184 - (واتقوا الذي خلقكم والجبلة) الخليقة (الأولين)
يقول تعالى ذكره : " واتقوا " أيها القوم عقاب ربكم " الذي خلقكم و " خلق " الجبلة الأولين " يعني بالجبلة : الخلق الأولين . وفي الجبلة للعرب لغتان : كسر الجيم والباء وتشديد اللام ، وضم الجيم والباء وتشديد اللام ، فإذا نزعت الهاء من آخرها كان الضم في الجيم والباء أكثر كما قال جل ثناؤه " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا " يس : 62 وربما سكنوا الباء من الجبل ، كما قال أبو ذؤيب :
منايا يقربن الحتوف لأهلها جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل
وبنحو ما قلنا في معنى الجبلة قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : قوله " واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين " يقول : خلق الأولين .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " والجبلة الأولين " قال : الخليقة .
حدثني يونس ، قال :أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " والجبلة الأولين " قال : الخلق الأولين ، الجبلة : الخلق .
وقوله " قالوا إنما أنت من المسحرين " يقول : قالوا : إنما أنت يا شعيب معلل تعلل بالطعام والشراب ، كما تعلل بهما ، ولست ملكا " وما أنت إلا بشر مثلنا " تأكل وتشرب " وإن نظنك لمن الكاذبين " يقول : وما نحسبك فينا تخبرنا وتدعونا إليه ، إلا ممن يكذب فيما يقول ، فإن كنت صادقا فيما تقول بأنك رسول الله كما تزعم " فأسقط علينا كسفا من السماء " يعني قطعا من السماء ، وهي جمع كسفة ، جمع كذلك كما تجمع تمرة تمرا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " كسفا " يقول : قطعا .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول، في قوله " كسفا من السماء " : جانبا من السماء .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " فأسقط علينا كسفا من السماء " قال : ناحية من السماء ، عذاب ذلك الكسف .
قوله تعالى : " واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين " . قال مجاهد : الجبلة هي الخليقة . وجبل فلان على كذا أي خلق ، فالخلق جبلة وجبلة وجبلة وجبلة وجبلة ذكره النحاس في ( معني القرآن ). و( الجبلة ) عطف على الكاف والميم . قال الهروي : الجلة والجبلة والجبل والجبل والجبل لغات ، وهو الجمع ذو العدد الكثير من الناس ، ومنه قوله تعالى : " جبلا كثيرا " [ يس : 62] قال النحاس في كتاب ( إعراب القرآن ) له ويقال جبلة والجمع فيهما جبال ، وتحذف الضمة والكسرة من الباء وكذلك التشديد من اللام ، فيقال : جبلة وجبل ، ويقال : جبلة وجبال ، وتحذف الهاء من هذا كله وقرأ الحسن باختلاف عنه : ( والجبلة الأولين ) بضم الجيم والباء ، وروي عن شيبة و الأعرج . الباقون بالكسر . قال :
والموت أعظم حادث فيما يمر على الجبله
يأمرهم الله تعالى بإيفاء المكيال والميزان, وينهاهم عن التطفيف فيهما, فقال "أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين" أي إذا دفعتم للناس فكملوا الكيل لهم, ولا تبخسوا الكيل فتعطوه ناقصاً, وتأخذوه إذا كان لكم تاماً وافياً, ولكن خذوا كما تعطون, وأعطوا كما تأخذون "وزنوا بالقسطاس المستقيم" والقسطاس هو الميزان, وقيل هو القبان. قال بعضهم: هو معرب من الرومية. قال مجاهد : القسطاس المستقيم هو العدل بالرومية. وقال قتادة القسطاس العدل. وقوله "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" أي لا تنقصوهم أموالهم "ولا تعثوا في الأرض مفسدين" يعني قطع الطريق, كما قال في الاية الأخرى "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون".
وقوله "واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين" يخوفهم بأس الله الذي خلقهم وخلق آباءهم الأوائل, كما قال موسى عليه السلام "ربكم ورب آبائكم الأولين" قال ابن عباس ومجاهد والسدي وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم "والجبلة الأولين" يقول: خلق الأولين وقرأ ابن زيد "ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً".
184- " واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين " قرأ الجمهور بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ أبو حصين والأعمش والحسن والأعرج وشيبة بضمهما وتشديد اللام، وقرأ السلمي بفتح الجيم مع سكون الباء، والجبلة الخليقة قاله مجاهد وغيره: يعني الأمم المتقدمة، يقال، جبل فلان على كذا: أي خلق. قال النحاس: الخلق يقال له جبلة بكسر الحرفية الأولين وبضمهما مع تشديد اللام فيهما وبضم الجيم وسكون الباء وضمه فتحها، قال الهروي: الجبلة والجبلة والجبل والجبل لغات، وهو الجمع ذو العدد الكثير من الناس، ومنه قوله تعالى: "جبلاً كثيرًا" أي خلقاً كثيراً، ومن ذلك قول الشاعر:
والموت أعظم حادث فيما يمر على الجبلة
184- "واتقوا الذي خلقكم والجبلة"، الخليقة، "الأولين"، يعني: الأمم المتقدمين، والجبلة: الخلق، يقال: جبل أي: خلق.
184 -" واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين " وذوي الجبلة الأولين يعني من تقدمهم من الخلائق .
184. And keep your duty unto Him Who created you and the generations of the men of old.
184 - And fear Him Who created you and (Who created) the generations before (you).