظيم جزائه على سعيه لها، غير مكذب به تكذيب من أراد العاجلة، يقول الله جل ثناؤه : " فأولئك " يعني : فمن فعل ذلك " كان سعيهم " يعني عملهم بطاعة الله " مشكورا" وشكر الله إياهم على سعيهم ذلك حسن جزائه لهم على أعمالهم الصالحة، وتجاوزه لهم عن سيئها برحمته .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا" شكر الله حسناتهم ، وتجاوز عن سيئاتهم.
" ومن أراد الآخرة " أي الدار الآخرة ." وسعى لها سعيها " أي عمل لها عملها من الطاعات . " وهو مؤمن " لأن الطاعات لا تقبل إلا من مؤمن . " فأولئك كان سعيهم مشكورا " أي مقبولا غير مردود . وقيل : مضاعفا ، أي تضاعف لهم الحسنات إلى عشر ، وإلى سبعين وإلى سبعمائة ضعف وإلى أضعاف كثيرة ، كما روي عن أبي هريرة وقد قيل له :
أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة فقال سمعته يقول : " إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة " .
يخبر تعالى أنه ما كل من طلب الدنيا وما فيها من النعيم يحصل عليه, بل إنما يحصل لمن أراد الله وما يشاء, وهذه مقيدة لإطلاق ما سواها من الايات, فإنه قال: "عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم" أي في الدار الاخرة "يصلاها" أي يدخلها حتى تغمره من جميع جوانبه "مذموماً" أي في حال كونه مذموماً على سوء تصرفه وصنيعه, إذ اختار الفاني على الباقي "مدحوراً" مبعداً مقصياً ذليلاً مهاناً.
روى الإمام أحمد : حدثنا حسين , حدثنا رويد عن أبي إسحاق , عن زرعة عن عائشة رضي الله عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا دار من لا دار له, ومال من لا مال له, ولها يجمع من لا عقل له". وقوله: " ومن أراد الآخرة " أي أراد الدار الاخرة وما فيها من النعيم والسرور "وسعى لها سعيها" أي طلب ذلك من طريقه وهو متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم "وهو مؤمن" أي قلبه مؤمن, أي مصدق بالثواب والجزاء "فأولئك كان سعيهم مشكوراً".
ولهذا قال: 19- "ومن أراد الآخرة" أي أراد بأعماله الدار الآخرة "وسعى لها سعيها" أي السعي الحقيقي بها اللائق بطالبها، وهو الإتيان بما أمر به وترك ما نهي عنه خالصاً لله غير مشوب. وكان الإتيان به على القانون الشرعي من دون ابتداع ولا هوى "وهو مؤمن" بالله إيماناً صحيحاً، لأن العمل الصالح لا يستحق صاحبه الجزاء عليه إلا إذا كان من المؤمنين "إنما يتقبل الله من المتقين" والجملة في محل نصب على الحال، والإشارة بقوله: "فأولئك" إلى المريدين للآخرة الساعين لها سعيها وخبره "كان سعيهم مشكوراً" عند الله: أي مقبولاً غير مردود، وقيل مضافاً إلى أضعاف كثيرة، فقد اعتبر سبحانه في كون السعي مشكوراً أموراً ثلاثة: الأول إرادة الآخرة. الثاني أن يسعى لها السعي الذي يحق لها. والثالث أن يكون مؤمناً.
19 - " ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها " ، عمل عملها،" وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً " ، مقبولاً .
19."ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها"حقها من السعي وهو الإتيان بما أمر به ، والانتهاء عما نهى عنه لا التقرب بما يخترعون بآرائهم . وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص."وهو مؤمن"إيماناً صحيحاً لا شرك معه ولا تكذيب فإنه العمدة. "فأولئك"الجامعون للشروط الثلاثة ."كان سعيهم مشكوراً "من الله تعالى أي مقبولاً عنده مثاباً عليه،فإن شكر الله الثواب على الطاعة.
19. And whoso desireth the Hereafter and striveth for it with the effort necessary, being a believer; for such, their effort findeth favor (with their Lord).
19 - Those who do wish for the (things of) the hereafter, and strive therefor with all due striving, and have faith, they are the ones whose striving is acceptable (to God).