18 - (ونجينا) منها (الذين آمنوا وكانوا يتقون)
وقوله : " نجينا الذين آمنوا " يقول : ونجينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذهم بكفرهم بالله ، الذين وحدوا الله ، وصدقوا رسله : " وكانوا يتقون " يقول : وكانوا يخافون الله أن يحل بهم من العقوبة على كفرهم لو كفروا ما حل بالذين هلكوا منهم ، فآمنوا بلقاء الله وخوف وعيده ، وصدقوا رسله ، وخلعوا الآلهة والأنداد .
قوله تعالى : " ونجينا الذين آمنوا " يعني صالحاً ومن آمن به ، أي ميزناهم عن الكفار ، فلم يحل بهم ما حل بالكفار ، وهكذا يا محمد نفعل بمؤمني قومك وكفارهم .
يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله تعالى فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم كما حلت بالأمم الماضين من المكذبين بالمرسلين "صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود" أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما " إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم " كقوله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه" أي في القرى المجاورة لبلادهم بعث الله إليهم الرسل يأمرون بعبادة الله وحده لا شريك له ومبشرين ومنذرين, ورأوا ما أحل الله بأعدائه من النقم, وما ألبس أولياءه من النعم, ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا: "لو شاء ربنا لأنزل ملائكة" أي لو أرسل الله رسلاً لكانوا ملائكة من عنده "فإنا بما أرسلتم به" أي أيها البشر "كافرون" أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا قال الله تعالى: "فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق" أي بغوا وعتوا وعصوا "وقالوا من أشد منا قوة ؟" أي منوا بشدة تركيبهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله " أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة " أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها وأن بطشه شديد كما قال عز وجل: "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" فبارزوا الجبار بالعداوة وجحدوا بآياته وعصوا رسله فلهذا قال: "فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً" قال بعضهم وهي شديدة الهبوب, وقيل الباردة. وقيل هي التي لها صوت والحق أنها متصفة بجميع ذلك فإنها كانت ريحاً شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم وكانت باردة شديدة البرد جداً كقوله تعالى: "بريح صرصر عاتية" أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج, ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صرصراً لقوة صوت جريه. وقوله تعالى: "في أيام نحسات" أي متتابعات "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" وكقوله: "في يوم نحس مستمر" أي ابتدأوا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس "سبع ليال وثمانية أيام حسوماً" حتى أبادهم عن آخرهم واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الاخرة ولهذا قال: " لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى " أي أشد خزياً لهم "وهم لا ينصرون" أي في الاخرة كما لم ينصروا في الدنيا وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال, وقوله عز وجل: "وأما ثمود فهديناهم" قال ابن عباس رضي الله عنهما وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد: بينا لهم, وقال الثوري دعوناهم "فاستحبوا العمى على الهدى" أي بصرناهم وبينا لهم ووضحنا لهم الحق على لسان نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم "فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" أي بعث الله عليهم صيحة ورجفة وذلاً وهواناً وعذاباً ونكالاً "بما كانوا يكسبون" أي من التكذيب والجحود "ونجينا الذين آمنوا" أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ولا نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بتقواهم لله عز وجل.
18- "ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون" وهم صالح ومن معه من المؤمنين فإن الله نجاهم من ذلك العذاب.
18. " ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "
18-" ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون " من تلك الصاعقة .
18. And We delivered those who believed and used to keep their duty to Allah.
18 - But We delivered those who believed and practised righteousness.